رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«زمزم الأقباط».. «الدستور» فى زيارة إلى كنيسة «بئر مريم» بمسطرد

كنيسة «بئر مريم»
كنيسة «بئر مريم» بمسطرد

على هذه الأرض ارتوت السيدة العذراء مريم وطفلها المسيح ويوسف النجار، بعد تعب شديد انتابهم جميعًا من طول الرحلة التى قطعوها من الأراضى المقدسة القبطية إلى أم الدنيا مصر.

فما أن وصلت العائلة المقدسة إلى منطقة مسطرد فى مدينة شبرا الخيمة بالقليوبية، إلا ووجدوا بئرًا رووا بها ظمأهم، ولذلك بنى الأقباط على هذه البقعة الغالية الكنيسة الشهيرة التى تحمل اسم السيدة العذراء مريم، ويزورها الأقباط بصفة مستمرة، خاصة خلال فترة صوم «أم النور» فى أغسطس.

«الدستور» تأخذكم خلال السطور التالية فى جولة داخل الكنيسة، للتعرف على طقوس الاحتفال بصوم السيدة العذراء بها، والقصص التى تقف وراء «نذور» الزائرين، وغيرها من التفاصيل.

«قداس» يومى عدا الجمعة.. الكمامة إجبارى.. وكشافة لتنظيم الزائرين
كان من المقرر إلغاء الاحتفال بصوم السيدة العذراء مريم فى كنيستها الشهيرة بمنطقة مسطرد هذا العام، بسبب انتشار فيروس «كورونا المستجد»، لكن مع تناقص أعداد المصابين وحالات الوفاة فى الأيام الماضية، وقرار إعادة فتح الكنائس مع بداية أغسطس الجارى، قررت الكنيسة الإبقاء على عادتها السنوية.

وقال القس عبدالمسيح بسيط، راعى الكنيسة، إن الأنبا مرقس، مطران الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى شبرا الخيمة وتوابعها، أرجع أمر تنظيم الاحتفالات فى كنيسة مسطرد هذا العام، إلى البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، الذى وافق بدوره على استقبال الزوار فى الكنيسة، لكن بأعداد محدودة ولوقت محدد يوميًا خلال فترة الصوم.
وأوضح أن مواعيد الكنيسة خلال فترة الصوم الحالية من ٦ صباحًا حتى ٧ مساءً، وذلك طوال أيام الأسبوع عدا الجمعة، تضامنًا مع أشقاء الوطن المسلمين، الممنوعين من تنظيم صلاة الجمعة فى المساجد بسبب «كورونا».
وأضاف أن هذه المواعيد تشهد إقامة «قداس» يومى للزوار، مع تطبيق كل الإجراءات الاحترازية للوقاية من «كورونا»، وعلى رأسها ارتداء الكمامة قبل دخول الكنيسة، ومنع دخول أى شخص لا يرتديها، وقياس درجة حرارة كل زائر، ومنع أى مشتبه فى إصابته بالفيروس.
وأشار إلى أن ذلك يأتى وسط تشديدات مكثفة من الجهات الأمنية المعنية، لتأمين حياة الزوار، من خلال الانتشار بمحيط الكنيسة وعلى مداخلها، والكشف عن هوية أى زائر قبل الدخول، وصولًا إلى التفتيش الذاتى، علمًا بأن هناك عناصر شرطة نسائية مع «الكشافة» لتفتيش السيدات.
ورصدت «الدستور» انتشار فرق الكشافة فى الكنيسة التى تعد إحدى مناطق مسار العائلة المقدسة فى مصر، ويبدأ عمل هؤلاء الأفراد منذ دخول أى زائر حتى لحظة خروجه.
وقالت مارينا عوض الله، عضوة بفريق الكشافة فى كنيسة السيدة العذراء مريم بمسطرد، إن هذه الفرق تؤدى العديد من المهام خلال احتفالات وطقوس الصوم، بداية من الأفراد الموزعين على بوابات الدخول والخروج.
وأوضحت أن «كشافة البوابات» مسئولون عن تنظيم دخول وخروج الزوار، والتأكد من التزامهم بإجراءات الوقاية من فيروس «كورونا المستجد»، مثل ارتداء الكمامات، وقياس درجات الحرارة قبل الدخول، بجانب مساعدة أفراد التأمين فى التفتيش الذاتى، والاطلاع على بطاقة الرقم القومى لكل زائر.

