رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قطر تتحدى الأمم المتحدة!


التحالف التركى القطرى أخرج لسانه، مجددًا، لما يوصف بـ«المجتمع الدولى»، وأكد أن أى جهود دولية أو أممية، لحل الأزمة الليبية، لن تحقق أى نتائج على الأرض، وقبل أن تمر ثلاثة أيام على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، فى جنيف، برعاية الأمم المتحدة، قامت دويلة قطر بتوقيع ما زعمت أنه «اتفاق أمنى» مع أحد أبرز عملاء تركيا فى ليبيا.
بعد توقيع اللجان العسكرية الليبية المشتركة على اتفاق جنيف، سألنا: «وقف إطلاق النار.. بين من ومن؟» وتحت هذا العنوان، أوضحنا أن هذه اللجان، التى تضم ممثلين عن الجيش الوطنى الليبى وقوات ما يوصف بـ«المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق»، يختص عملها بالمسار الأمنى، أحد المسارات الثلاثة، التى تعمل عليها بعثة الأمم المتحدة، بالتوازى مع المسارين الاقتصادى والسياسى، وقلنا إن تركيا، إيطاليا، وقطر، تعمل على إفشال المسارات الثلاثة.
الاتفاق، الذى تم توقيعه، الجمعة الماضى، نص على «خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضى الليبية برًا وبحرًا وجوًا فى مدة أقصاها ٣ أشهر». ولعلك تعرف، كما يعرف العالم كله، أن قرارًا كهذا لن يستطيع الوكلاء أو العملاء تنفيذه، خاصة، بعدما شكك الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، فى صمود الاتفاق، ورأى أنه لن يتحقق بدرجة كبيرة!.
قبل مرور ساعة على توقيع الاتفاق، خرج الرئيس التركى بهذا التصريح، وأمس الأول الإثنين، قامت دويلة قطر بتوقيع اتفاق مع فتحى باشاغا، وزير داخلية ما يوصف بـ«المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق»، زعمت وكالة الأنباء القطرية أنه يهدف إلى «تعزيز التعاون فى المجال الأمنى بما يخدم مصلحة البلدين الشقيقين»، بينما أظهرت بنود الاتفاق أن هدف قطر وباشاغا، ومن يحركون الاثنين، هو تحدى الجهود الأممية والدولية الرامية إلى حل الأزمة الليبية سياسيًا.
بالتزامن، أصدر ما يوصف بـ«ائتلاف القوات المساندة لعملية بركان الغضب» بيانًا استنكر فيه عمل بعثة الأمم المتحدة، وطالبها بـ«الكف عن العبث بمصير الليبيين»، وأعلن عن رفضه جميع أطراف الحوار الحالية «الفاقدة للشرعية وللمعايير المجتمعية» مشيرًا إلى أنها قد تساهم فى صياغة قوانين واتفاقات لا تراعى مصالحها. وأضف إلى ذلك، أنه بمجرد أن كشفت بعثة الأمم المتحدة عن شروط حضور ملتقى الحوار، الذى ستستضيفه تونس، فى ٩ نوفمبر المقبل، أعلن عدد من «أمراء المحاور وقادة الكتائب» عن تشكيل «فريق سياسى» للمشاركة فى الملتقى، واتهموا «حكومة الوفاق»، فى بيان، بإهمال حقوق مقاتليها!.
المهم، هو أن «الاتفاق الأمنى» المزعوم، الذى وقعه فتحى باشاغا، وزير داخلية حكومة الوفاق، المزعومة، مع نظيره القطرى، خالد بن خليفة، من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ، كما نص أحد بنوده، من تاريخ التوقيع عليه، وأن تسرى أحكامه لمدة ثلاث سنوات، وتجدد تلقائيًا لمدة مماثلة ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر كتابيًا عن طريق القنوات الدبلوماسية برغبته فى إنهائه قبل ستة أشهر من تاريخ الانتهاء. والأكثر من ذلك، هو أنه فى حال إنهاء الاتفاق أو وقف العمل به، ستبقى أحكامه سارية المفعول حيال البرامج التدريبية المتفق عليها حتى انتهاء مددها المقررة!.
بموجب هذا الاتفاق، سيتم تشكيل «لجنة متابعة أمنية تضم ممثلين عن الإدارات المعنية لدى الطرفين»، وسيتعاون الطرفان، بشكل معلن، فى التدريب، تعزيز بناء القدرات، توثيق الهويات الشخصية، إعداد القيادات الإدارية، تطوير نظام الدخول والخروج، و... و... وأمن السواحل. وعلى ذكر «أمن السواحل»، نشير إلى أن تقريرًا أمميًا حديثًا أكد إعادة أكثر من ٨ آلاف مهاجر غير شرعى بعد مغادرتهم السواحل الليبية، بين الأول من مارس و٣١ يوليو، وأوضح أن طرابلس والزاوية كانت الأكثر نشاطًا للمغادرين خلال الأشهر الخمسة.
حتى أيام مضت، كان عبدالرحمن البيدجا، هو آمر «قائد» خفر السواحل فى المنطقة الغربية، أى المسئول عن تأمين تلك السواحل، لكن ما يوصف بجهاز «الردع»، التابع لباشاغا قام بإلقاء القبض عليه، فى إطار عمليات تصفية الحسابات بين ميليشيات الزاوية ومصراتة وطرابلس وزليتن والجبل الغربى، وهى العمليات، التى بات فى حكم المؤكد أن تركيا تقف وراءها، وأنها كما تدعم قوات عصابات «الوفاق»، تقوم فى الوقت نفسه بتأليب هذه العصابات ضد بعضها البعض، بهدف إفشال جهود بعثة الأمم المتحدة، وتفريق دم أى اتفاقات بين العصابات المتناحرة.
الخلاصة، هى أن كل الجهود الدولية والأممية، لحل الأزمة الليبية، لن تحقق أى نتائج على الأرض، فى وجود مقامرين، متبجحين، لا تعنيهم مقدرات ليبيا وشعبها، بقدر ما يعنيهم اقتناص ما تطاله أيديهم من ثرواتها، مطمئنين إلى أن رادار المجتمع الدولى لن يتلقط جرائمهم، وأن الأمم المتحدة ستتعامى عن انتهاكاتهم لقراراتها وللقانون الدولى، ولأى اتفاقات تم أو سيتم توقيعها.