رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«35 شارع سلامه حى البغالة السيدة زينب».. هنا احترق قلب وقصائد توفيق الحكيم

توفيق الحكيم
توفيق الحكيم

قبل إندلاع ثورة 1919 بأربعة سنوات كان عمر توفيق الحكيم سبعة عشر ربيعًا، عندما ألحقه أبوه بمدرسة حكومية في محافظة البحيرة، حيث أنهى الدراسة الثانوية، ثم انتقل إلى القاهرة مع أعمامه، لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية؛ بسبب عدم وجود مدرسة ثانوية في منطقته.

وفي 35 شارع سلامة بحي البغالة في السيد زينب، قابل توفيق الحكيم الفتاة «سنية» جارته الحسناء ابنة الدكتور حلمي التي تكبره بعامين أثناء إقامته مع أعمامه، فوقع في غرامها وكانت تعزف البيانو؛ وإذ بتوفيق الحكيم الذي تحتفى الأوساط الثقافة اليوم بذكرى ميلاده (9 أكتوبر 1898_ 26 يوليو 1987) يكتب الشعر ويتعلم الموسيقى والتمثيل مترددًا عل فرقة جورج أبيض لكي يرضي ميوله الفنية للانجذاب إلى المسرح.

«سنية» لم تكن تبادل الحكيم نفس مشاعره تجاها لمدة أربعة سنوات؛ حيث كانت تحب جارها الشاب الثري الذى كان يسكن فى الطابق الاخير بالعمارة، وهو ما أكتشفه عام 1919 عندما وقع خلاف بين عمته وبين حبيبته «سنية» جعلتها تنقطع عن زيارة عمته، واذ به يذهب بعد رجوع من زيارة والده ووالدته فى فترة الأجازة الدراسية مقررًا الذهاب اليها وإخبارها بأمر عشقه؛ ولكن سرعان ما كان قلب فتاته قد انصرف عنه خلال فترة سفره لأسرته، ولم يجد «الحكيم» إلا أن يجهش أمامها باكيًا، ويخرج الفتى على عجل بعد أن يترك لها مجموعة من الأوراق جمعت ما قاله فيها من الشعر والنثر.

«الحكيم» خرج من تجربته الأولى في الحب محطم القلب، وقد انقطعت به كل أسباب الاتصال بالحياة فلا المدرسة وواجباتها تحتل من ذهنه شيئًا، ولا المجتمع يشغل من فكره مكانًا. ولم ينقذ الفتى من آثار حبه وآلامه غير قيام الثورة المصرية في مارس عام ١٩١٩، والتي شارك فيها مع أعمامه وقبض عليهم واعتقلوا بسجن القلعة؛ إلا أن والده استطاع نقله إلى المستشفى العسكري إلى أن أفرج عنه.

اشتهر «الحكيم» في حياته بلقب «عدو المرأة» ويقول: السبب في هذا الاتهام - كما رواه لصلاح منتصر في كتابه «شهادة توفيق الحكيم الأخيرة» يرجع إلى السيدة هدى شعراوي بسبب مهاجمتي أسلوبها في تشكيل عقلية المرأة المصرية خاصة البنات، بأن حذرتهن من الاستمرار في حياة الجواري وخدمة الرجال والأزواج في البيت لأنهن مساويات للرجل في كل شيء، واشتكى لي بعض الأزواج من البنات والزوجات، اللاتي يفكرن بطريقة شعراوي في فهمه لرقي المرأة وأنه استعلاء على الرجل وعدم الخدمة في البيت فكتبت في ذلك، ونصحت الزوجة الحديثة بأن تعرف على الأقل أن تهيئ الطعام لزوجها، وأن أسهل صنف يمكن أن تطبخه له هو صينية البطاطس في الفرن.

إلا فى نهاية عام 1946م تزوج «الحكيم» أثناء عمله في «أخبار اليوم»، وأنجبت له زوجته طفلين هما إسماعيل وزينب، ولم يخبر أحدًا بأمر زواجه حتى علق مصطفى أمين قائلًا: «نحن الصحفيين مهمتنا الحصول على الأخبار، ونحصل عليها من السراي، ولا نعرف بزواج الحكيم»، ويكتب مصطفى أمين عن زواجه في مقال له بعنوان «عدو المرأة يتزوج بشروطه»، وينقله لنا الدكتور أحمد سيد محمد في كتابه «توفيق الحكيم.. سيرته وأعماله» فيقول: «إنه أخفى عليهم أمره، ثم اعترف لهم بأنه تزوج من سيدة مطلقة لها ابنتان، وأن الزواج عقلى، الغرض الأول منه تأسيس بيت يصلح لحياة فنان، الكتب فيه أهم من الفراش، والموسيقى فيه أكثر من الطعام!».