رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الخدمات النقابية» تستعرض عيوب لائحة قطاع الأعمال على الأجور والمزايا العينية

 الأجور
الأجور

آثار مشروع لائحة الموارد البشرية الموحدة لشركات قطاع الأعمال العام، ردود أفعال غاضبة من العاملين لرفضهم القاطع لهذا المشروع، وأعلنت بعض إدارات الشركات التابعة عدم قبولها له، رغم تأكيد وزير قطاع الأعمال العام في بعض البرامج التليفزيونية على أن المشروع لن ينتقص من حقوق العمال.

وأكدت دار الخدمات النقابية، أن المشروع يضر بالأجور والمزايا العينية للعمال، ففي المادة 56 من مشروع اللائحة تم التمييز بين عناصر الأجور وتقسيمها إلى قسمين:

ــ عناصر ثابتة تمثل التزام على الشركة وهى الأجر الوظيفي (الأجر الأساسي والعلاوات) والبدلات والمنح والتشغيل الإضافي وتكلفة نقل العاملين.
ــ عناصر متغيرة مربوطة بتحقيق الشركة لأهدافها وتحقيقها لأرباح (وهذه لا تمثل التزام على الشركة كما يُفهم من النص)
ووفقًا لهذه المادة تم تفصيل عناصر الأجر الثابتة على النحو التالي:
ــ الأجر الوظيفي: والذي يشمل الأجر الأساسي مضافًا إليه العلاوات غير المضمومة.
ــ البدلات: وهي وفقًا لمشروع اللائحة "مبالغ نقدية تدور وجودًا وعدمًا مع طبيعة العمل والتمثيل"، (ونحسب أنها تشمل بدل طبيعة العمل، وبدل الوجبة )، والحد الأقصى المسموح به لهذه البدلات جميعًا بخلاف بدل الانتقال هو مبلغ مساوٍ للأجر الوظيفي (الأجر الأساسي والعلاوات غير المضمومة)، ولا يكتفي المشروع بذلك لكنه يضع هذه البدلات قيد المراجعة الدائمة من قبل الجمعية العمومية للشركة.
ــ المنح والمناسبات: وقيمتها أربعة أشهر من الأجر الوظيفي توزع على المناسبات المختلفة (رمضان، عيد العمال، عيد الأضحى، دخول المدارس).
ــ مقابل التشغيل الإضافي: ونص مشروع اللائحة على احتسابها وفقًا لأحكام قانون العمل، غير أنه اشترط عدم تجاوزه 20% من قيمة الأجر الشهري الشامل للعامل، و10% من إجمالي الأجر الشامل للشركة ككل، وعدم صرفه إلا بعد المراجعة والتأكد من تحقيق الشركة لأغراض التشغيل الإضافي !!
ثم نأتي إلى الجزء الثاني من عناصر الأجور وهي الأجور المتغيرة (أو الحوافز والإثابة) وفقًا لمشروع اللائحة.
وتشمل كافة المبالغ التي يتم صرفها للعاملين بالشركة خارج الجزء الأول الموضح أعلاه (الأجر الوظيفي، والبدلات، والمنح والمناسبات، والتشغيل الإضافي).
وتكون مربوطة عند حسابها وقبل صرفها بمعايير محددة هي:
ــ للوظائف القيادية العليا
المعيار هو: الفاعلية والكفاءة في إدارة القطاع.بما يساهم في تحقيق أهداف الشركة وتحقيق صافي ربح مناسب.
ــ للوظائف دون مستوى مدير عام في القطاعات والإدارات والأقسام المتصل عملها بإنتاج وبيع السلع والخدمات.
المعيار هو: حجم المبيعات والربح الإجمالي للشركة.
ــ للوظائف دون مستوى مدير عام في القطاعات والإدارات والأقسام التي تقدم خدمات معاونة للإنتاج والبيع
المعيار هو كفاءة تقديم الخدمة لدعم أنشطة الإنتاج والمبيعات.
وهذه الأجور المتغيرة سواء كانت حوافز أو إثابة أو مكافآت أو تحت أي مسمى آخر تخضع لقواعد المعاملة المالية التالية في الشركات التابعة:
ــ لا تتعدى نسبة 4% من صافي ربح الشركة للوظائف القيادية العليا.
ــ لا تتعدى نسبة 8% من صافي ربح الشركة للوظائف في قطاعات الإنتاج والمبيعات.
ــ لا تتعدى نسبة 4% من صافي ربح الشركة للوظائف في قطاعات الخدمات المعاونة.
وفي جميع الأحوال لا يجب- وفقًا لمشروع اللائحة- أن يتعدى ما يتم صرفه من الحوافز الإثابة أو أي مسمى آخر للأجور المتغيرة نسبة 16% من صافي ربح الشركة.
مع الأخذ في الاعتبار أنه يستبعد من صافي الربح أية أرباح رأسمالية نتيجة التصرف في أحد أصول الشركة.
