رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد مهنا: الإسلام بريء من الإرهاب والأزهر هو القوي الناعمة (حوار)

الدكتور محمد مهنا
الدكتور محمد مهنا

أكد الدكتور محمد مهنا، المستشار السابق لشيخ الأزهر، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة البيت المحمدي، أن المجتمعات الإسلامية تعاني من الفكر الظلامي المتطرف وأنه لا سبيل للنجاة من هذا الفكر سوي بالاعتماد على التصوف ونشره بالطرق العلمية الحديثة.

وأوضح رئيس مجلس أمناء مؤسسة البيت المحمدي، في حواره لـ" الدستور" على أن المؤسسة تقوم بدور محوري وإيجابي لنشر الفكر الإسلامى الصحيح، وذلك بإتباع الأساليب العلمية والفكرية الصحية التي يمكن من خلالها إنقاذ الشباب من براثن الفكر المتطرف والمتشدد، وتحدث "مهنا" في الكثير من القضايا والأمور والمسائل الدينية الشائكة التي تهم الشارع المصري خلال الآونة الآخيرة وإليكم نص الحوار.


- كيف احتفلتم بذكرى المولد النبوي هذا العام في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد ؟

في الواقع لقد احتفلنا بها بحلقة علم تذاكرنا فيها صاحب الذكرى العطرة وأخلاقه وصفاته التي يجب أن نتحلى بها هذه الأيام، وحرصنا على بث هذه الاحتفالية على صفحاتنا بمواقع التواصل الإجتماعي حتى يعم النفع ويصل الذكر لأكبر عدد من المحبين، وشارك معنا علماء أفاضل نجلهم ونقدرهم من المحدثين وكبار علماء الأزهر وأهل التصوف والمنشدين والشعراء وهذا من باب الإحتفاء والفرح بمولد رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم.


- ماهو الدور الذي تقوم به الصوفية حاليا في ظل أزمة كورونا.. وهل هذا الفيروس ابتلاء من الله لنا ؟

لا أجزم في أمور لست متيقن منها، ورحم الله الإمام جعفر الصادق عندما قال «إن الله أراد بنا أشياء وأراد منا أشياء، فما أراده بنا أخفاه عنا، وما أراده منا بَينه لنا، فما بالنا ننشغل بما أراده بنا عما أراده منا»، فنحن الآن يجب أن نبحث عن سبل العلاج وقد وضعها لنا المولي عزوجل عندما قال فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}، وما رُوِي عن العباس بن عبدالمطلب عمّ النبي- صلي الله عليه وسلم- في قوله: «اللهمَّ إنه لم ينزل بلاءٌ إلا بذنبٍ، ولم يُكشفْ إلا بتوبةٍ».

وهو مايدعونا للالتزام التام بأسباب الوقاية المعلنة من جهة الدولة والمؤسسات المعنية ونشر هذه التعليمات على أقصى مستوى وبكافة الوسائل الممكنة حرصًا على أنفسنا وعلى الآخرين مع التوبة إلى الله تعالى وكثرة الاستغفار من جميع الذنوب الظاهرة والباطنة والالتزام بالفرائض والنوافل في أوقاتها المحددة والقنوت والدعاء في الركعة الأخيرة من جميع الصلوات، أن يكشف الله عن البلاد والعباد هذا الوباء، وهو أمر مشروع عند النوازل، والإكثار من ذكر الله تعالى وقراءة القرآن الكريم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتضرع إلى الله بقراءة الأذكار والأوراد الواردة في كتب السنة، والمأثورة عن الصالحين.


- ماهو الدور الذي يلعبه الأزهر في هذه الآونة من وجهة نظركم؟

الأزهر الشريف صاحب دور ريادي وهو قوة مصر الناعمة بل والأمة كلها في الداخل والخارج، ويزن الأمور بحكمة وينشر السلام بفطنة وهو من المؤسسات الدينية العالمية العريقة ليس في مصر فقط بل في العالم أجمع.


- ماهو الدور الذي أنشئت لأجله مؤسسة البيت المحمدي للتصوف؟

أنشأناها استكمالًا لمسيرة الإمام الرائد محمد زكي إبراهيم، الذى قدر له أن يمشى حافيا على مدى سبعين عاما على بقايا الزجاج المحطم بين أدعياء التصوف وأعدائه، من أجل إصلاح التصوف وترشيد دعوته، كما عبر عن ذلك فى قصيدته حديث الرحيل:

أخذت أرمم البيت المعلى... ليبقى للتصوف ثم بيت

وقد عانيت أصناف البلايا... فقمت لها، وبالله احتميت

أنادى بالصلاح وبالتآخى... وبالإصلاح عمرى ماوهيت

ورثت الدعوة الكبرى فلما... ورثت الدعوة الكبرى بكيت

وكنت أظنها عبثا كغيري... ولكنى بها ولها انحنيت

فعلى هذا الدرب يسير البيت المحمدي في نشر التصوف الراشد، من خلال أنشطة علمية، وفكرية، وثقافية، وفنية، واجتماعية يشارك فيها أساتذة متخصصون، وأعتقد أن هذا وقت المؤسسة في ظل التحديات المعاصرة.

