رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أنا صنيعة أمي».. حكاية النساء في حياة الوزير فاروق حسني

فاروق حسني
فاروق حسني

رحلت أمه في فبراير 1993، وبقى وزير ثقافة مبارك فاروق حسني بمفرده، بكى طويلًا لفقدها، رغم أنه لم يبك في أشد المواقف وأعسرها.

عندما استعاد فاروق حسني ذكرياته مع والدته، كانت رائحة عطرها لا تزال تسيطر على عقله، إذ قال "ما زالت أشم رائحة عطرها"، ولا ينسى العطور التي كانت تقتنيها" تقتني العطور وتحب منها كريستيان ديور".

كان "حسني" يظن أن أمه تكرهه، لا تحبه كبقية أمهات أصدقائه، وكانت لديه أسبابه:"كانت تدهشني بقراراتي، فإذا أردت أن أسافر توافق فورًا، بينما أمهات أقراني يعارضن، فكنت أظن أنها لا تحبني، ولا تخاف علىّ".

كانت الأم أول من آمنت بموهبة فاروق، وكانت هي أول مَن يرى خطوط لوحاته وألوانه أول ناقد لأعماله، وتشتري لوحاته الصغيرة بمقابل مادي، وتعلقها في صالون البيت، وتدعو بفخر كل أقاربها وجيرانها ليشاهدوا لوحات أطفالها، بعد أن تحول البيت لمعرض دائم لإبداعات طفلها الصغير الذي كان يستعيد لوحاته مرة أخرى ليبيعها لها مرة أخرى، فتضحك الأم وتدفع ثمنها مرة أخرى.

بعد رحيل والده، حملت الأم مسئولية الأسرة كاملة، ورفضت أن تتزوج:"كانت مزيجًا من القوة والضعف، الشدة واللين، الحنان والقسوة"، وبفضل شخصيتها ربّت فاروق وإخوته ولدين و3 بنات، على أن يتحملن المسئولية، ترفض أن يستدين أحد منهم من أي شخص آخر، لا بدّ أن يعيشوا على ما يكفيهم.

عندما رسم الطفل فاروق حسني "قصة آدم وحواء" وبينهما شجرة تقطف منها حواء التفاح وثعبان يلتف حولها، أعجب مدرسه باللوحة، ومنحه جائزة، لينطلق فاروق إلى البيت ليخبر أمه التي احتضنته بثقة كأنها تدرك الأمر وتتوقعه، وترى المستقبل أمامها عينيها، فقد كانت تعرفه أكثر من نفسه.

حتى عندما لم يصدق المدرس بالمدرسة بالابتدائية أن الطفل فاروق هو الذي رسم لوحة مبهرة في كراسته شعر الطفل بامتهان، فأسرع تجاه أمه وبكى، وكعادتها لم تخذله، اشترت له ألوان وأوراق للرسم، وقالت:"ارسم ولا تتوقف عن الرسم".

بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة، أصرت الأم بوعيها وثقافتها الواسعة على أن يلتحق ابنها فاروق بكلية الفنون الجميلة، رغم أنه كان يصر على أن يلتحق بكلية الطب أو الفيزياء، لقناعته بأنه لا يحتاج لدراسة الفن التشكيلي، فهو يرسم ببراعة، لكنها رأت أنه لا بدّ أن يدرس الفنون لتقوده إلى حيث يجب أن يكون، ومع أول أيام الدراسة في كلية الفنون الجميلة أدرك صواب رأيها ووجهة نظرها.

ويظل دور الأم في حياة وزير الثقافة الأسبق ضخمًا، بعدما نمت موهبته وساندته في طفولته، منحته الغرفة الأكبر في المنزل ليرسم لوحاته، ولتكن ملتقى ومتحف فني وثقافي له ولأصدقائه.

يهوى الفتاة الشرقية
لا يحب فاروق حسني الفتاة ذات العيون الملونة، يريدها ذات ملامح مصرية خالصة، وجه وملامح شرقية، رغم أنه وقع لأول مرة في حياته في حب فتاة بعيون خضراء:"محبش البنت الملونة، وحبيت بنت بعيون خضراء، لكن محبتهاش علشان لون عينيها، حبيتها وخلاص".

اعترف وزير الثقافة الأسبق أنه لم يُهجر، ولم يُفارق مرة واحدة في كل علاقاته الغرامية، دائمًا هو صاحب قرار التخلي، ورغم ذلك لا يحب أن يرى شخصين ينفصلا، أو تؤول علاقتهم إل الطلاق، فدائمًا يدافع عن إبقاء العلاقات بين الأشخاص، لأنه يعرف ألم الهجر وذاقه، كما أنه يعرف كيف يقسو على نفسه، ويحتمل ذلك.

عن علاقاته النسائية قبل أن يعود لمصر، قال الفنان فاروق حسني في أحد حواراته الصحفية:"كان لي علاقات نسائية كتير، وربنا اللي عمل ده، خلق راجل وست، علشان يعملوا حياة".

و حكى حسني عن علاقة طالت لمدة ست سنوات، بإحدى الفتيات تدعى "ليديا"، أثناء وجوده في فرنسا، لكنه لم يستطع الاستمرار في علاقة يُحكم فيها ويُسأل عن موعد خروجه، موعد مجيئه، لا يتصور أنه سيعيش مع امرأة تحت سقف واحد طيلة حياته، وهو ما أبعد عن تخطيطه فكرة الزواج.

العذاب الأول
قبل أن يقرر فاروق حسني الانفصال عن "ليديا"، هاتفه زوجها الذي يدعى "فيليب"، يطلب منه أن لا ينجب منها أولادًا، وأنه لا يهمه أن يستمر معها في علاقتهم أم لا، يقول حسني عن ذلك:"في فرنسا، كل شيء جايز، وزوجها كلمني وقالي إنه مش عارف يعيش معها، ومش هىّ دي مراته اللي يعرفها، أرجوك متجبش منها أولاد".

وقبل أن يسافر فاروق حسني لفرنسا، عذبته علاقة عاطفية استمرت لمدة 4 سنوات مع إحدى الفتيات، أحبها فترة دراسته بالجامعة، ولمّا كان الحب بريئًا، حسبما وصفه، تقدم لخطبتها، لكنه واجه رفضًا من والدتها التي سألته عن وظيفته؟، أجره؟ عمره؟، ولأنه كان يعمل بأجر لا يتخطى الـ17 جنيهًا، بالإضافة إلى عمله كرسام يتكسب منه الكثير، وعمره لا يزال صغيرًا على تأسيس أسرة، رفضت والدة الفتاة، وتمسكت برفضها.

خرج فاروق حسني من منزل الفتاة، حبيبته، مهزومًا، خائبًا، لكنه اتخذا قراره بإنهاء العلاقة للأبد، رغم أنه تعذب لعدة أشهر، كي ينهيها بداخله.

زواج في الخفاء
لم يطق فاروق حسني الزواج، لكنه تورط فيه، حسبما يعتقد مرة واحدة، وكان الزواج عرفيًا، ولم يستمر إلا عامين فقط، وبقية العلاقات التي كان أشبه بالزواج، بدأت وانتهت بعيدًا عن الناس، وكانت العلاقة الأطول عمرًا في حياة وزير الثقافة الأسبق، إحدى عشر عامًا، لكنه لم يكن الحب هو الرابط في العلاقة، قال:"كان في إعجاب جدًا، وتقدير واحترام جدًا، المشاعر مكانتش مائة في المائة".