رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل إبداعه بالصحافة كان سببًا في قلة إنتاجه الأدبي؟.. يوسف إدريس يجيب

يوسف إدريس
يوسف إدريس

عرف يوسف إدريس ككاتب قصصي، مسرحي، وروائي، إذ جرب الكتابة للمسرح فأبدع، وكتب الرواية وأبدع أيضًا، ومع ذلك بقيت القصة القصيرة تحتل في منطقة الإبداع الفني لديه أعز مكان، إذ كان يكتبها بأقل عناء، وتحدث عن ذلك قائلًا: المعاناة تكون في حياتي أنا، وكل ما يصادفني في حياتي من ألم وطموح وإحباط يشكل العقل العميق لدي وبعد ذلك تطلع القصة.. صحيح أنها تكتب بسهولة، لكن القصة ليست في كتابتها، ولكنها نوع الحياة التي عاشها الكاتب كي يقدر على كتابة قصة، فأسهل كتابة عندي هي كتابة القصة القصيرة، وتركيبة القصة القصيرة تصلح للمسرح، لأنه لا بد للمسرحية من قصة، وتصلح في الرواية، صحيح أنني لم أكتب سوى عدد قليل من الرويات، أنا أحب القصة وكما يقولون "عندي ملكة القصة القصيرة"، وأنا أطالع بدعوى اكتشاف وابتكار القصة القصيرة المصرية ثم العربية، والمسرح المصري ثم العربي، الرواية المصرية ثم العربية.

وفي حوار له بمجلة "الأقلام" بعددها رقم 2 والصادر بتاريخ 1 فبراير لعام 1987، وردًا على سؤال "هل كان الإبداع في الصحافة هو السبب المباشر لقلة نتاجكم الأدبي"، قال: لا.. ليس هذا هو السبب المباشر؟، ولكن في ظروف سريعة التفسير كتلك التي تمر بنا تصبح الكتابة القصصية صعبة، حيث يحتاج الكاتب إلى حد أدنى من الاستقرار لدى القارئ، كي يقول له قصة، فلا يمكن أن تأتي إلى مجموعة من الناس في حالة هياج وتعاني معاناة دائمة، وتقول لهم سأروي لكم قصة، سوف يقولون لك اذهب أنت وقصتك في "60 داهية"، إنما أنت في حاجة إلى استقرار نفسي، وفترة السبعينيات كانت فترة تحولات سريعة جدًا جدًا، فلم يكن موجود عند الناس أو المثقفين أو القراء ذلك الاستقرار النفسي الكافي لقراءة قصة.

وأكد أنها مسألة تعتمد على حس الكاتب بالجماعة، لأن الكاتب إنسان متصل بالجماعة، بينه وبينهم خيوط خفية ليعرف ماذا يريدون، وفي السنوات الأخيرة من السبعينيات كان الناس يقرأون المقالات بسرعة، لكي تغطي المتغيرات، وأنا كنت أقف وحدي في الميدان، كان الكتاب السياسيون تقريبًا غير موجودين في مصر، حتى الكتاب المبدعون معظمهم كان في الخارج، وأنا أقف وحدي أمثل دور المعارضة السياسية لنظام السادات.. إلى أن أتت المعارضة وأصبح لها دورها وجرائدها، فأحسست أن حملًا كبيرًا جدًا قد انزاح عن كاهلي، وبالتالي يمكنني أن أكتب قصة بعد ذلك.