وتطبق ذات القواعد على الشركات الخاسرة شريطة تحقيقها خسارة أقل من خسارة العام السابق وتحتسب النسب المقررة أعلاه من قيمة انخفاض الخسائر المحقق.
ويجوز للوزير المختص بناءً على اقتراح من مجلس إدارة الشركة القابضة استثناء إحدى الشركات التابعة وزيادة نسبة ما يتم صرفه من الحوافز على ألا تتجاوز النسبة 20%.
المزايا العينية التي تقتصر –وفقًا لمشروع اللائحة- فقط على ما يلي:
ــ نقل العاملين:
تقوم الشركة بتوفير وسيلة نقل للعاملين في الذهاب والعودة، أو بالاشتراك في أحد وسائل النقل (مترو الأنفاق القطارات) أو منح بدل انتقال شهري على ألا تتجاوز تكلفة الخدمة أو قيمة البدل سنويًا قيمة شهر من الأجر الوظيفي للعامل.
ولا يجوز للشركة أن تمتلك وتشغل أسطول نقل وإنما تعهد بتقديم خدمة النقل إلى مورد خدمة (شركة نقل ) وعلى الشركات التي تمتلك أساطيل نقل أن توفق أوضاعها وتتصرف في هذه الأساطيل خلال عامين.
ــ الرعاية الصحية الإضافية:
باستثناء الشركات المالكة لمستشفيات تلتزم جميع الشركات بالاشتراك في النظام الإجباري للتأمين الصحي خلال ثلاثة شهور، ويجوز لمجلس إدارة الشركة بموافقة الجمعية العامة تقديم خدمة رعاية طبية إضافية وفق ثلاثة شروط:
أن تكون الشركة قد حققت أرباحًا آخر عامين.
أن يتم تقديم الخدمة عن طريق وثائق تأمين طبي مع مورد خدمة خارجي، ولا يتجاوز نصيب الشركة في تكلفتها 4% من متوسط صافي أرباح الشركة العامين الأخيرين.
ألا تتحمل الشركة غير تكلفة الخدمة للعمالة الموجودة بها فقط دون أسرهم، ودون المحالين إلى المعاش.
ــ حصة الشركة من التأمينات الاجتماعية (عددها مشروع اللائحة ضمن المزايا العينية!!)
وعدا ذلك- وفقًا لمشروع اللائحة- لا تقدم الشركة أي منح أو مزايا عينية أخرى مثل المصايف أو المشاتي، ومثل صناديق التأمين، ووثائق التأمين، وعلى الشركات التي تقدم هذه المزايا توفيق أوضاعها خلال ستة أشهر.
وإن كانت الشركات التي تمتلك نوادي اجتماعية أو رياضية قبل ذلك يمكنها الاستمرار في تحمل جزء من مصروفاتها.
ويستدعي ما ينص عليه مشروع اللائحة- السابق بيانه- في شأن الأجور الملاحظات الآتية:
إن الأجور المتغيرة (الحوافز مكافآت ختام العام المسماة بالأرباح) كانت ولم تزل جزءًا لا يتجزأ من أجور العمال بل أنه في كثير من الأحيان تمثل الجزء الأكبر من هذه الأجور التي يعتمد عليها العمال في تدبير أمورهم الحياتية.. قد يُقال أن ذلك اختلالًا في هيكل الأجور تنبغي معالجته، غير أن ذلك مردودٌ عليه بأن العمال غير مسئولين عن هذا الاختلال الذي حدث نتيجة ثبات الأجر الثابت (المسمى بالأساسي) لسنوات طويلة حيث كانت الوسيلة شبه المعتمدة لتحريك الأجور هي الأجور المتغيرة.
إن ما يحصل عليه العمال الآن هو حقٌ مكتسبٌ لهم لا يحق لأحد التعدي عليه أو الانتقاص منه، أو الافتئات عليه على سند من القول بمعالجة اختلال هيكل الأجور.. ذلك أن المعالجة العادلة الرشيدة ليس لها من سبيل سوى تحويل الأجور المتغيرة إلى أجور ثابتة دون أي انتقاص منها بغض النظر عن أرباح الشركة وخسائرها، وقيمة هذه الأرباح أو الخسائر.
إن العمال غير مسئولين عن أرباح الشركة وخسائرها، كما أن العمال في قطاعات الإنتاج غير مسئولين عن حجم مبيعاتها.. تحقيق الأرباح، وزيادة حجم المبيعات التي تعد مؤشرات للنجاح تخضع لاعتبارات تعظيم القدرات التنافسية بما تشمله من تطوير خطوط الإنتاج، ودراسة أوضاع السوق والتلاؤم معها.. الخ.، لذلك فإن ربط جزء هام من أجور العمال بهذه الاعتبارات يفتقد إلى العدالة، وينطوي على ظلم بالغ.