وأضافت أن هناك أفرادًا آخرين مسئولين عن الإجراءات التنظيمية بداخل الكنيسة نفسها، سواء تنظيم طوابير الزوار قبيل دخولهم إلى الكنيسة الأثرية وزيارة «بئر مريم» الأثرية، وهى البئر التى ارتوت منها السيدة العذراء مريم والسيد المسيح، خلال زيارتهما كنيسة مسطرد، ضمن رحلة العائلة المقدسة فى مصر، ويأخذ الأقباط بعض مياهها للشرب والاحتفاظ بها كنوع من التبرك.
وحسب «مارينا»، هناك فريق ثالث مختص بمتابعة الزوار داخل الكنيسة، وتوجيههم بما يحد من التزاحم والتجمعات، ويضمن تطبيق التباعد الاجتماعى بينهم، ضمن الإجراءات الاحترازية التى تحرص الكنيسة على تطبيقها للوقاية من «كورونا».


خُدام «النذور»: «أم النور» أعادت بصر مسلمة.. ورزقت عاقرًا بعد 12 عامًا بلا إنجاب

لدى الخدام المسئولين عن استقبال النذور والتبرعات من زوار كنيسة السيدة العذراء مريم فى مسطرد، العديد من الحكايات عن «معجزات» حدثت مع أصحاب تلك النذور ودفعتهم إلى تقديمها للسيدة العذراء.

من بين هؤلاء الخدام سحر سعيد، التى قالت إن «وراء كل نذر للسيدة العذراء حكاية من صاحبها، عن معجزة حدثت معه ودفعته لتقديم النذر تعبيرًا عن محبته ووفائه للشفيعة المؤتمنة لطلباته عند الله».

وأضافت: «هناك من ينذر مبلغًا ماليًا للسيدة العذراء، وآخرون ينذرون شموعًا أو فطيرًا، وصولًا إلى الذبائح بأنواعها المختلفة، وذلك حسب القدرة المالية لكل شخص، ونذره عند طلب شفاعة أم النور من أجل تحقيق الله مبتغاه».
وأشارت إلى أن نذور العذراء لا تقتصر على الأقباط فقط، بل هناك زوار من المسلمين يحرصون على زيارة كنيسة مسطرد، وتقديم نذور الشموع تحديدًا لها.
وواصلت: «هناك فتاة مسلمة كانت تأتى إلى الكنيسة هنا لطلب شفاعة السيدة العذراء من أجل إعادة بصرها، الذى فقدته بشكل مفاجئ لعدة شهور، وعاد إليها بالفعل بعد ذلك، لذلك نذرت تقديم شموع للكنيسة وتوفِى بذلك كل عام».
أما سمير حلمى فحدثت معه «معجزة» بفضل شفاعة السيدة العذراء فى كنيستها بمسطرد، قبل أكثر من ٢٨ عامًا، وحولته إلى خادم فى الكنيسة، خلال الاحتفالات السنوية بصوم «أم النور».
وقال «حلمى»: «كنت أعانى من ورم فى قدمى يحتاج إلى إجراء عملية جراحية، وحدد طبيبى المعالج موعدها فى أغسطس ١٩٩٢، لكن تم تأجيلها لسبب ما، لذلك طلبت من الله أن ينقذنى من إجراء العملية بشفاعة السيدة العذراء».
وأضاف: «بالفعل قبل الموعد الجديد لإجراء العملية، أجريت بعض الفحوصات الطبية والأشعة، فتبين اختفاء الورم فى الساق بشكل مفاجئ، فألغيت العملية الجراحية بشفاعة السيدة العذراء».
وواصل: «منذ ذلك الوقت تحولت إلى خادم فى كنيستها بمنطقة مسطرد، خلال الاحتفالات السنوية بصومها، حيث أقضى فترة الصوم كاملة فى خدمة زوار الكنيسة، ومستمر فى ذلك بشكل سنوى، وحتى آخر نفس لى سأظل أوفى الدين للسيدة العذراء وأخدمها هى وزائريها».
وبدأت ماريا سليمان خدمتها فى الكنيسة وهى تبلغ من العمر ١٤ عامًا فقط، فى ظل حرص والدتها على أن تجعلها تخدم السيدة العذرء مريم، لأنها «جاءت عبر معجزة بفضل شفاعة أم النور»، حسب روايتها.

وأوضحت «ماريا»: «والدتى كانت عاقرًا لأكثر من ١٢ عامًا، لذا طلبت شفاعة السيدة العذراء مريم فى مسطرد كى يمنحها الله طفلًا بعد كل هذه السنوات دون إنجاب، وبالفعل حدثت المعجزة وجئت إلى الحياة».

وأضافت: «منذ ذلك الحين تحرص والدتى على تقديم طعام مجانى لزوار الكنيسة سنويًا، كما أنها أعدتنى منذ صغرى لأكون خادمة لزوار الكنيسة، وفاءً لما فعلته السيدة العذراء، وتعبيرًا عن محبتها».
وفى مشهد محبة لافت من طفل صغير لا يتعدى عمره ٦ سنوات، وقف فادى شنودة ليوزع «فطائر العذراء» على زوار كنيستها فى مسطرد، بعد أن أعدتها والدته ليقدمها للزوار، للمساهمة فى إسعادهم وإطعامهم، ووفاءً لنذر عليها.