السيد نجم يكتب: نادى القصة.. ﺇلى أين؟
عندما اقتربت من لحظة الكتابة عن نادي القصة ومشكلته التي هي الطرد من مقره الحالي بشارع قصر العيني بالقاهرة، تعددت الأفكار وتنوعت، وكلها غاضبة، أكثر مما تحمل معنى تطبيق التعديل القانوني الذي صدر في غفلة عن بوصلة ثقافية واجبة، يجب مراعاتها في كافة مناحي حياتنا.
من يظن أن يجيء اليوم الذي تصدر فيه محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، إعطاء المدعى عليه "نادي القصة"، أجل لمدة شهر في الدعوة المرفوعة من المدعي "ورثة الراحل فؤاد سراج الدين"، بطرد أعضاء نادي القصة، وإخلاء المقر.
استند الحكم في القضية، إلى المادة التي ألغتها المحكمة الدستورية العليا، في مايو 2018، في الدعوى رقم 11 لسنة 23 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981، في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
فقررت الكتابة (بتوجيه من مجلس إدارة النادي) متوجها للتاريخ والأجيال القادمة، وقد انكشفت لي عدة ملاحظات خلال مناقشة الموضوع.. ويمكن الإشارة إلى بعضها:
وقضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بالحكم لصالح ورثة فؤاد سراج الدين وإخلاء مقر نادي القصة من العقار ملك الورثة في حي جاردن سيتي.
أنه يجب البحث عن بوصلة ثقافية، تعضد النشاط الثقافي، مع ﺇعادة النظر ﺇلى كل القوانين واللوائح ذات العلاقة.. وبذلك يختفي المبرر الذي يعطي الحق في طرد أي مركز.. وكأن إغلاق المراكز الثقافية تستوي مع إغلاق محال (الكشري مثلا).
علمت أثناء تداول أوراق الموضوع مع مكتب الدكتورة وزيرة الثقافة ومكتب مدير صندوق التنمية الثقافية.. أن السند القانوني للنادي يرجع ﺇلى وزارة التضامن الاجتماعي؟! كأن نادي القصة جمعية اجتماعية لرعاية الارامل والمطلقات!
أنّ ورثة فؤاد سراج الدين استندوا إلى مادة في القانون بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وهناك مَن يؤكد أن هذه المادة ثبت عدم دستوريتها فيما تضمنته من إطلاق عبارة: "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد"، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية، لاستعمالها في غير السكن.
تعرض نادي القصة منذ عام 2011م الى هجمة شرسة تمثلت في إيقاف وزارة الثقافة مبلغ الإعانة السنوية، تلك التي تغطي نشاطات النادي.. (ﺇقامة الندوات- إقامة المسابقات- إصدار مجلة غير دورية-طباعة سلسلة الكتاب الفضي للأعضاء).
من المناسب التعرف على بعض القامات الأدبية التي نشط النادي تحت رعايتها.. تأسس النادي على يد الأديب يوسف السباعي عام 1954م.. وشارك في نشاطه توفيق الحكيم، محمد تيمور وإحسان عبدالقدوس وأمين يوسف غراب ونجيب محفوظ وعبد الحميد جودة السحار وثروت أباظة والاديب طه حسين ومحمد فريد أبو حديد وعلي أحمد باكثير ويحيى حقي وعزيز أباظة والاديبة وسهير القلماوي ومصطفى محمود وصالح جودت وهدى جاد وغيرهم. كما تولى رئاسة النادي منهم: توفيق الحكيم- ي- ثروت أباظة- نجيب محفوظ، أما الرئيس الحالي نبيل عبدالحميد.
والآن الحقيقة نقول إن النشاط بقى معتمدا على مصدرين، الهبات والعطايا من بعض الشخصيات العامة التي نثمن ونقدر دورها المعضد للنادي بالاضافة الى مشاركة من جيوب أعضاء مجلس الإدارة؟!
وتوالت النداءات كمحاولة لإيقاف انهيار الصرح الثقافي وهو ما تم رصده بمعرفتي على صفحتي بفيسبوك.. حيث بدت النداء راصدة لآخر المحاولات، تمثلت في الآتي على عدة أيام متتالية وعلى شكل نداء إلى الدكتورة وزيرة الثقافة، (نداء عاجل- رقم 4- للفنانة الدكتورة وزيرة الثقافة (على الترتيب)
1- حكمت المحكمة بإخلاء مقر نادي القصة ماذا أنتم فاعلون سيدتي؟
2- هناك اقتراحات من الأدباء بتخصيص مكان للنادي (قاعة صغيرة+عدد 2 حجرة بمنطقة الأوبرا والمجلس الأعلى للثقافة) أعتقد أنه اقتراح مناسب خصوصا أن نشاط النادي 3 أيام أسبوعيا فقط.
4- طرح بعض الأدباء بدراسة إمكانية مقابلة أعضاء مجلس الإدارة مع الدكتورة الوزيرة.. وبهدوء أظن أنه من المقترحات السهلة ويمكن تنفيذه.
كلمة أخيرة للتاريخ أيضا:
في المقدمة وأرجو ألا يسقط اسم عن سهو: منهم (د. محمد الباز- د. صفاء النجار- د. كمال رجيم- الكاتب محمد السلماوي- وبعض الأسماء التي لا تخبر بجهدها في هذا الصدد.. ولولا جهد هؤلاء الصادق ما استمر نشاط النادي حتى اليوم خصوصا أن الأستاذ أحمد مختار تولى عن مؤسسة جريدة "الدستور" مهمة استكمال القضية للاستئناف!).
يا تاريخ البلاد الثقافي: نادى القصة في 2020 م يعانى من الحاجة إلى وقفة قانونية أو حتى سياسية لحماية كيانه ومتابعة نشاطه.
- أمين صندوق النادي