رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شركاء التجسس.. قطر وشركاؤها




حلقة ظريفة من برنامج «ما خفى أعظم» عرضتها قناة «الجزيرة» القطرية تحت عنوان «شركاء التجسس»، زعمت فيها أن تليفونات بعض العاملين فى القناة نفسها، تم اختراقها باستخدام برنامج تجسس إسرائيلى، اسمه «بيجاسوس»، لصالح جهات إماراتية وسعودية، فى حين أن الأعظم فعلًا، الذى أخفاه البرنامج، هو أن قطر تمتلك أسهمًا فى الشركة الإسرائيلية المنتجة لهذا البرنامج.
الحلقة، التى أعدها، أو فبركها، «الفلسطينى» تامر مسحال، أشارت إلى أن التجسس الإلكترونى سلاح إسرائيل الجديد ويدها الطولى، التى تمتد إلى أدق خصوصيات أعدائها وحلفائها، وقالت إن منظمة العفو، أو العفن، الدولية قادت تحركًا قانونيًا ضد وزارة الدفاع الإسرائيلية، لكونها الجهة التى توافق وتصادق على تصدير البرنامج، إلا أن المحكمة الإسرائيلية تجاهلت القضية.
بزعم أن الضحايا رفضوا الظهور فى البرنامج خوفًا على حياتهم، اعتمدت «الجزيرة»، بشكل أساسى على اتهامات مرسلة أطلقها بيل ماركزاك، Bill Marczak، الذى وصفته بأنه خبير فى «سيتزن لاب» الكندى. غير أنك لو زرت موقعه الإلكترونى أو دخلت حسابه على تويتر، ستكتشف أن المذكور عضو مؤسس فى منظمة «بحرين ووتش» التى تمولها قطر وإيران، وستعرف أنه سبق أن هاجم دول الرباعى العربى الداعية لمكافحة الإرهاب: مصر، الإمارات، السعودية والبحرين، على شاشة القناة نفسها!
ما خفى، والذى هو أعظم من ادعاءات «الجزيرة» المرسلة، ومن مزاعم خبيرها الأجير، أن نزاعًا قانونيًا، فى تل أبيب، كشف عن تعاقد العائلة الضالة، التى تحكم قطر بالوكالة، مع شركات أمنية إسرائيلية، على تقديم برامج حماية وخدمات تقنية، من بينها شركة «إن إس أو» الشركة المنتجة لبرنامج «بيجاسوس»، Pegasus، التى عمل مديرها شاليف هوليو، مع الدوحة لمدة طويلة. والتفاصيل نشرها موقع «إنتلجنس أونلاين» المخابراتى الفرنسى، فى أغسطس الماضى.
طرفا النزاع هما شركة أمنية إسرائيلية اسمها «سديما جروب»، واثنان من الخبراء الأمنيين، هما يوآف موردخاى، الجنرال السابق فى المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وشاى بيتنر، ضابط الموساد السابق، وكلاهما على علاقة وثيقة بالعائلة القطرية الضالة، الحاكمة بالوكالة، ما دفع الشركة التى تضم مسئولين سابقين فى المخابرات الإسرائيلية، إلى الاستعانة بهما للحصول على عقد الدوحة المغرى، الذى تصل قيمته إلى عشرات ملايين الدولارات.
خلال وجود موردخاى فى الخدمة، أشرف على تنسيق عمليات جيش الاحتلال فى قطاع غزة، وكان على اتصال دائم مع قطر، التى ضخت، بأوامر إسرائيلية، أكثر من مليار دولار لحركة حماس المسيطرة على القطاع. وبعد خروجه من الخدمة، عمل مستشارًا للعائلة القطرية الضالة. وبسيناريو، لا يختلف كثيرًا، صار بيتنر أيضًا مستشارًا لتلك العائلة. وبالتالى، تمكن الاثنان بسهولة من تنفيذ ما اتفقا عليه مع درور مور، مدير «سديما جروب»، الضابط السابق فى «الشاباك»، وتعاقدت قطر على شراء عدد من برامج وخدمات الحماية الإلكترونية.
الشركات الأمنية الإسرائيلية، تديرها جهات رسمية وشبه رسمية، وتخضع لإشراف وزارة الدفاع، التى أبدت تحفظًا على تقديم برامج حساسة إلى قطر، خشية أن تقوم بتمريرها إلى إيران أو أى دول وكيانات أخرى. وبالتالى، تمت مراجعة العقد واستبعاد عدد من البرامج المتفق عليها. ومن هنا بدأت الأزمة بين الشركة الأمنية والخبيرين اللذين يعملان، كما أشرنا، مستشارين لتلك الدويلة، وبعد أن وصل النزاع إلى القضاء، اتفق الطرفان على حله بشكل ودى.
بالإضافة إلى موردخاى أو بيتنر، هناك إسرائيليون آخرون قدموا، ويقدمون، خدماتهم لدويلة قطر، أبرزهم شاليف هوليو، المدير الحالى لشركة «إن إس أو»، الذى عمل، كما أشرنا، لفترة طويلة مع الدوحة، كما كشف تقرير «إنتلجنس أونلاين»، عن قيام صندوق تابع لـ«هيئة قطر للاستثمار» بشراء حصة من أسهم تلك الشركة، وعدة شركات أمنية إسرائيلية أخرى، أبرزها شركة «جراما كروب»، التى تقوم بتطوير برنامج التجسس «فين فيشر»، وشركة «كانديرو»، المتخصصة أيضًا فى تقنيات الاختراق الإلكترونى.
عبر تعاونها مع هذه الشركات، ومع مسئولين سابقين فى المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، تمكنت العائلة الضالة، التى تحكم قطر بالوكالة، مثلًا، من استهداف أكثر من ١٢٠٠ مسئول أمريكى وأوروبى يعملون فى مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى لاعبى كرة قدم دوليين وممثلات وممثلين فى هوليود، بحسب وثائق قانونية وتقارير فنية، وشهادات مسئولين أمنيين ومخابراتيين سابقين، وأعضاء بالكونجرس، فى دعوى قضائية أقامها رجل الأعمال الأمريكى إليوت برودى، أمام محكمة كاليفورنيا المركزية، إثر قيام عملاء جندتهم الدوحة باختراق بريده الإلكترونى.
أخيرًا، وأمام تلك الحقائق، لا تنتظر غير الصمت الرهيب من غلمان «الجزيرة» لأنهم مجرد عملاء تم تجنيدهم أو استئجارهم، تجنيسهم أو تنجيسهم، بالجنسية القطرية ويستعملهم مَن يستعملون العائلة الضالة، لاستهداف دول المنطقة، بالكذب، التدليس، وتكميم أفواه القطريين، الذين يتم إهدار أموالهم على العملاء والإرهابيين فى طول العالم العربى وعرضه.