رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البنك المركزي: القطاع المصرفي يتسم بالاستقرار المالي

طارق عامر
طارق عامر

كشف تقرير الاستقرار المالي الصادر عن البنك المركزي عن تحسن مؤشر الاستقرار المالي تحسنًا ملحوظًا خلال العام ٢٠١٩، إلا انه تراجع مع بداية عام ٢٠٢٠ إثر تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، ولفت إلى أن لتحسن مؤشر الاقتصاد الكلي المحلي الدور الأكبر في تحسن مؤشر الاستقرار المالي خلال العام ٢٠١٩، بالإضافة إلى تحسن مؤشر أداء القطاع المصرفي ومؤشر المناخ العالمي.

وأوضح تقرير البنك المركزي أن مؤشر الأسواق المالية شهد تراجعًا خلال العام، ويأتي تراجع مؤشر الاستقرار المالي في الربع الأول من العام ٢٠٢٠ كنتيجة لتبعات جائحة فيروس كورونا المستجد على الاقتصادات والأنظمة المالية العالمية، وهو ما انعكس على مؤشر مناخ الاقتصاد العالمي ومؤشر الأسواق المالية بشكل ملحوظ، هذا ولم تٌظهر مؤشرات الاقتصاد المحلى تأثرًا، كما احتفظ القطاع المصرفي بمؤشرات سلامة مالية جيدة، الأمر الذي يمكنه من مواجهة وامتصاص العديد من الصدمات واحتواء تداعياتها.

وأوضح التقرير أن القطاع المصرفي شهد مستوى مرتفعًا من الاستقرار المالي خلال السنوات الماضية، والذي تمثل في قدرته على التعامل مع العديد من الأزمات واحتواء تداعياتها، وذلك بفضل وضع الاستراتيجيات اللازمة لإدارة مختلف أنواع المخاطر واتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة، وتطبيق التعليمات الرقابية بشكل أكثر تحفظًا من المعايير الدولية للجنة بازل، كما استمر في أداء دوره بنجاح في الوساطة المالية مع تعزيز الشمول المالي، ودعم النمو الاقتصادي،وإطلاق العديد من المبادرات لدعم الأنشطة الاقتصادية المختلفة والتي تتضمن مبادرة القطاع الخاص الصناعي بمبلغ 100 مليار جنيه، ومبادرة التمويل العقاري لمتوسطي الدخل بمبلغ 50 مليار جنيه.

هذا بخلاف استمرار مبادرة تمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى مبادرة العملاء غير المنتظمين من الأشخاص الاعتبارية لجميع القطاعات، كما تم زيادة نسبة التمويل العقاري من 5٪ إلى 10٪ كحد أقصى من إجمالي محفظة القروض للبنك، وتهدف هذه التعليمات إلى تحفيز النمو في مختلف الأنشطة الاقتصادية.

وكذلك قيام البنك المركزي بدعم قطاع السياحة من خلال إصدار عدة مبادرات منها مبادرة العملاء غير المنتظمين من الأشخاص الاعتبارية العاملة بقطاع السياحة التي تبلغ حجم مديونياتها 10 مليون جنيه فأكثر دون العوائد المهمشة، وكذلك زيادة المبلغ المخصص لمبادرة إحلال وتجديد فنادق الإقامة والفنادق العائمة وأساطيل النقل السياحي ليصبح 50 مليار جنيه بدلًا من 5 مليار جنيه، هذا بالإضافة إلى مد فترة سريان مبادرتي دعم قطاع السياحة وقروض التجزئة للعاملين بقطاع السياحة لمدة عام إضافي لتنتهي بنهاية شهر ديسمبر 2020.

وأشار التقرير إلى أن البنك المركزي اتخذ حزمة من الإجراءات ‏الاستباقية لتخفيف تأثير تبعات جائحة كورونا على محفظة الشركات والأفراد، وذلك ضمن خطة الدولة للتعامل مع الجائحة، هذا إلى جانب الاستمرار في إصدار التعليمات التي تهدف إلى التحقق من جودة الأصول والحفاظ على المراكز المالية للبنوك واستقبال القطاع المصرفي لجائحة فيروس كورونا المستجد بملاءة مالية ونسب سيولة مرتفعة، الأمر الذي مكنه من الاستمرار في أداء دوره بنجاح في الوساطة المالية دون لجوء البنك المركزي إلى تحرير أي من الدعامات المالية أو تخفيض الحدود الرقابية المقررة على القطاع المصرفي.

وكان من هذه الإجراءات إتاحة التمويل اللازم لاستيراد السلع الأساسية والاستراتيجية لتغطية احتياجات السوق، ومد فترة استثناء بعض المنتجات الغذائية من متطلبات الغطاء النقدي لمدة عام، ودراسة ومتابعة القطاعات الأكثر تأثرًا بالجائحة، ووضع خطط لدعم الشركات العاملة بها، وإتاحة الحدود الائتمانية اللازمة لتمويل رأس المال العامل وبالأخص صرف رواتب العاملين بالشركات.

وتأجيل كل الاستحقاقات الائتمانية للعملاء من المؤسسات والأفراد، وكذلك الشركات المتوسطة والصغيرة لمدة ٦ أشهر، مع عدم تطبيق غرامات إضافية على التأخر في السداد، وعدم مطالبة العملاء بقيمة العائد المؤجل مع أول استحقاق بعد فترة التأجيل، وكذلك مراعاة أن يتم سداد الاستحقاقات المؤجلة بما يتناسب مع قدرة العملاء على السداد بحيث لا تمثل ضغطًا على السيولة لدى الشركات بما يمكنهم من استمرار أعمالهم، وكذلك على الأفراد المتأثرة دخولهم سلبًا.

