رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة شريف تكتب: لغز «متسوف»

سارة شريف
سارة شريف



هل سمعت عن الوحدة، التى يمر من خلالها جميع المعلومات السرية فى إسرائيل؟.. إذا لم تكن سمعت، فهذا يعنى أنهم نجحوا فى إخفائها عن العيون ووضعوها فى مكان بعيد وراء الكواليس.
كل ما يتحرك على الأرض، أو يطير فى الجو، أو يمر فى البحر، يمر من خلالها.. هناك من يعتبرها لغزًا داخل الجيش الإسرائيلى.
لا يعرف كثيرون عن وحدة «متسوف»، بالعنوان العريض: هى وحدة تابعة لقسم الاتصالات فى قسم الدفاع السيبرانى بالجيش الإسرائيلى، وإذا أردنا تعريفها باختصار: فهى الوحدة المسئولة عن تشفير الجيش الإسرائيلى بالكامل وحماية الأنظمة الأكثر حساسية داخل إسرائيل، إذا كان لا بد لنا من وصفها بشكل أدق، فهذه الوحدة موجودة فى كل مكان، حتى خارج الجيش، فى أجهزة الراديو والطائرات بدون طيار، وحتى فى الأقمار الصناعية فى الفضاء.
يطلقون عليها الكود المركزى والأمنى، فهى المسئولة عن تطوير قدرات التشفير والحماية لأنظمة المعلومات، وعلى الرغم من كونها وحدة تابعة للجيش، فإنها تقدم خدمات لجميع الهيئات فى مجتمع الاستخبارات والأمن، والهيئات الحكومية المختلفة، هم منخرطون بعمق فى أمن المعلومات السيبرانية.
هذه التفسيرات أيضًا ليست واضحة ولا تقدم حلًا للغز «متسوف».. لفهم عمل الوحدة، علينا أن نفهم أولًا ما هو التشفير؟
التشفير هو القدرة على تمثيل المعلومات السرية، لأخذ المعلومات وإخفائها بوسائل متطورة والسماح بنقلها بأمان فى الفضاء، فإذا كان لدى العدو إمكانية الوصول إلى أنظمة فى دبابة أو طائرة، لكان من الممكن أن يعطلها بل يغلقها، وفى إسرائيل كل شىء يخضع للتشفير، وكل شىء مشفر يخضع لـ«متسوف».
تتمثل مهمة الوحدة فى البحث والتطوير ودمج الضمانات عبر جميع منصات وأدوات الجيش الإسرائيلى، كل نظام أو سلاح ينقل معلومات سرية يمر من خلالها، تعمل الوحدة على مهاجمة أنظمة وشبكات الجيش الإسرائيلى نفسه؛ لكشف الثغرات ونقاط الضعف، وتسبق العدو بخطوة.
هؤلاء يعملون حيث لن يخطر ببالك، فى منظومة الاستطلاع «القيادة والسيطرة» واتصال القائد فى الميدان، من خلال الأسلحة على الأرض، والقبة الحديدية فى الهواء إلى القمر الصناعى فى الفضاء. هذه المساحات كلها نطاق عمل «متسوف».
العاملون بمتسوف أشخاص ذوو طابع خاص، أذكياء لديهم سرعة بديهة وقدرة على إيجاد حلول بسرعة، تحتاج الوحدة لتخصصات، مثل البرمجيات والأجهزة وتصميم الرقائق والرياضيات وعلوم البيانات، هم يبحثون فقط عن الأقوياء فى كل مكان.
تقوم الوحدة بتجنيد مجموعة من الجنود لمجموعة متنوعة من المناصب، ويتم إرسال خريجى الدورات المختلفة فى المخابرات إلى دورة خاصة بالوحدة.
بعد استيعابهم فى الوحدة التى يقع مقرها الرئيسى فى وسط إسرائيل، يخضع الجنود لعملية تدريب احترافى طويلة تهدف إلى تزويدهم بخبرة ومعرفة واسعة فى البرمجة وفى مجالات الاتصال وأمن المعلومات والتشفير، ويتقلد المجندون عدة مناصب متنوعة، مثل: مطور برامج، باحث معلومات، خبير الأمن السيبرانى، فريق الاعتداء الداخلى لاختبار الاختراق، أدوار مختلفة فى فرق الدفاع الإلكترونى تشمل التحقيق والرد على الهجمات الإلكترونية، مطور برامج البيانات الضخمة.
قد تتفاجأ عندما تسمع أنه فى بعض المسارات بالوحدة، يوجد طلبة من المدرسة الثانوية، على الرغم من افتقارهم إلى التدريب المهنى السابق، فإنهم يتمتعون بقدرات عالية جدًا: «نحدد الإمكانات والمعرفة التى نقدمها لهم فى عملية التدريب الطويلة»، يقول أحد المشرفين على التدريب.
بعد الخدمة العسكرية، يتمكن خريجو الوحدة من الالتحاق بالوظائف المطلوبة فى صناعة التكنولوجيا العالية الإسرائيلية، من بين خريجى الوحدة، هناك العديد من رواد الأعمال الذين أسسوا شركات ناشئة مبتكرة فى مجالات الكمبيوتر وأمن المعلومات.
«لقد أصبحت شخصًا مختلفًا عن اليوم الذى دخلت فيه هذه الوحدة، أحد أهم الأشياء التى اكتسبتها هنا هى القدرة على التعامل مع القضايا الجديدة، التى لم أكن على دراية بها».. قال أحد ضباط الوحدة فى يومه الأخير بها.