رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كتاب «تأملات بين العلم والدين والحضارة» يكشف أداة صوغ قانون الحياة

تأملات بين العلم
تأملات بين العلم والدين والحضارة

قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة نوبل للكيمياء للعام 2020 لعالمتي الوراثة، الفرنسية إيمانويل شاربانتييه والأمريكية جنيفر داودنا بسبب تطويرهما لـ"مقصات جزيئية" قادرة على تعديل الجينات البشرية، وهو إنجاز يُعتبر ثوريا في مجال الكيمياء.

وكشف كتاب "تأملات بين العلم والدين والحضارة" فى جزئه الثاني للباحث الدكتور محمد فتحي عبد العال عن أداة صوغ قانون الحياة التي فازت بجائزة نوبل مؤخرا عن تطويرهما لتقنية كريسبر بجائزة نوبل للكيمياء، وقد وصفت لجنة التحكيم هذا الإنجاز باعتباره أداة لإعادة صوغ قانون الحياة.

فما هي تقنية كريسبر وفيما تستخدم؟
مؤلف الكتاب يفصل لهذه المسألة، قائلًا: تقنية كريسبر تعتبر تقنية تحرير الجينات (كريسبر كاس 9 ) (CRISPR-Cas9) من التقنيات الواعدة في مجال العلاج الجيني فهي أداة جزيئية شديدة الدقة والذكاء في تعديل الجينات، فباستطاعتها تحديد الجزء المراد تعديله في مكان معين من الشفرة الوراثية لكائن ما والتعرف عليه بدقة.
وتتكون كريسبر من عنصرين: دليل كريسبر الجزيئي الذي يعثر ويرتبط بالجين المُستهدف؛ والمقصّ الجزيئي «كاس9» الذي يرافقه ويقوم بقصّ سلسلة الحمض النووي المستهدفة وإجراء التعديل المطلوب.

وعن بداية الاكتشاف، يقول مؤلف الكتاب: "كان التعرف على هذه التقنية لأول مرة في البكتريا، حيث اكتشف العلماء اليابانيون وجودها في بكتريا E. Coli حيث تؤدي دورا هاما في الجهاز المناعي لدى البكتريا يحميها من الفيروسات".

استطاع العلماء أن يوظفوا هذا النظام لخدمة البشرية والمساهمة في علاج أمراض السرطان وفقر الدم المنجلي والتليف الكيسي وفي مكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) ويقوم نظام كريسبر بأربعة مهام رئيسية هي حذف الجينات الغير مرغوب فيها من الجينوم أو إضافة جينات مرغوب فيها إلى الجينوم أو تفعيل الجينات الغير عاملة والضرورية لأداء وظائف داخل الخلايا أو تعطيل نشاط الجينات الزائد عن المعتاد.

يعول كثير من العلماء على كريسبر فهي التقنية التي نعيد بها تشكيل وظائف كثيرة إلى شكل جديد مغاير لما ألفناه عنها، ومن ذلك أن نطور كريسبر لتكون سلاحا يستهدف بكتريا محددة وقتلها، فضلا عن إيقاف عمل الفيروسات وربما تصبح في المستقبل بديلا للمضادات الحيوية ومضادات الفيروسية التقليدية.

وعلى الرغم من الإمكانيات الهائلة لهذه التقنية ومنها اختبار أدوية ولقاحات جديدة إلا أن مخاطر جمة وغير متوقعة قد تصاحب الاستخدام الخاطئ لها ومنها احتمالية الإصابة بالسرطان، إضافة إلى الاستخدام العبثي عبر التجريب على البشر؟ فهل هذا حدث فعلا؟.

في عام 2018 أعلن عالم الفيزياء الحيوية الصيني (خه جياكوي) عن ولادة توأمين معدلين جينيا، يدعوان لولا، ونانا في أول تجربة للتعديل الجيني على البشر عبر إزالة جينًا يسمى "سي سي أر 5" وحتى يكسب تجربته بعدا أخلاقيا فقد زعم أن تجربته كانت بقصد حماية البشر ووقاية التوأمين من نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). فحكمت محكمة الشعب بمقاطعة نانشان الصينية بسجنه لمدة ثلاث سنوات وتغريمه 430 ألف دولار فيما حكمت بالسجن على اثنين من مساعديه ايضا.

يكشف مؤلف الكتاب أن العلماء استطاعوا إحداث تطوير في كريسبر فكانت مؤخرا (CRISPR-Cas 13d) وهي تستهدف الحمض النووي الرنا على عكس CRISPR-Cas9 والتي تستهدف الحامض النووي الدنا ولأن كوفيد-19 من الفيروسات ذات المحتوى النووي الرنا فإن تقنية CRISPR-Cas13 قد تكون حلا سحريا مهيئا لاستهداف الرنا داخل الفيروس المستجد وتفكيكه حيث يعمل Cas 13d على الالتصاق بمنطقتين جينيتين هما الأهم في جينوم الفيروس المستجد يساهمان في تكاثره ويغلفانه ويمنعان الخلية التائية في الجهاز المناعي من التعرف عليه وعبر قص المنطقتين يمكن القضاء على قدرة الفيروس على التكاثر داخل الخلايا وبحسب الدراسة المقدمة من الباحث تيم أبوت بقسم الهندسة الحيوية بجامعة ستانفورد وفريقه والتي نشرت بموقع بيو اركايف، فباستطاعة التقنية أن تفكك تسلسل المحتوى الجيني للفيروسات التاجية معمليا بنسبة 90٪.

ولكن هل تحقيق هذا الحلم على أرض الواقع قريبا؟ يرى مؤلف الكتاب أنه بالطبع لا فالأمر لا يعدو كونه ورقة بحثية لا تقدم حلا عاجلا أو حتى في الغد القريب ولكنها ترسم ملامح علاج ناجع نجني ثماره مستقبلا.