رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يقضي التقارب المصري الفرنسي على أحلام التنظيمات الإرهابية؟

السيسي وماكرون
السيسي وماكرون

حاز ملف الإرهاب، اهتماما واسعا كونه أحد أبرز المجالات المشتركة بين القاهرة وباريس، حيث تنظر الأخيرة أن مصر الحصن المنيع لمواجهة التطرف، ومن ثمّ فإن هذا الملف واحد من تشابك المصالح الفرنسية المصرية وأرضية صلبة للتعاون، وظهر ذلك جليا في كلمة الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر الصحفي المنعقد في 7 ديسمبر 2020.

وجاءت هذه الكلمات انطلاقًا من أولويات تحقيق السلام والاستقرار في القارة السمراء، والعمل على تقويض الحركات المُسلحة والجماعات المتطرفة التي من شأنها تهديد الأمن القومي لدول المنطقة والدفع بمسارات الحل في القضايا العالقة خاصة في ظل هشاشة الأنظمة المتواجدة بتلك المنطقة.

والدليل على خطورة الإرهاب هو ما دفع فرنسا في تعزيز قواتها العسكرية بدول تشاد والنيجر ومالي، لمجابهة الحركات المعادية للمصالح المصرية في القارة السمراء من جانب عدد من القوى الإقليمية وعلى رأسها تركيا، واتهام فرنسا لها بانتهاج استراتيجية تستهدف بها تأجيج مشاعر العداء لفرنسا داخل القارة، خاصة وأن أنقرة شهدت تحركات متعددة في الآونة الأخيرة في الشرق والغرب الأفريقي، عكستها الزيارات المختلفة لوزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، وتدخلها عسكريا على خط الأزمة الليبية، ولذلك أرادت فرنسا قطع الطريق على انتقال العناصر الإرهابية من نيجيريا شمالًا إلى ليبيا، وبالتالي التأثير على المصالحة الفرنسية في معادلة غاز شرق المتوسط.

ومن هذا المنطلق فإن التحركات المصرية الفرنسية في العمق الأفريقي تتلاقى في جملة من الأهداف والأبعاد تتجلى في العمل على تعبئة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، ومواجهة ظاهرة انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة في القارة الأفريقية وعلى رأسها "تنظيم بوكو حرام" و"حركة الشباب الصومالية" وتنظيم "داعش" إلى جانب تنظيم القاعدة في المغرب العربي.

هذا فضلًا عن حتمية انتهاج الطرق السلمية لإقرار السلام والأمن داخل الدول والحفاظ على الدولة الوطنية وتماسكها كما هو الحال بالنسبة للحالة الليبية، وكذلك الدول الأفريقية كما هو الحال بالنسبة لدولة مالي، وتكمن الرؤية المصرية الفرنسية حول تعزيز التعاون البناء في تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية التي تمتاز بها القارة الأفريقية، بما يحقق رخاء ونمو شعوب المنطقة.

"التقارب بين مصر وفرنسا"
ولعل التقارب يكمن بين القاهرة وباريس في أدوات الانخراط داخل القاهرة والتي تتنوع في مجهودات عسكرية في ضوء بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، أو من خلال التعاون الثنائي والجماعي لدحض الإرهاب، إلى جانب الأداة الاقتصادية والتنمية، وأخيرًا الأداة الثقافية التابعة من الخصوصية المصرية ومن السياسة الفرنسية سعيها لتأسيس الرابطة الفراتكفونية بهدف تشكيل تجمع سياسي بمثابة تكتل مؤثر على الساحة الدولية، والتي بالطبع أثرت بصورة كبيرة على ثقافة شعوب تلك الدول، وهو ما يختلف بصورة كبيرة عن كلا من روسيا والصين وكذلك واشنطن التي تركز بصورة كبيرة على البعد الاقتصادي وبنسبة أقل من الأدوات الأخرى.