رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قيمة الوقت والمفاجآت


لن يرجع عامة الشعب إلى ديباجة الدستور ليعلم مبادئ الشريعة ولا الفرائض ولا الأحكام، وخصوصا أحكام الدستورية العليا، ولكنها تظل مرجعاً للباحثين والدارسين والمختصين. وهذه هى الأهمية، فى إثبات الإشارة إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا

فى آخر سنوات حكم الرئيس السادات -رحمه الله تعالى- كانت هناك محاولات عديدة لتعديل المادة الثانية من الدستور، التى تنص على أن الإسلام هو دين الدولة، وأن اللغة العربية هى اللغة الرسمية . ولم يكن هناك خلاف حول هاتين النقطتين، ولكن الخلاف والتعديل المطلوب كان حول مبادئ الشريعة،وهل تكون هى المصدر الرئيسى للتشريع أم تبقى كما كانت من قبل مجرد مصدر رئيسى للتشريع. وتم التعديل وأصبحت مبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع. وهذه المادة بنصها السابق منذ أوائل الثمانينيات مادة حاكمة فى باب المقومات والدولة فى الدستور، ويمكن فى ضوئها إلغاء كل القوانين المخالفة لها وهذه قضية أخرى. هناك فى لجنة الخمسين للتعديلات الدستورية لسنة 2013 التى تنهى عملها بمشيئة الله تعالى قبل 3 ديسمبر الحالى، هناك من يرى أن مبادئ الشريعة لا يجب أن تكون هى المصدر الرئيسى للتشريع، بل تلغى، أو أن تكون مصدرا رئيسيا من مصادر التشريع فقط. وهناك من يرى أبعد من ذلك.

وهناك من أعضاء اللجنة وخصوصاً الصديق العزيز الدكتور محمد إبراهيم منصور، ممثل حزب النور من يرى ضرورة تفسير مبادئ الشريعة بالمادة 219، التى وضعت فى الدستور المعطل 2012، والتى كانت تنص على أنها تشمل، أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية، والمصادر المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة «. ولما كانت هذه المادة غامضة ولايفقهها إلا المختصون فى علم أصول الفقه على وجه الخصوص، فتم الاتفاق مع قيادة حزب النور على إلغاء هذه المادة 219 ولكن بشرط وبديل، وهو أن يوضع تفسير المحكمة الدستورية العليا لمبادئ الشريعة فى ديباجة الدستور. وتم الاتفاق على ذلك بل وصياغة الفقرة التى تكتب، وذلك فى اجتماعات التهدئة والتوطئة بين قيادات حزب النور ولجنة مصغرة من أعضاء لجنة الخمسين. عندما عرض الأمر على لجنة الخمسين للتوافق أو التصويت على ما اتفقت عليه اللجنة المصغرة استغرق النقاش وقتا طويلا، وتم الاتفاق على إدارج صيغة مختارة من أحكام المحكمة الدستورية العليا تم التوافق عليها بين ممثل حزب النور وبين الأزهر ووافق عليها أيضا ممثلو الكنيسة. وفى اليوم التالى وقبل التصويت النهائى بيومين فوجئنا بتغيير آخر، يقضى بالاقتصار فى الديباجة على أن مبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع، وأن المرجع فى تفسيرها هو ما تضمنته أحكام المحكمة الدستورية « ثم تذكر أرقام الأحكام فى الهامش لمن يريد الاطلاع عليها. وهذا فى ظنى يكفى ويزيد. طبعا ذكرتنى هذه الواقعة والتغيير الأخير، وأنا نائب رئيس لجنة الخمسين بواقعة الإعلان الدستورى الذى أطلقه الرئيس المعزول فى نوفمبر 2012، وعلم به نائب الرئيس المستشار محمود مكى من الصحف وهو فى مؤتمر فى باكستان. كم من الوقت يضيع فى أمور لا تشغل الشعب المصرى وهو شعب مسلم فى غالبيته، يؤدى الفرائض، ويفهم مبادئ الشريعة ويمارسها، وأحيانا يتجاوزها ببشريته.

ولن يرجع عامة الشعب إلى ديباجة الدستور ليعلم مبادئ الشريعة ولا الفرائض ولا الأحكام، وخصوصا أحكام الدستورية العليا، ولكنها تظل مرجعاً للباحثين والدارسين والمختصين. وهذه هى الأهمية، فى إثبات الإشارة إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا. وإلى مزيد من الشرح للموضوع فى مقالات قادمة.

والله الموفِّق