رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الإدارية العليا»: فصل إمام مسجد نصب على المواطنين في عهد «المحظورة»

جريدة الدستور

- المتهم حصل أموال المواطنين لتعيينهم فى الأوقاف مقابل ضم المساجد للوزارة
- المتهم حُكم بحبسه فى أبريل 2013 وجماعة الإخوان الإرهابية أحرقت القضية في محكمة ديروط


كشفت المحكمة الإدارية العليا في حكم لها، اليوم الأربعاء، عن استغلال الدين والمتاجرة به في عهد الجماعة الإرهابية، وقضت بتوقيع عقوبة الفصل من الخدمة على إمام وخطيب مسجد فى ديروط بأسيوط نصب على المواطنين فى عهد الجماعة المحظورة بتحصيل أموال لتعيينهم فى الأوقاف ومقابل ضم المساجد للوزارة.

وحكم بحبسه فى أبريل 2013 فى القضية رقم 3737 لسنة 2013 ج ديروط، وجماعة الإخوان الإرهابية أحرقت القضية ومحكمة ديروط ذاتها بعد ثورة 30 يونيه 2013، وفي ديسمبر 2013 أصر وزير الأوقاف على تقديمه للمحاكمة التأديبية التى قضت محكمة أول درجة فى سبتمبر 2016 بفصله من الخدمة، وطعن إمام المسجد على الحكم وكان المستشار محمد خفاجي هو المقرر فيه وحسمته المحكمة الإدارية العليا اليوم بحكم بات ونهائي، بفصله نهائيا من الأوقاف وشئون الدعوة وعدم اعتلائه المنبر فى أى بقعة من أرض مصر الطيبة.

صدر الحكم برئاسة المستشار عادل بريك، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين، صلاح هلال والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، ونبيل عطالله، وأحمد ماهر، نواب رئيس مجلس الدولة.

و قالت المحكمة أن دور إمام المسجد عظيم في الإسلام وفى حياة المجتمعات المسلمة، فهو يبين للناس ما شرع لهم من تعاليم الإسلام الحنيف ما يحفظ سلوكهم في واقعها، ويثبت عقيدتها في أفرادها، ويجدد رسالتها في أجيالها، وينشر العلم بأحكامها ويبث الوعي بقضاياها، فقد شرعت إمامة خطبة صلاة الجمعة لتكون بمثابة صمام الأمان للحفاظ على التذكير والتواصل مع المجتمع المسلم بجميع أفراده، سواء في مجال إحياء إيمانه أو حسن صلته بربه أو تنظيم علاقته بالحياة والأحياء من حوله.

وأضافت المحكمة أنه إذا كان من مهام خطيب المسجد تذكير النّاس بربّهم، وتعليمهم أمر دينهم، وإبراز دور المسلم في الحياة، وعلاج مشكلاتهم وتقويمها، فإنه من باب أولى يتعين أن يتوافر في إمام وخطيب المسجد من عظيم الخصال ما تهدي النّفوس الثائرة، وتثير حماسة النّفوس الفاترة، فترفع الحقّ، وتخفض الباطل، بلسان الهداية، حتى يتخذه الناس قدوة ومثلا، فتتحول عادات الناس وتفتح أبواب الأمل والتوبة وتطفأ ثائرة الفتن تُهز بها أعواد المنابرحيث يلتقي المسلمون في مساجدهم لسماعها.

ويصدرون متأثرين بكلماتها ومعانيها، قد أخذوا حظهم من الدعوة للخير والتحذير من الآثام والشر، حتى غدا عمل الإمام والخطيب دورا فعالا في صياغة سلوك الناس والتأثير عليهم في يوم الجمعة جمعًا لقلوبهم، وتوحيدًا لكلمتهم، وتعليمًا لجاهلهم، وتنبيهًا لغافلهم، وردًّا لشاردهم، وإيقاظا للهمم، وشحذًا للعزائم، وتبصيرًا للمسلمين بحقائق دينهم وعقيدتهم، ومكايد عدوهم، وما يجب عليهم، وما لا يسعهم جهله؛ وتثبيتًا لهم جميعًا على تعظيم حرمات الله.

وذكرت المحكمة أن الثابت بالأوراق أن المخالفات المنسوبة إلى الطاعن "إ. ع" بوصفه إمام وخطيب بإدارة أوقاف شمال ديروط بأسيوط، أنه فى عام 2012 أوهم المواطن "ب. ر" المقيم بقرية قلاش بديروط بقدرته على تعيينه بوزارة الأوقاف على خلاف الحقيقة وحصَل منه على مبلغ 23 ألف جنيه تنفيذا لوعده وحرر عنه ايصال أمانة.

وبدد المبلغ سالف الذكر وصدر بسببه الحكم بحبسه ستة أشهر فى القضية رقم 3737 لسنة 2013 جنح ديروط بجلسة 1842013، وهى ثابتة فى حقه ثبوتًا يقينيا بشهادة الشهود ممن سمعت شهادتهم بقيام المواطن المذكور بتسليم الطاعن المبلغ سالف الذكر من أجل توظيفه بالأوقاف ولم يقم بتعيينه.

وأشارت المحكمة أنه ثبت من الأوراق أن القضية رقم 3737 لسنة 2013 جنح ديروط بجلسة 1842013 التى ارتكبها الطاعن أثناء تولى الجماعة المحظورة حكم البلاد، قد تم حرقها ضمن حرق عدد من المقار القضائية بأسيوط ومنها محكمة ديروط بأسيوط ومحكمة ساحل سليم وإشعال النيران فى نادى القضاة بمدينة أسيوط وغيرها من أعمال العنف والتخريب، الذى ارتكبته الجماعة الإرهابية ضمن أعمال شغب يوم 14 أغسطس 2013 عقب قيام ثورة 30 يونيه 2013.

واختتمت المحكمة أن مدير أوقاف شمال ديروط شهد أن الطاعن قد اشتهر عنه فى تلك الفترة كثرة خلافاته مع الأهالى بناحية نجع مبارك محل عمله، بسبب ما أشيع عنه حصوله على مبالغ مالية من المواطنين بحجة تعيينهم فى الأوقاف، ومقابل لضم المساجد لوزارة الأوقاف ومقابل لتعيين من تبرع ببناء المساجد وهو ما يبين منه متاجرة الطاعن بالدين، وهو يتبوأ مكانة رفيعة لوعظ الناس كإمام وخطيب بإدارة أوقاف شمال ديروط بأسيوط لتحقيق مكاسب مالية، وولا ريب أن ما اقترفه الطاعن من استغلال الدين والمتاجرة به لأخذ أموال الناس بالباطل وأوهمهم بقدرته على توظيفهم على نحو ما تقدم، يؤدى فى يقين إلى افتقاده شرط حسن السمعة وتشكل إخلالا جسيما بحسن سيرته تؤثر بلا شك فى مجملها ومضمونها بالثقة فيه وتفقده الهيبة والاحترام، وتجعله غير أهل للخطابة فى وظيفته كإمام وخطيب في المسجد بعد أن فقد حسن السمعة وهو شرط للبقاء في الخدمة للموظف العام.

لا ينفك عنه مازال في خدمة المرفق العام، فكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وهو ما يستوجب أن تبرأ منه ساحة من يعتلى المنبر ويبتر منها بترًا، جزاءً وافقا ًوعدم اعتلائه منبر الإمام فى أى بقعة من أرض مصر الطيبة.