رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإسلام على الطريقة الأمريكية ..!


ﻓﻲ أمريكا.. جلبوا ﻋﺠﻮﺯا وقد سرق ﺭﻏﻴفا ﻟﻴﻤﺜﻞ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ،وبسؤاله اعترف مبررا: ﻛﻨﺖ ﺃﺗﻀﻮﺭ ﺟﻮﻋﺎ،. فقال ﻟﻪ القاضي : أما أنك وقد اعترفت بفعلتك.. والتزاما منى بالقانون فسوف ألزمك ﺑﺪﻓﻊ 10 ﺩﻭﻻ‌ﺭﺍﺕ.. و إنسانياً ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻚ ﻻ‌ ﺗﻤﻠﻜﻬﺎ، ﻟﺬﻟﻚ ﺳﺄﺩﻓﻌﻬﺎ ﻋﻨﻚ فﺻﻤﺖ الجميع، ﻭأﺨﺮﺝ القاضي الدﻭﻻ‌ﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺟﻴﺒﻪ. ثم التفت إلى الحضور معاتبا : ﻣﺤﻜﻮﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺑﺪﻓﻊ 10 ﺩﻭﻻ‌ﺭﺍﺕ، لا لأنكم سرقتم طعامكم؛ بل ﻷ‌ﻧﻜﻢ قبلتم أن تعيشوا ﻓﻲ وطن ﻳﻀﻄﺮ فيه ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﺮﻗﺔ ﺭﻏﻴﻒ الخبز...!!

هكذا تعامل قضاة الغرب مع القانون .. فلم يحتكموا فقط إلى نتائج الفعل لتوقيع العقوبة ..كما يفعل قضاتنا اليوم، وإنما كان لمبررات الجريمة الأثر الأكبر فى إقرار الحكم .. وهم بذلك لم يختلفوا كثيرا فى تعاملهم مع الفقراء عن فقهاء الإسلام، فلم يختلفوا مع أبى ذر الغفاري رضى الله عنه حينما تعجب كيف لا يخرج الجائع مشهرا سيفه على المجتمع. ولم يختلفوا مع ابن حزم: حينما أجاز للفقير أن يأخذ ما يسد جوعه ولو بالقتال، فإن قُتِل صاحب المال فهو باغ وهو فى النار.. وإن قُتِل الجائع فهو شهيد ..!

وإذا كان الإسلام قد جعل مسئولية مواجهة الفقر مشتركة بين الدولة والشعب؛ فإن المنهج الأمريكي فى مجابهة الفقر لا يختلف كثيرا؛ إذ جعل العمل .. والأسرة .. والإيمان عناوين أساسية للقضاء على الفقر. وهنا يقول الفيلسوف الأمريكي جورج جيلدر صاحب كتاب الأغنياء والفقراء أنه على العمال أن يعو إلى أن ما يحصلون عليه من أجر مرهون بما يعطونه للمجتمع، وعليهم أن يقدموا العمل حتى يطالبون بالجزاء ..وهذا ما افتقدته الأسرة المصرية فلم يزرع الآباء ولا المعلمون فى المدارس هذه الفكرة عند الأطفال .. وحولوا مجالسهم مع الأطفال والطلاب إلى جلسات للتذمر والشكوى من الوطن؛ ووصفه دائما بالمجتمع الظالم.. فافقدوا فى نفوس الأطفال وفى عقيدتهم كل معاني الانتماء وحب الوطن.. !

وأكد جيلدر على دور الحب والزواج فى تعزيز قدرة الإنسان على العمل .. مؤكدا أن الزواج يؤدى إلى زيادة جهد الرجال إلى النصف، وأن الحب هو الذى يحول الأفاق القصيرة للشباب والفقر إلى أفاق طويلة للزواج والعمل .. وعندما يفشل الرجل فى الزواج أو الحب ينخفض دخله إلى الثلث.. وتشتد نزعته إلى معاقرة الخمر وتعاطى المخدرات واللجوء إلى الجريمة .. كما أكد أن العمل والزواج وحدهما لا يمكن أن يحققا شيئاً دون إيمان؛ فالإيمان وحده قادر على أن يحرك جبال الكسل والياس التى تصيب اقتصاديات العالم الراكدة.. !

وأخيرا فعلى حكوماتنا الفاشلة أن تعى جيداً أنه ما دام فى مصر قصور وعشش وسفوح وقمم وتخمة وفقر دم ؛ فإن الثورة لن تهدأ .. وسوف تتخذ المبادئ الهدامة أوكارها فى عقول الفقراء والمحرومين.. وأنه إذا حلت القوة فى المجتمع محل المنطق والطعام فى مجابهة الفوضى والفقر.. ليس من حق المغلوب أن يشكو من قسوة الغالب..!

استاذ تنمية وتخطيط وكاتب سياسى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.