رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الخولي» يحكي نضال العمال في مصانع الغزل بالمحلة في كتابه «الرحلة»

فكري الخولي
فكري الخولي

عندما أعلن بنك مصر عند تأسيسه٬ عن إنشاء مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، ضمّن إعلانه مزايا خاصة للعمال الملتحقين بالمصانع٬ منها توفير المسكن بالقرب من المصانع٬ إلا أنه في حقيقة الأمر لم يكن أي من هذا حقيقيا على الأرض.

وعن بيئة العمل خلال هذه الفترة مطلع القرن العشرين٬ يقول فكري الخولي أحد أهم قادة الحركة العمالية والمناضلين النقابيين في كتابه "الرحلة" الصادر عن دار الكرمة للنشر: العمال الذين نزحوا من قراهم في مديريات٬ دمياط والمنوفية٬ الغربية٬ طنطا وغيرها لم يجدوا مسكنا ملائما يرتاحوا فيه بعد عناء ١٢ ساعة من العمل المتواصل الشاق. لم يكن أمام هؤلاء العمال سوى أن يستأجروا غرفا ضيقة صغيرة٬ حتى أنه كان من الرفاهية أن يسكن أقل من عشر أفراد في غرفة واحدة٬ أولا لضيق ذات اليد٬ ثانيا لأن أهالي المحلة نفسها كانوا يكرهون العمال ويعاملونهم بأسوأ ما يكون: "أيوة نمت مع البهايم٬ شوف يا سيدي. في المحلة فيه سوق التلات٬ وفيه ناس بتنام في العربخانة٬ وأنا كمان ومعايا ناس كتير لم نجد مكانا ننام فيه فرحنا ننام في هذه العربخانة مع البهايم."

ــ لا تأمينات ولا تعويض عن إصابات العمل
لم تكن مشكلات السكن والمأوى٬ أو ساعات العمل الطويلة وحدها فقط التي يقاسيها عمال الغزل والنسيج٬ لكن عانى العمال من تعسف الإدارة والمشرفين على المصنع٬ للدرجة التي وصلت أن تصدر الإدارة قرارا بمنع دخول العمال لدورة المياه أثناء وردياتهم.!!

أما إصابات العمل فحدث ولا حرج٬ فلا مستشفى خاصة للعمال اللهم إلا المستشفى العام في المحلة. ومن يلقيه حظه التعس في إصابة تعجيزية لا مكان له في المصنع٬ ولا تعويض أو تأمين له حتى للعلاج: "ولما صحوت وجدت نفسي هنا ودراعي مقطوع".

أما الطاعون الأكثر انتشارا بين العمال فكانت الأمراض الصدرية٬ وعلى رأسها مرض السل٬ الذي أصاب العديد من العمال نتيجة تعرضهم لغبار القطن٬ ودون إجراءات سلامة لحمايتهم منه: "بالكشف على المريض عند دخوله أمرنا بعزله لاشتباه في مرض صدري "سل" ناتج من سوء تغذية وإرهاق في العمل. وقد أثبتت التحاليل التي أجريت حتى الآن أن نبضه مرتفع وحالته ليست مطمئنة."