يلزم التنويه هنا إلى أن الورقة الصغيرة المعنونة "تعديل الراتب الأساسي بإضافة الأجر المتغير الحافز الشهري الحالي"التي تم تقديمها إلى ممثلي النقابات العامة.. قد تضمنت "تحسينًا" محدودًا لمشروع اللائحة في هذا الشأن الهام حيث نصت في البند 1 منها على أن "يتم تعديل الراتب الأساسي الحالي المتضمن العلاوات المضمومة بضم كل أو جزء من الأجر المتغير الحافز الشهري الحالي وفي حدود 2.5 مرة الراتب الأساسي" غير أن هذه الورقة-كما سبق القول- جاءت غير ممهورة بأية توقيع خالية مما يفيد كونها تعديلًا لمشروع اللائحة المقدم.
على أية حال.. يمثل هذا التعديل حال حدوثه تقدمًا جوهريًا مع الحاجة إلى تدقيقه في ضوء الأوضاع الراهنة وطرق احتساب الحافز الحالية في مختلف الشركات والقطاعات الصناعية.
وبالنسبة للبدلات التي تتضمن بدل طبيعة العمل، وبدل الوجبة – الذي تجاهله مشروع اللائحة- وأيضًا بدلات التمثيل للوظائف القيادية العليا والتي قد تكون عالية نسبيًا قد تم تحديد الحد الأقصى لها بالنسبة للعاملين بالشركة ككل بما لا يزيد عن 100% من الأجر الوظيفي، ثم تضمنت ورقة التحسينات غير المؤكدة-التي تم تقديمها لممثلي النقابات العامة –رفع الحد الأقصى إلى ما يعادل 125% من قيمة الأجر الوظيفي، وهو ما يظل أقل مما ينبغي قياسًا على الوزن النسبي لبدلي طبيعة العمل والوجبة في أجور العمال الحالية.
أما عن المزايا العينية:
ــ نقل العاملين:
لعله لا يحتاج إلى برهان أن الحد الأقصى الذي ينص عليه مشروع اللائحة لبدل الانتقال أقل كثيرًا من المعقول، حيث تعادل قيمته في عام الأجر الوظيفي الشهري (فلو افترضنا أن الأجر الوظيفي لأحد العمال 600 جنيه سيكون بدل الانتقال النقدي الذي يحصل عليه شهريًا 50 جنيهًا ) وهو ما لا يكفي للانتقال يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر !!
ويلزم التنويه هنا أيضًا أن ورقة التحسينات غير المؤكدة المشار إليها أعلاه قد رفعت قيمة بدل الانتقال سنويًا إلى ما يعادل قيمة الأجر الوظيفي في شهر ونصف، غير أن هذا أيضًا- حال تأكده- يظل دون الحد المعقول بكثير.
وهنا أيضًا تجدر الإشارة إلى أن تصفية شركات قطاع الأعمال العام لأساطيل النقل المملوكة لها خلال عامين يترتب عليه تسريح مئات وربما آلاف من السائقين..الأمر الذي يثير أزمة اجتماعية غير قليلة الشأن.
ــ الرعاية الصحية:
اشترط مشروع اللائحة لتقديم الرعاية الطبية الإضافية خارج نطاق خدمة التأمين الصحي العام أن تكون الشركة قد حققت أرباح نشاط عن آخر عامين متتاليين، ومرةً أخرى تحقيق الشركة أرباح ليس مسؤولية العمال، ولا ينبغي أن يدفع العمال ثمن أخطاء لا ذنب لهم فيها.، وفي جميع الأحوال لا يجوز التمييز بين عمال شركات قطاع الأعمال العام فيما يتمتعون به من مزايا تأسيسا على أوضاع شركاتهم الاقتصادية.
ــ صناديق التأمين التكميلية أو صناديق الزمالة:
يعرف الجميع الأهمية التي تمثلها صناديق التأمين التكميلية أو ما يسمى بصناديق الزمالة للعاملين ببعض شركات قطاع الأعمال العام حيث تؤمن لهم ما يعادل مكافأة نهاية خدمة مُعتبرة لدى خروجهم على المعاش بما يترتب عليه انخفاض حاد في دخلهم الشهري، فضلًا عما تقدمه لهم من مساندة لدى تعرضهم لأيٍ من المخاطر المحتملة، كما يعرف الجميع أن مساهمات الشركات في هذه الصناديق ضرورية لاستمرارها حيث أن اشتراكات العمال لا تكفي لاستمرارها والوفاء بالتزاماتها، وحيث يؤدي انسحاب الشركات منها إلى انهيارها المؤكد.
إن القول بأن حصة الشركات في اشتراكات التأمينات الاجتماعية تكفي، وأن المساهمة في صناديق التأمين التكميلية تزيدًا ينبغي التوقف عنه، إنما ينطوي على إغفال أو تغافل عن حقيقة يعرفها الجميع بشأن المستحقات التأمينية التي يحصل عليها العامل لدى تقاعده، والتي تعجز عن الوفاء باحتياجاته الأساسية.
إن المبرر الوحيد الواضح لهذا التوجه هو الرغبة في التوفير وضغط الإنفاق الذي لا ينبغي أن يتم على حساب العمال على هذا النحو الذي يفقدهم مزايا ذات شأن كبير بالنسبة لهم.