رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الهند فى المريخ


خبر مثير، الهند أطلقت يوم الثلاثاء 5 نوفمبر سفينة فضاء لكوكب المريخ، وانطلقت المركبة فى المهمة الاستكشافية، التى تتكلف حوالى 73 مليون دولار، من الساحل الجنوبى الشرقى للهند، وهذا لم يحدث إلا من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وروسيا،

التى نجحت فى إرسال مركبات تحركت فى مدار حول المريخ أو هبطت على سطحه، وحتى الصين لم ترسل مركبة إلى المريخ. ولنا أن نتساءل عن الكيفية التى جعلت الهند تتمكن من غزو الفضاء، وقد تفوقت أيضا فى صناعة الأجهزة العسكرية والطبية، فكيف حدث هذا وهى الدولة التى تعانى من الفقر، وللاجتهاد فى الإجابة عن هذا السؤال، لابد أن ندرك أن الهند منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1947، أخذت على عاتقها المضى قدما فى الطريق الديمقراطى الحقيقى.

وتوجد عدة أحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والغريب أن الدولة الهندية ذات الأغلبية الهندوسية شهدت وجود أربعة رؤساء مسلمين، فأول رئيس مسلم للهند الدكتور زاكر حسين، الذى تولى منصب الرئاسة ما بين عامى 1967 و1969 وثانى رئيس مسلم للهند هو محمد هداية الله، تولى المنصب تقريبا أقل من سنة عام 1969، وثالث رئيس مسلم للهند فكان الدكتور فخر الدين على أحمد وتولى الرئاسة ما بين عامى 1974 و1977، أما الرابع فهو عالم الصواريخ المسلم أبو بكر زين العابدين عبد الكلام من 2002 حتى 2007.

أما نائب رئيس الهند حاليا فهو الدكتور حامد أنصارى، وهو مسلم أيضا، ومعنى ذلك أن الهنود تفوقوا على أنفسهم عندما أبعدوا المتطرفين المتعصبين عن الحكم، فقد اكتووا بنيران التعصب منذ قتل هندوسى متطرف المهاتما غاندي، ولم تتوقف مسيرة الهند الديمقراطية بعد مصرع أنديرا غاندى على يد متطرف من السيخ، وحتى الخلافات الطائفية لم تمنعهم من ذلك، فكان من الطبيعى أن تتقدم الهند وتصل للسماء، صحيح أن الفقر ما زال موجودا، ولكن ومنذ تحرير الاقتصاد عام 1991 لم تتعرض الهند لمشكلة اقتصادية تهدد مسيرتها التنموية، وأصبح ميزان مدفوعاتها الخارجى أكثر قوة، وتشير الدلائل إلى أن مشكلة الفقر فى الهند رغم ضخامتها وصعوبة حلها الجذرى آخذة فى التراجع، وإن كان ذلك ببطء شديد، ولكننا نجد عذرا للهند، الدولة التى يتعدى سكانها المليار وربع، ويتكلم أهلها عدة لغات وعدة لهجات، وبها من الديانات والأعراق ما يفجر أى دولة، ومع ذلك تقدمت، فهل نتعلم من الهند، نتفرغ للعمل دون اللغو من القول من قبل الساسة الهواة والمحترفين جميعا، ليتنا نفعل.

■ كاتب