زيت حشيش للشعر.. مغامرة لـ«الدستور» تكشف تداول خلطات من المخدر بمحال العطارة
شهدت الفترة الماضية ظاهرة غريبة؛ تتمثل فى استخدام "الحشيش" لتقوية الشعر، بزعم أنه غني بالمواد التي تفيد بصيلاته، على أن يُخلط المخدر الحشيش بنوع من زيوت الشعر أو يتم تسييحه ثم وضعه على فروة الرأس.
وثقت "الدستور" في هذا التحقيق وجود محال عطارة تروج لاستخدام "القنب" وبيعه للبنات مع خلطه بزيوت أخرى، كما رصدت صحة اسخدام الحشيش بالشعر، من خلال إجراء اتفاقات مسجلة مع محال زيوت وعطارة
جروبات البنات: "جربوه وهاتدعولي"
منى أحمد، -اسم مستعار-، مسئولة عن إحدى مجموعات بيع الزيوت على موقع فيس بوك، دعت إلى تجربة زيت الحشيش، واصفة طريقة استخدامه بإذابة نبات"الحشيش" ثم إضافة زيت الزيتون عليه، واستعماله على الشعر، لتختم: "جربوه وهاتدعولي"، مؤكدة أنها استخدمته وجاء بنتيجة مذهلة.
وعلى إثر دعوة على مواقع التواصل الاجتماعى، انهالت على السيدة بعضًا من الأسئلة من عضوات الجروب، للتأكد من فاعلية الزيت، وكيف يمكن الحصول عليه، وثمنه، لتظهر تعليقات أخرى لعدد من الفتيات اللاتي أكدن أنهن تستخدمنه بالفعل، ويحصلن عليه من إحدى الشركات التي تستورده، وقالت الفتيات إن الزيت الذي يتم تداوله في مصر، مغشوشًا.
مجموعة أخرى تديرها سيدة تنتمي لأصول مغربية تدعى ن.ع، تروج لمنتجات تجميلية لاسيما زيت الحشيش من خلال نشر فوائده في زيادة كثافة الشعر، ولمعانه ونعومته، مؤكدة أنه يُجهز بالمغرب عن طريق إحضار نبات الحشيش الأخضر، وهو ما يعرف "بالقنب الهندي"، ثم يطحن مع زيت الزيتون جيدًا، ويستعمل مباشرة على الشعر.
عطارين: الخلطة بـ 1500 جنيه
داخل أحد محال العطارة اليمنية الشهيرة بحي الدقي، عقدتا محررتا الدستور، صفقة مع أحد العاملين بالمحل يدعى"خ.م" على تجهيز لترًا من زيت الحشيش يصنعه بنفسه من خام المخدر، بحرقه ثم إضافة زيوتطبيعية عليه مثل زيت الزيتون الجوجبا، زيت جوز الهند، بدعوى حاجة المحررتين لهذا الزيت لتغذية شعرههما واستخدام عدد من فتيات ونساء أسرتهيما لتلك الوصفة.
تردد العطار في البداية لتجهيز تلك الخلطة، وطالب المحررتين بإحضار المخدر وأن يقتصر دوره على حرقه وإضافة زيت الزيتون عليه، مشيرا إلى ضرورة التحقق من أن مخدر "الحشيش" أصليًا ضمانًا لنتيجة مرجوة، موضحًا أن أغلب "الحشيش" الموجود بالسوق مضروب، إلا أن محررتا الدستور أظهرتا له أنهما لستا على دراية بأنواع الحشيش، ولا يمكنهما التفريق بين الأصلي والمضروب، لذا عليه القيام بهذا الدور، ووافق العامل على إحضار الحشيش.
.
وأكد تاجر عطارة أن مخدر الحشيش الأقرب بمحافظة مرسى مطروح،"حاجيبه من
مطروح،،، قالها موضحا أن كمية المخدر اللازمة لتجهيز لتر زيت حشيش، يتكلف
سعره 1000 جنيهًا، وبإضافة زيوت عليه، ثمن أجرة حرقه، وتجهيز الخليط فيكون
المبلغ المطلوب دفعه 1500 جنيهًا.
وأشار عامل العطارة أيضا إلى أن زيت الحشيش لا يكون له أثًرًا إيجابيًا على الشعر بتكثيفه وتنعيمه، إلا إذا كان النبات المستخدم هو الأصلي، ولمحاولة طمأنتنا أكد أنه قادر على التمييز بين الأصلي"والمضروب".
صفحات فيس بوك: السعر يتم تحديده عند التسليم
تواصلنا أيضا مع إحدى صفحات تجارة الأعشاب والزيوت على موقع "فيس بوك" للاستفسار عن استخدام مخدر "الحشيش" للشعر، والتي أكدت حقيقة المعلومة وأنه ليس بجديد، كما عرضت تجربة الأمر حتى لو بكمية قليلة في بادئ الأمر.
أوضحت الصفحة أن زيت الحشيش المتداول في الأسواق هو عادةً خليط من الزيوت الطبيعية وليس له علاقة بالحشيش الذي يُضع على الشعر، واختلاف السعر يوضح الفارق بينهما، فمثلًا سعر زيت الحشيش مثله مثل بقية الزيوت الطبيعية وهو عبارة عن مجموعة نباتات، اما مخدر الحشيش فيتم احتساب السعر بالجرام.
طلبنا من الصفحة شراء مخدر "الحشيش" الأصلي، وهو ما ردت عليه بأنها لا تعمل فيه، ولكنها ستحاول بأن تشتري حتى لو قطعة صغيرة وستحدد هي السعر وموعد التسليم، مؤكدة ان طريقة استخدامه سهلة وهي القيام بتسييحه وخلطه مع أي كريم أو زيت للشعر.
