رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«دفاع ارتجالى وحديث بالعربية».. كواليس لقاء شيخ الأزهر ووزير خارجية فرنسا

جريدة الدستور

في زيارة استغرقت ساعة وربع بمقر مشيخة الأزهر، حضر فضيلة الإمام الأكبر من مسقط رأسه بمدينة القرنة في محافظة الأقصر، لمقر مشيخة الأزهر الشريف، ليستقبل وزير أوروبا والشئون الخارجية الفرنسية، جان إيف لودريان، والوفد المرافق له، وفي بداية اللقاء رحب فضيلة الإمام الأكبر بضيفه الفرنسي، وذلك في حضور عدد كبير من قيادات الأزهر الشريف، منهم الدكتور محمد عبدالرحمن الضويني وكيل الأزهر، والدكتور نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والسفير بدر عبدالعاطي المتحدث باسم الخارجية المصرية، والسفير عبدالرحمن موسى، مستشار شيخ الأزهر للوافدين، والسفير قدري عبدالمطلب مستشار شيخ الأزهر للبروتوكول.

لم يكن لشيخ الأزهر الشريف، كلمة مُعدة مسبقًا حتى يلقيها في حضور الوزير الفرنسي، فكل حديثه كان ارتجاليًا من قلبه دفاعًا عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من اتقان شيخ الأزهر الفرنسية بطلاقة إلا أنه أصر على التحدث باللغة العربية خلال اللقاء الذي استمرت لأكثر من ساعة.

وأكد شيخ الأزهر خلال اللقاء، أن المسلمين حكامًا ومحكومين يعلنون رفضهم القاطع للإرهاب الذي يرفع راية الإسلام، فالإسلام ونبيه والمسلمون براء من الإرهاب، مؤكدًا أنه قال هذا أكثر من مرة في قلب أوروبا، في لندن وباريس وجنيف وروما وقلته في الأمم المتحدة وآسيا وكل مكان.

وأضاف شيخ الأزهر، أنه من الضروري أن يكون المسئولون في أوروبا قد اقتنعوا وأدركوا بأن هذا الإرهاب لا يمثل الإسلام ولا المسلمين، فالمسلمون هم أول ضحايا الإرهاب وبلادنا ضحية للإرهاب واقتصادنا يتضرر بسبب الإرهاب، وهذا الإرهاب موجود بين أتباع كل دين ونظام، فإذا قلنا إن المسيحية ليست مسئولة عن أحداث نيوزيلندا فلابد أن نقر بأن الإسلام غير مسئول عن إرهاب من يقتلون باسمه، وأنا لا أقبل أبدًا أن يتهم الإسلام بالإرهاب.

وقال شيخ الأزهر إنه حين يكون الحديث عن الإسلام ونبيه فأنا لا أجيد التحدث بالدبلوماسية، وسأكون دائمًا أول من يحتج ضد أي إساءة إلى ديننا ونبينا، وأنا أتعجب حينما نسمع تصريحات مسيئة مثل التي سمعناها لأن هذه التصريحات تسيء إلى فرنسا وتبني جدارًا من الكراهية بينها وبين الشعوب العربية والإسلامية، وهذه التصريحات يستغلها المتطرفون في القيام بأعمال إرهابية والمسئولون هنا يتحملون جانبًا من المسئولية لأن واجب الحكومات أن تمنع الجرائم قبل حدوثها، فحينما تسيء صحيفة إلى نحو ملياري مسلم فهذه ليست حرية تعبير، بل هذه جريمة تجرح مشاعر المسلمين وكل المعتدلين، وتضر بمصالح فرنسا نفسها لدى الدول العربية والإسلامية.

وشدد الإمام الأكبر على أنه صدره واسع للحديث في أي شيء لكن الإساءة لنبينا محمد ﷺ مرفوضة تمامًا، وإذا كنتم تعتبرون الإساءة لنبينا حرية تعبير فنحن نرفض هذه الحرية شكلًا ومضمونًا، وسوف نتتبع الذي يسيء إلى نبينا في المحاكم الدولية حتى لو أمضينا عمرنا كله في الدفاع عن النبي ﷺ، هذا الرسول الكريم الذي جاء رحمة للعالمين، وأطالب دول الحقوق والحريات أن تتخذ خطوات حقيقية ملموسة لوقف أي تصريحات تربط الإرهاب بالإسلام وتقول الإسلامي أو الإسلاموي، فهذه المصطلحات جميعها تجرح مشاعر المسلمين، وليس من الحكمة المغامرة بمشاعر ملايين البشر من أجل ورقة مسيئة، هذا منطق عجيب.

وأعرب شيخ الأزهر عن استعداد الأزهر للتعاون مع فرنسا وعلى نفقة الأزهر لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام ومحاربة الفكر المتطرف والتشدد داخل فرنسا، ولا نريد مقابل ذلك أي ثناء أو شكر، لأننا نعمل من أجل السلام الذي هو رسالة الإسلام، وعلى استعداد لتقديم منصة خاصة للحوار ونشر الوسطية والاعتدال والتعاون باللغة الفرنسية ونتعاون مثلما تعاونا مع الفاتيكان ومجلس الكنائس والمؤسسات الدينية الكبرى حول العالم، وقد كانت وثيقة الأخوة الإنسانية خير شاهد على هذا التعاون، التي لو قرأها المسئولون وأمعنوها لتجنب العالم مشكلاته.

وعقب اللقاء عقد مؤتمر صحفي للوزير الفرنسي بمقر مشيخة الأزهر، أعلن فيه وزير الخارجية الفرنسي، عن أن فرنسا تكن احترامًا عميقًا للإسلام ومكانته في الثقافة والتاريخ والعلوم الفرنسية، وتأمل أن تشجع وتنمي البحوث وتعاليم الإسلام وحضارته وثقافته التي تخص مؤسسة الأزهر بشكل مباشر، وأهمية صوت الأزهر وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في الدعوة إلى التسامح والاعتدال.

وأضاف أن المؤمنين المسلمين في فرنسا جزء متكامل من المجتمع الفرنسي، وبإمكانهم أن يمارسوا شعائرهم في مناخٍ محمي من الدولة.

وقال لودريان إن المعركة الوحيدة التي يجب أن نحاربها وبجانب أصدقاء وشركاء مثل مصر هى الإرهاب والتطرف وأننا ضد هؤلاء الذين يشوهون الدين لأغراض سياسية، ونحن نفرِّق بين الإسلام وهؤلاء المتطرفين، وأن المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب. مضيفًا أنه «مع مؤسسة عظيمة مثل الأزهر يجب أن نقاتل ضد هذا الخليط من الكراهية وضلالات المتطرفين الدينية».