قبل 3 أشهر في طهران .. كيف اغتالت إسرائيل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة؟
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن عملاء الموساد الإسرائيلي قتلوا الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة" في أحد شوارع طهران في أغسطس الماضي بناء على طلب من الولايات المتحدة.
وبحسب التقرير فإن الرجل الثاني هو عبد الله أحمد عبد الله، واسمه الحركي أبو محمد المصري، والذي اتهم بأنه أحد المخططين الرئيسيين لتفجيرين داميين استهدفا سفارتين أمريكيتين في إفريقيا في عام 1998، وتم إدراجه على قائمة المطلوبين منذ ذللك الوقت.
وذكر التقرير نقلا عن مسؤولين استخباراتيين لم يذكر أسماءهم أنه قُتل في 7 أغسطس، في الذكرى السنوية للإعتدائين.وقد أدت الهجمات على السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا إلى مقتل 224 شخصا وإصابة مئات آخرين.
وقال مسؤول سابق في المخابرات الإسرائيلية للصحيفة إن "المصري" متهم أيضا بإصدار أوامر بشن هجوم في عام 2002 على فندق مملوك لإسرائيليين في مومباسا بكينيا أسفر عن مقتل 13 شخصا وإصابة 80 آخرين.
دراجة نارية وخمس طلقات
أما عن طريقة تنفيذ العملية، فـ"المصري" كان يقود سيارته بالقرب من منزله عندما توقف عميلان للموساد على دراجة نارية بجانب سيارته وأطلقا خمس طلقات من مسدس كاتم للصوت، المعروفة داخل الموساد باسم "توقيع كيدون" وهي الوحدة المسؤولة عن الاغتيالات، مما أسفر عن مقتل المصري وابنته مريم، أرملة حمزة بن لادن، نجل أسامة بن لادن.
كانت وكالة المخابرات المركزية قد راقبت المصري وأعضاء آخرين في التنظيم الإرهابي في طهران لسنوات، لكن من غير المعروف الدور الذي لعبته الولايات المتحدة، في عملية الاغتيال، لكن مثلما حدث مع "عماد مغنية" فإنه من المؤكد أن تكون العملية تمت بالتنسق بين الجانبين الإسرائيلي والأمريكي، ولم تقر أي من الولايات المتحدة أو إسرائيل أو إيران أو “القاعدة” بعملية الاغتيال بشكل علني.
تمويه إيراني حول "المصري"
في أعقاب عملية إطلاق النار، قالت وسائل إعلام إيرانية إن الضحيتين هما أستاذ تاريخ من لبنان يُدعى حبيب داوود وابنته مريم، حسبما ذكرت "نيويورك تايمز" حينذاك. وذكرت وسيلة إعلام لبنانية وكذلك الحرس الثوري الإيراني إن الضحية كان عضوا في منظمة "حزب الله"، المدعومة من إيران.
لكن داود ومريم لم يكونا موجودين بالفعل. وقال مسؤول مخابرات ورئيس سابق لجماعة "الجهاد الإسلامي" إن الاسم هو اسم مستعار أعطته إيران للمصري.
من غير الواضح سبب إيواء إيران للمصري. إيران دولة شيعية، وقد حاربت "القاعدة"، وهي منظمة جهادية سنية.
وقال مسؤولون استخباراتيون لـ”نيويورك تايمز” إن المصري كان محتجزا في إيران منذ عام 2003 وكان مقيما في طهران منذ عام 2015 على الأقل. وأثناء وجوده في طهران ، حظي بحماية الحرس الثوري الإيراني ولكن سُمح له بالتنقل بحرية والسفر إلى الخارج.
وقال خبراء للصحيفة إن إيران قد تكون احتجزت عناصر في تنظيم "القاعدة" لمنع هجمات في إيران، أو للسماح لهم لتنفيذ عمليات ضد الولايات المتحدة. حيث تتعاون إيران مع حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" السنيتين الفلسطينيتين.
اغتيال يتزامن مع انفجارات إيران
في نفس الفترة التي قٌتل فيها المصري تقريبا، هزت سلسلة من الانفجارات الغامضة إيران، وأصابت عددا من المواقع الحساسة، بما في ذلك منشأة نطنز النووية، ومحطة كهرباء، وخط أنابيب، ومجمع بارشين العسكري خارج طهران.
وكانت تقارير أجنبية قد ذكرت أن عملاء إسرائيليين اغتالوا في السنوات الماضية علماء نوويين إيرانيين باستخدام مسلحين على دراجات نارية، في عمليات شبيهة بتلك التي قُتل فيها المصري.
التاريخ الأسود للرجل الثاني في القاعدة
المصري هو مصري الجنسية وكان يبلغ من العمر عندما قُتل حوالي 58 عاما، وحارب السوفييت في أفغانستان مع الجماعات الجهادية، ثم مُنع من العودة إلى مصر، وانضم إلى بن لادن، كما عمل مع "القاعدة" في السودان والصومال، حيث درب المسلحين على استخدام الأسلحة التي استخدموها بعد ذلك لإسقاط طائرة هليكوبتر أمريكية في مقديشو عام 1993 فيما تسمى بحادثة "بلاك هوك داون"، التي قُتل فيها 19 جنديا أمريكياً في المعركة مع المليشيات الصومالية.
بعد ذلك كلف بن لادن المصري بمهمة تخطيط الهجمات ضد مواقع أمريكية في إفريقيا، وهو ما أدى إلى التفجيرين المتزامنين للسفارتين الأمريكيتين. وعرض مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) مكافأة قدرها 10 ملايين دولار للحصول على معلومات عنه.
في عام 2002، دبر هجوما في كينيا أسفر عن مقتل 13 شخصا – 10 كينيين وثلاثة إسرائيليين – عندما انفجرت سيارة مفخخة في فندق “باراديس” في مومباسا في 28 نوفمبر 2002، بعد وقت قصير من دخول مجموعة كبيرة من السياح الإسرائيليين إلى المنتجع المطل على الشاطئ.
في نفس الوقت تقريبا، استهدف صاروخ أرض-جو طائرة تابعة لشركة "أركيع" أقلت 271 شخصا أثناء إقلاعها من مطار مومباسا، لكن الصاروخ أخطأ هدفه.
وكان المصري من أول الأعضاء في تنظيم "القاعدة" وكان مرشحاً ليكون التالي لقيادة التنظيم بعد زعيمه الحالي، أيمن الظواهري.