رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجدار العازل فى أرض اللواء


يتعطش خط الصعيد، لرائحة الدماء، والجثث المتفحمة، فى عهد إبراهيم الدميرى وزير النقل والمواصلات، صاحب الحظ الأسوأ، الذى شهد عهداه فى وزارة النقل أبشع حوادث القطارات.. قطار العياط فى رحلته رقم 832 الذى يقل عن عدد مَن تفحموا به ووصلوا إلى‏ أكثر من 1500 جثة فى فبراير 2002،

وأُحيل فيها 11 مسئولاً من العاملين فى إدارات هيئة السكك الحديدية إلى المحاكمة بتهمة الإهمال، ولم يكن الدميرى من بينهم، وصدر الحكم بحفظ القضية ضد مجهول، واكتفى عاطف عبيد رئيس الوزراء وقتها، بإقالته؛ لتهدئة الرأى العام.. وبعد 11 عاماً من الإقالة عاد الدميرى لمنصبه فى وزارة النقل من جديد، فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى، متحدثاً، فى لقاءات تليفزيونية، عن خطة تطوير سكك حديد مصر بما يناسب احتياجات الشعب، وأنه وضع خطة سريعة وعاجلة لتطوير المزلقانات، وأنه تقاسم العمل مع القوات المسلحة التى تعهدت بتجديد 27 مزلقاناً، عارضاً فكرة إنشاء كبارى علوية فوقها منعا لتصادم القطارات مع السيارات.. وبعد عرض الرؤية كاملة فى مدة لا تتعدى الشهرين، وقع حادث قطار دهشور، الذى راح ضحيته 27 قتيلاً، بعد اصطدامه بسيارة نقل وأخرى مينى باص.. وكشفت معاينة النيابة أن المزلقان الذى وقع عنده الحادث، لا يحتوى على أية وسائل تأمين إلكترونية، وأنه يتم إغلاقه بصورة يدوية عن طريق سلسلة حديدية، بمعرفة أحد العمال.

الآن بدأ إنشاء أول كوبرى علوى للسيارات فوق مزلقان أرض اللواء، يتبعه كوبرى مشاة، قبل أن يتم بناء «جدار عازل» يفصل بين خط السكة الحديد وبين شارعى السودان وترعة الزمر، يلغى فكرة المزلقان من أصلها، ويُقسم المنطقة السكنية على جانبيه، إلى شمال وجنوب، ويكرر نفس أخطاء فكرة عزل بولاق الدكرور ومطار إمبابة عن المهندسين والعجوزة وغيرهما، دون استفادة من أخطاء الماضى، التى تحوّل فيها كوبرى المشاة العلوى فى بولاق إلى سوق رسمى تحت سمع وبصر المحليات والأجهزة الرسمية، وأصبح موطناً للبلطجية وقطاع الطرق، وأنشأ مجتمعاً شديد الخصوصية فى طبائعه وسلوكياته، دون قياس للآثار السلبية الناجمة عن عزل منطقة كهذه عن محيطها.. ليعود سيادة الوزير لتكرار الخطأ، وكأنما استمرأ تكرار أخطائه، وليخرج السيد محافظ الجيزة متحدثاً عن أهالى أرض اللواء الذين يرحبون بإغلاق المزلقان وبناء الجدار العازل بينهم وبين شارع السودان فى المهندسين، دون أن يرجع إليهم ويسألهم عن رأيهم فيما يجب فعله بالنسبة لهم، وكأنما سيادته لم يدرك إلى الآن أن للشعب إرادة لابد أن نستمع إليها ونتعرف عليها.

وعلى طريقة حملة «تمرد»، وتكذيباً لتصريحات المحافظ، أطلق أهالى أرض اللواء حملة «متعزلناش»، التى راحت تجمع توقيعات برفض غلق المزلقان، وفيه قالوا إن المنطقة سكنية تابعة لحى الجيزة، وصل تعداد سكانها الآن إلى مليون، وهم مواطنون مصريون لهم حق العيش بكرامة وإنسانية، وقد تحملوا كثيراً من العشوائية والإهمال.. ولذلك، نرفض غلق المزلقان، وألا نكون فريسة للباعة الجائلين والتوك توك الذى أصبح مثل صراصير الأرض، ولا نعود إلى تبعية قسم شرطة بيننا وبينه 20 كيلو متراً أو أكثر، لا نريد أن نكون نموذجاً ثانياً لمأساة بولاق الدكرور، فندخل فى حالة من العشوائية والفوضى لا نقدر على حلها مستقبلاً، ولا نريد أوكاراً للبلطجية والقتلة واللصوص خلف الأسوار التى سيتم بناؤها، ولا نريد عذاباً للمسنين والمرضى من أهالينا، بإجبارهم على صعود ونزول سلم علوى يمر فوق السكة الحديد إذا أرادوا أن ينتقلوا إلى «وش الدنيا» على الجانب الآخر من الجدار.. عاوزين مزلقان إلكترونى على خط السكة الحديد ونفق مشاة صغير للحفاظ على أرواح المواطنين، عاوزين موقف للتوك توك وسويقة للباعة الجائلين ومكانهما متوفر بالفعل، عاوزين عسكرى مرور مسئول عن المزلقان بصورة دائمة، عاوزين نخرج من العشوائية مش نزودها، عاوزين مستشفى «عام» ومجمع خدمات والمكان موجود، عاوزين نخدم أكثر من مليون مواطن بجد، وشوية تنظيم وتواجد أمنى وشغل من المحليات، مش سور وسلم وعزل اجتماعى وأمنى.. عاوزين «مظهر حضارى» يليق بمحافظة الجيزة!. طبعاً المزلقان هو خط العبور الأول لعدد من المناطق والقرى عبر أرض اللواء، وغلق المزلقان سيؤدى إلى تكدس وفوضى مرورية غير عادية، قد تدفع إلى إعادة تخطيط المنطقة من جديد بعد وقت قصير، وفى ذلك إهدار للمال العام.. والعجيب أن الأهالى يدركون هذا، بينما السادة المسئولون مازالوا ينظرون تحت أقدامهم.. استفيقوا يرحمكم الله، واستمعوا إلى نبض الشارع واستفيدوا منه، ومازال الوقت متاحاً لإعادة النظر، وإلا فارحلوا وريحونا.. فذلك خير للناس ألف مرة.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.