وعلى جانب آخر بلغ إجمالي أصول القطاع المصرفي نحو ٥.٣ تريليون جنيه في العام المالي ٢٠١٨-٢٠١٩ بمعدل نمو ٥.٨٪، والذي استمر في الزيادة ليسجل 6.4 تريليون جنيه في يونيو ٢٠٢٠، ويتسم هيكل الأصول بالسيولة المرتفعة حيث تمثل محفظة الاستثمارات المالية وأذون الخزانة والنقدية والأرصدة لدى البنوك ٦٢.٦٪ من إجمالي الأصول.

وتتسم ودائع القطاع المصرفي بالاستقرار، حيث تستحوذ ودائع القطاع العائلي على الحصة الأكبر من حجم الودائع بنسبة ٦٨٪، وقد استمر إجمالي الودائع في النمو بمعدل بلغ ٩.١٪ في العام المالي ٢٠١٨-٢٠١٩ لتمثل نحو ٧٧.٤٪ من إجمالي الالتزامات وحقوق المساهمين، كما واصلت ارتفاعها في يونيو ٢٠٢٠ بمعدل نمو بلغ ٦.٢٪ مقارنةً بمارس من نفس العام، الأمر الذي يعكس مدى ثقة الأفراد والقطاعات المختلفة في القطاع المصرفي في ظل جائحة كورونا.

وارتفع صافي أرباح القطاع بمعدل نمو بلغ نحو 32٪ في العام المالي 2018-2019 مقارنةً بمعدل نمو العام السابق والذي بلغ نحو 2.4٪، الأمر الذي انعكس على تحسن مؤشرات الربحية، حيث ارتفع كل من العائد على الأصول، والعائد على حقوق الملكية، وصافي هامش العائد ليسجلوا 1.8٪ و23.4% و1.4%، على التوالي.

وانخفضت نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض في يونيو ٢٠٢٠ لتسجل ٣.٩٪، وذلك بعد أن ظلت مستقرة تقريبًا في العام المالي ٢٠١٨-٢٠١٩ والعام المالي السابق له عند نحو ٤.١٪، كما استمرت البنوك في الاحتفاظ بنسبة مرتفعة لتغطية المخصصات للقروض غير المنتظمة والتي بلغت ٩٧.٦٪ في العام المالي ٢٠١٨-٢٠١٩، و٩٧.٢٪ في يونيو ٢٠٢٠، وارتفع معدل كفاية رأس المال في العام المالي ٢٠١٨-٢٠١٩ إلى ١٧.٧٪ مقارنةً بنسبة ١٥.٧٪ في العام السابق، كما واصل معدل كفاية رأس المال الارتفاع ليسجل ٢٠.١٪ في يونيو ٢٠٢٠.

وبلغ متوسط نسبتي السيولة بالعملة المحلية والعملة الأجنبية ٤٤.٤٪ و٦٧.٧٪ على التوالي في العام المالي ٢٠١٨-٢٠١٩، وارتفع إلى 54.3٪ و70.3٪ على التوالي في يونيو 2020، كما سجلت نسبة إجمالي القروض للودائع ٤٦.٧٪ في العام المالي 2018-2019 وارتفعت إلى 47.1٪ في يونيو 2020، وبلغت نسبة تغطية السيولة 932.5٪ للعملة المحلية ونحو 170٪ للعملة الأجنبية في يونيو 2020، كما بلغت نسبة صافي التمويل المستقر نحو 257.5٪ للعملة المحلية و160.9٪ للعملة الأجنبية.

وارتفع صافى الأصول الأجنبية لدى البنوك إلى ٧٧.٢ مليار جنيه في ديسمبر ٢٠١٩ مقابل سالب 114.5 مليار جنيه في ديسمبر ٢٠١٨ نتيجة لزيادة تدفقات النقد الأجنبي في العام 2019، الأمر الذي ساهم في ارتفاع صافي الاحتياطات الدولية إلى 45.5 مليار دولار في ديسمبر 2019 وعدم وجود ضغط على العملة المحلية، إلا أنه نتيجة لتداعيات جائحة كورونا، فقد انخفض صافي الأصول الأجنبية مرة أخرى ليسجل سالب 61.2 في مارس وسالب 27.1 مليار جنيه في يونيو ٢٠٢٠، وذلك بالتزامن مع انخفاض صافي الاحتياطات الدولية ليسجل 40.1 مليار دولار و38.2 مليار دولار، وذلك لاحتواء تبعات الجائحة وهو ما ساهم في استقرار سعر الصرف، وكذلك في انخفاض احتمالية تكون مخاطر السوق لدى القطاع المصرفي.

وارتفعت قدرة البنوك على مواجهة مخاطر التشغيل والتخفيف من حدتها خلال الفترة الأخيرة، وذلك من خلال احتفاظها بخطط استمرارية الأعمال، والتي تضمنت خطط بديلة للتعامل مع العملاء، وتوفير أماكن بديلة لممارسة الأعمال مع إتاحة القنوات الإلكترونية البديلة مثل الإنترنت والموبيل البنكي للعملاء والاعتماد على إنهاء إجراءات الأعمال عن بعد من خلال توفير الحماية والأمن للبيانات والمعلومات.

وبلغ عدد البنوك ذات الأهمية النظامية محليًا ٦ بنوك، والتي تمثل نحو ٦٨.٣٪ من إجمالي المركز المالي للقطاع المصرفي في العام المالي ٢٠١٨-٢٠١٩، وتقوم تلك البنوك بتكوين متطلبات رأس مال إضافية، فضلًا عن تمتعها بمؤشرات سلامة مالية جيدة.