أماني: اشتريته من أحد تجار الزيوت
أماني ناصر، طالبة في العشرين من عمرها، تقول إن البنات عادةً ما يبحثن عن كل جديد يمكن أن يضيف رونقًا إلى جمالهن، موضحة أنها دائمًا ما تتابع أحدث صيحات الموضة وعلاجات الشعر والبشرة.
البداية مع أماني كانت من إحدى الأسواق في محافظة مرسى مطروح أثناء قضاء الإجازة الصيفية مع أسرتها، وتحديدًا سوق ليبيا الذي يشتهر بمنتجاته المستوردة، وجدت شخصا يبيع جميع أنواع الزيوت وكانت أول مرة تعرف زيت الحشيش.
تحدثت "أماني" مع البائع عن ماهية زيت الحشيش وأوضح لها أن مجموعة زيوت طبيعية وليس له علاقة بالحشيش، قائلًا: "بس لو عايزة الحشيش الأصلي تسيحيه وتستخدميه على شعرك ممكن اجيبلك".
تقول: "سألت البائع عن الفرق بين زيت الحشيش ومخدر الحشيش الأصلي، فأكد أنه لا يوجد أضرار منه مادام يتم استخدامع على الشعر فقط، وذكرت أن العبوة صغيرة للغاية وتخطى سعرها الألف جنيه، وعندما استخدمته لم يحدث فرق نعومة أو تقوية الشعر، فقط كانت رائحته سيئة ولم تكرر استخدامه خوفًا من أضراره.
مريم: وصفات مجهولة المصدر
مريم إسماعيل، فتاة ثلاثينية تعمل في أحد البنوك الخاصة، ترى أن معظم الوصفات الموجود في الأسواق عادةً ما تكون مغشوشة وغير آمنة لاستخدامها على الشعر والبشرة، مؤكدة أنها لم تتفاعل مع تريند زيت الحشيش كونه يغذي أو يطول الشعر.
تضيف مريم: " أنا حريصة على شراء منتجات تجميل لشعري أو بشرتي، لكن ليست مغشوشة تدمر البشرة أو الشعر، والمفروض أن البنات لاتستخدم منتجات مجهولة المصدر".
وأوضحت أن خلطات العطارين التي تُباع في أماكن غير موثوق بها يجب أن نبتعد عنها، معلقة: " أي منتجات تجميل بستخدمها بجيبها من شركات لها اسم معروف وبتأكد من اسم الشركة من خلال السيريال نمبر لأنها ممكن تكون مقلدة بسهولة، ولما اشتري حاجة غالية مفيدة عارفة مصدرها، أحسن ما اشتري حاجة مجهولة ممكن تضرني وعرفش اجيب حقي".
مؤسس المركز القومي للسموم: لا أساس علمي لفوائد "الكنابز" على الشعر
الدكتور محمود عمرو، مؤسس المركز القومي للسموم، كشف أن استخدام مخدر الحشيش من قبل الفتيات ووضعه على شعرهن بزعم أنه يعود بالنفع على بصيلات الشعر أو يغذي فروة الرأس ما هي إلا أكذوبة، وأن استخدام أنواع من المخدرات لاسيما الكنابز، المادة المستخلصة من الحشيش، على الشعر ليس له أساس من الصحة، موضحًا أن هناك فارق كبير بين زيوت الحشائش التي يتم تداولها بشكل طبيعي في الأسواق وبين "الكنابز"، المادة المستخرجة من مخدر الحشيش.
وعن أضرار استخدام "الكنابز" حال امتصاص الجلد لها بكميات كبيرة، أكد أنه يتسبب في أضرار للكبد أو الكلى لاسيما إذا كان الشخص يعاني من أمراض مزمنة، مشيرًا إلى أنها لا تُذهب العقل أو تخدره لأنها تم وضعها على الرأس.
وقال الدكتور سيد أبو الفتوح، أستاذ النباتات الطبية بالمركز القومي للبحوث، أن أي زيوت أو أعشاب يتم عمل تجارب لها على الحيوانات ومتابعة نتائجها على الحيوان، فإذا خلصت التجارب إلى نتائج إيجابية، تأتي مراحل التجارب السريرية، لذا يُستبعد تمامًا أن يكون هناك فوائد لمخدر القنب على الشعر.
وأوضح الدكتور محمد الضوي بصيدلة طنطا، أن هناك ثلاث جهات فقط على مستوى العالم هي المسئولة عن اعتماد المستخلصات الكيميائية أو الطبيعية واستخدامها كعلاج،هي هيئة الدواء والغذاء بالولايات المتحدة الأمريكية وهيئة الأدوية في الاتحاد الأوروبي وهيئة الأدوية باليابان.
وأكد "الضوي" أن أي مركب طبيعي أو كيميائي غير معتمد من هذه الجهات الثلاث لا يمكن اعتباره على الإطلاق دواءا لمرض أو شكوى بأيا من أعضاء الجسم، وبالتالي فمن غير المأمون على الإطلاق استخدامه، مشيرا إلى أن الأمر ينطبق على مخدر الحشيش، الذي اثبتت دراسات أضراره على الجهاز العصبي للجسم، فيما عدا بعض الدراسات التي أوضحت إمكانية استخدام أنواع من مستخلصات نبات القنب، وليس الحشيش المخدر لعلاج الصرع، وبالتالي فالأمر لايتعلق بفائدة مخدر الحشيش في تغذية الشعر، فليس هناك أي دراسة علمية تشير إلى ذلك.