رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"مدفع الإفطاراضرب" جملة ينتظرها المصريون كل عام


(مدفع الإفطار.. اضرب)! (مدفع الإمساك.. اضرب)! مع هذه الكلمات التي  كان يسمعها المسلمون بعد غروب شمس وقبل طلوع فجر، كل يوم من أيام شهر رمضان، يتناول المسلمون إفطارهم، ويمسكون عن تناول السحور منذ 560 عامًا.

لا أحد يعرف متى بدأ هذا التقليد، ولا قصة استخدام هذا المدفع، وهناك العديد من القصص حول  بداية هذه العادة الرمضانية التي أحبها المصريون وارتبطوا بها.

وحتى علماء الآثار المصريون مختلفون حول بداية تاريخ استخدام هذا المدفع، فبعضهم يرجعه إلى عام 859 هجرية، وبعضهم الآخر يرجعه إلى ما بعد ذلك بعشرات السنين، وبالتحديد خلال حكم محمد علي الكبير.

فمن الروايات المشهورة أن محمد علي  كان قد اشترى عددًا كبيرًا من المدافع الحربية الحديثة في إطار خطته لبناء جيش مصري قوي، وفي يوم من الأيام الرمضانية كانت تجري الاستعدادات لإطلاق أحد هذه المدافع كنوع من التجربة.

فانطلق صوت المدفع مدويًّا في نفس لحظة غروب الشمس وأذان المغرب، من فوق القلعة الكائنة حاليًا في نفس مكانها في حي مصر القديمة جنوب القاهرة، فتصور الصائمون أن هذا تقليد جديد، واعتادوا عليه، وسألوا الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان في وقت الإفطار والسحور، فوافق، وتحول إطلاق المدفع بالذخيرة الحية مرتين يوميًّا إلى ظاهرة رمضانية مرتبطة بالمصريين كل عام، ولم تتوقف إلا خلال فترات الحروب العالمية.

ورواية أخرى عن المدفع، والتي ارتبط بها اسمه: (الحاجة فاطمة) ترجع إلى عام (859 هجرية). ففي هذا العام كان يتولى الحكم في مصر والٍ عثماني يدعى (خوشقدم)، وكان جنوده يقومون باختبار مدفع جديد جاء هدية للسلطان من صديق ألماني، وكان الاختبار يتم أيضًا في وقت غروب الشمس، فظن المصريون أن السلطان استحدث هذا التقليد الجديد لإبلاغ المصريين بموعد الإفطار.

ولكن لما توقف المدفع عن الإطلاق بعد ذلك ذهب العلماء والأعيان لمقابلة السلطان لطلب استمرار عمل المدفع في رمضان، فلم يجدوه، والتقوا زوجة السلطان التي كانت تدعى (الحاجة فاطمة) التي نقلت طلبهم للسلطان، فوافق عليه، فأطلق بعض الأهالي اسم (الحاجة فاطمة) على المدفع، واستمر هذا حتى الآن..

وقد استمر المدفع يعمل بالذخيرة الحية حتى عام 1859م ميلادية، غير أن امتداد العمران حول مكان المدفع قرب القلعة، وظهور جيل جديد من المدافع التي تعمل بالذخيرة (الفشنك) غير الحقيقية، أدى إلى الاستغناء عن الذخيرة الحية.

كما كانت هناك شكاوى من تأثير الذخيرة الحية على مباني القلعة الشهيرة؛ ولذلك تم نقل المدفع من القلعة إلى نقطة الإطفاء في منطقة الدرَّاسة القريبة من الأزهر الشريف، ثم نُقل مرة ثالثة إلى منطقة مدينة البعوث قرب جامعة الأزهر.

و قال "عم إبراهيم" – عامل أمن بالقلعة – أن هيكل المدفع موجود على يسار متحف الشرطة بالقلعة في مكان مرتفع حوالي 66م، و الجسم الأساسي للمدفع تم نقله منذ 22 عامًا  إلى مخزن 18، و أوضح أن المدفع لم يعد يستخدم الآن.