رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالرحيم طايع يكتب: مايوه عارفة عبدالرسول

عبدالرحيم طايع
عبدالرحيم طايع

نشرت صديقتنا الفنانة القديرة عارفة عبدالرسول، صورة لها بالمايوه، على صفحتها بـ«فيسبوك»، تحت عنوان «لقيت الطبطبة»؛ وكان من نتيجة ذلك أنها خسرت بعض جمهورها الذى وجد فى مثل هذا النشر ما لا يليق بفنانته ولا بنفسه، معتبرًا الصورة فعلًا فاضحًا يجب أن تمحوه السيدة فورًا، بل تعتذر عن الحفاوة به من الأساس.
أوضحت السيدة، بعد أن اتسع الموضوع إلى درجة تصدره تريند «جوجل»، وتهافتت عليها المواقع والصحف، أن المايوه ليس بالمايوه البكينى ولا البوركينى، كما تصور كثيرون، لكنه «شورت وجيبة»، أى قطعتين من الأسفل لا واحدة، وقالت إنها تنتمى إلى الإسكندرية، وطوال عمرها تنزل البحر بالمايوه كمعظم الناس هناك، وتجد الطبطبة من الأهوية المنعشة، كما استغربت من الخيال الجامح لجماعة من متابعيها، فالصورة أصلًا أظهرت جزءها العلوى دون الجزء الآخر، لكنها مع ذلك أبدت تسامحًا عظيمًا، متمنية أن يكف الناس عن مراقبة حياتها الخاصة.
الهجوم الشديد عليها لم ينفِ وجود تعليقات إيجابية كثيرة على الصورة التى أثارت الزوبعة.. الزوبعة الفنجانية طبعًا، ولم ينفِ الدعم الذى وجدته السيدة من زملاء وزميلات فى الوسط الفنى، الذى لا تهدأ عواصفه المفتعلة إلا تبدأ أخرى، بسبب تركيز الناس الشديد على مشاهيره.
من حسن حظ الفنانة الراسخة أن الشيخ عبدالحميد كشك، ليس حيًّا يُرزَق؛ ولو كان كذلك لضمها، فى إحدى خطبه النارية، إلى قائمة الفنانات اللواتى اعتاد انتقاد سلوكهن، لا سيما كبيرات السن، كما انتقد السيدة العظيمة «أم كلثوم» من قبل؛ لأنها- فى نظره- لم تتورع عن الصدح بأغنية «إنت عمرى»، التى ضمن مقاطعها «خدنى لحنانك خدنى.. عن الوجود وابعدنى».
شخصيًا أرى الصورة عادية تمامًا، وكنت سأراها كذلك لو كانت بالبكينى أو البوركينى، فالإنسان حر فيما يلبسه، بالذات على البحر، وحر فى تصوير نفسه بالمظهر الذى يشاؤه، وحر فى وضع صوره الشخصية على صفحته طبعًا، وإذا كان الآخر، الذى من أصدقائه، حرًا فى إبداء رأيه فى تصرفات غيره، فالشرط أن يكون الرأى مُختصَرًا لا مُطوَّلًا ولطيفًا لا جارحًا وجماليًا وليس أخلاقيًا ولا وعظيًا، وأن يعكس مودة لا وصاية، وبالجملة أن يكون بسيطًا وراقيًا وواعيًا ونبيهًا.
«عارفة» أنهت تصوير دورها فى الفيلم الجديد «النمس والإنس»، بطولة النجم محمد هنيدى، والنجمة منة شلبى، ونخبة فنية رائعة، ومن إخراج شريف عرفة.. مشاركتها فيه جعلت طائفة من المحللين ينسبون ما جرى إلى البروباجندا؛ أى يرونه عملًا دعائيًا قامت به السيدة ترويجًا لدورها السينمائى المقبل، إلا أنها فى غنى عن ذلك حقًا؛ فمنذ لمع نجمها لم ينطفئ، ومحبوها يتزايدون ولا يتناقصون.
عارفة عبدالرسول، ٦٦ عامًا الآن، من مواليد حى الحضرة بالإسكندرية، ممثلة وحكاءة وقاصة ومؤدية دوبلاج، نالت شهرتها المستحقة متأخرة، لعب زوجها السيد مصطفى درويش، دورًا بارزًا فى إنجاح سعيها إلى الشهرة بالمجال الفنى؛ إذ مكث راعيًا لأولادهما فى الإسكندرية، بعد تخرج الأولاد، سامحًا لها أن تنزل إلى القاهرة بمفردها باحثة عن اسمها الغائب بين الأسماء الفنية الحاضرة، وهو ابن الفن كمثلها، فعمله الإخراج، مخرجًا ومساعدًا للمخرجين.
لقد تحدت السيدة البطلة جملة مزعجة من الظروف المستحيلة، وهزمت نفوس الذين وصفوها بالكومبارس، وبأنها ستعيش وتموت دون أن تحقق شيئًا مذكورًا فى المجال الفنى، الذى تعشقه وتمتلك الموهبة الكبيرة الصادقة التى تؤهلها له.
ما لا يعرفه عنها أغلبية الناس أنها سيدة شديدة البساطة وافرة الجود، ووفية بحيث لا تتخلى عن أقربائها وأصدقائها وجيرانها فى المحن، كما أنها من قليلات يتسمن بالمصرية الخالصة؛ فملامحها الخارجية الفرعونية، مع مخزونها الثقافى الفلكلورى العريض، وحرصها البالغ على صحبة العاديين الطيبين «أولاد البلد» واللَّواذ بنقائهم- يعكس صوتًا عاليًا جميلًا من نبض الوطن الذى تنتمى إلى ثغره وتعتز به كله اعتزازًا عظيمًا، وكم طافت بأرجائه عارضة على أهله ما لديها من البضائع الفنية الممتازة، للتوعية وللتسلية، سواء بسواء.