- لماذا سلكت الطريق الصوفي؟

حقيقة سلوكي للطريق الصوفي هو تقدير العزيز العليم، هذا إن صح اننى سالك وأرجو من الله ذلك، فالطريق الصوفي هو طريقًا صعب يتطلب من الإنسان الصبر ومجاهدة النفس وترويضها.

- مرت 6 سنوات على تولي الرئيس الحكم كيف رأيتم هذه الفترة وماهي التحولات؟

حقيقة الواقع ما بين الأمس واليوم أكبر من أى رأى وأعظم من أى شهادة، فما قدمه الرئيس واضح وضوح العيان ونسأل الله أن يوفقه لما فيه الخير للبلاد والعباد.


- بعض دعاة السلفية يقولون إن الحضرة الصوفية بدعة ويجب منعها؟

القول بذلك هو البدعه بعينها، وإلا فما معنى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الكثيرة عن الملائكة السائحين فى الطرقات الذين يلتمسون حلق الذكر، وأن الله قد أجاب سؤلهم بالجنة وغفر لهم وأعاذهم من النار وأنهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، وخروج النبي صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه يذكرون الله تعالى وإخباره لهم بأنه لم يسألهم تهمة لهم وإنما لأن الله يباهى بهم الملائكة.

وإخباره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بأن رياض الجنه هى حلق الذكر وحثه لهم على ارتيادها بقوله إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا، والقوم الذين تحفهم الملائكة وتغشاهم الرحمة وتتنزل عليه السكينة ويذكرهم الله فيمن عنده لا لشيء إلا لأنهم قعدوا يذكرون الله عز وجل، وغير ذلك مما تفيض به السنه النبوية المشرفة، ولو لم يكن إلا حديث ذكر الله تعالى في الملأ الأعلى لمن ذكره فى ملأ لكفى.

ولا شك أن كل ما جاء فى كتب الأحاديث الصحيحة وغيرها من لفظ حلقات الذكر أو حلقة الذكر تفيد عقلا ولغة معنى التجمع والتعاون والتكافل، والدين، إذا تأملت لا يقوم إلا على ذلك في العبادات أو المعاملات، قال الإمام النووي ومن هو الإمام النووى: اعلم أنه كما يستحب الذكر يستحب الجلوس فى حلق أهله، ناهيك عما ورد فى آيات الذكر الحكيم من شاكلة هؤلاء الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم الى غير ذلك من الآيات، ومحاولة لى أعناق النصوص بتفسيرات متعسفة أهواء لا يعرفها علم ولا دين ولا خلق، إنما هي الفتنة.

- لماذا يتم تكفير الصوفية بشكل دائم من التيارات السلفية بحجة أنهم يخالفون صحيح الدين.؟

ربما صح السؤال إن قلت التيارات "المتمسلفة" لا السلفية فالسلف الصالح شئ وهؤلاء شئ آخر فهم ليس لهم أي علاقة بالسلف الصالح، كما نقول أيضا عن بعض من يزعمون التصوف زورا "متمصوفة" لا صوفية، فالصوفية أهل العلم والتقى والورع شئ، وهؤلاء شئ آخر، أما تكفير الناس جزافا وإخراج أهل القبلة من دينهم فلم يقل به طوال تاريخ الإسلام إلا الفرق الضالة من الخوارج وأهل البدع، وأدلة الكتاب والسنة واضحة في التحذير من المجازفة في تكفير الخلق، وأقوال الأئمة متعاضدة في هذا الأمر، وللإمام محمد زكى ابراهيم رسالة حاسمة في الأمر تسمى "أهل القبلة كلهم موحدون" ذكر فيها اربعين حديثا واضحة الدلالة فى القضية هى بحق رادعة لهذه الطوائف المكفرة.

- ماردك على ماتقوله الجماعات المتشددة من أن الصوفية والشيعة وجهان لعملة واحدة؟

الصوفية ليس لهم أي علاقة بالشيعة وأحيل هؤلاء الى شيخهم "ابن تيمية" كبير السلفية ومن يعتبرونه بزعمهم شيخ الإسلام، فهو يقول فى فتاويه الكبرى: أن الصوفية هم صديقوا الأمه في كل زمان، نعم صدق، فالصوفية هم "الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما..." وهم "الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون"، وهم أصحاب كل وصف سنى ورد فى الكتاب والسنه، وهم أهل السفينة الذين ركبوا مع نوح، وهم حوارى موسى وعيسى، والمسارعون لدعوة الحق مع كل رسول ونبى فى كل مكان وزمان، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين "امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه..."، هم خاصه أهل الصفه "الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه" ومن على شاكلتهم من التابعين وتابعيهم بأحسان الى يوم الدين.