رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثورة بالمقلوب..!!


كانت الثورة ثورة شعب ضد نظام، أصبح الصراع ثورة شعب ضد شعب.. فاستبدل الإخوان فى مدارسهم النشيد الوطنى «بلادى بلادى» بنشيد «جهادى جهادى» وغنى على الحجار «انتوا شعب وإحنا شعب

إذا كانت الثورة هى حركة للتغيير إلى الأفضل، يتفق عليه القائمون بالثورة ويحددون ملامحه، فالآن وبعد قرابة ثلاث سنوات من قيام ثورة يناير لم ينجح القائمون بالثورة حتى فى مجرد الاتفاق على ملامح ذلك التغيير وخصائص الواقع الذى يريدون تغييره.. فما يبنيه فريق يهده آخر..!! ومازالت مصر تعيش فى دهاليز لعبة الكراسى الموسيقية.. «فريق يصل إلى السلطة وفرق تدور حوله حتى تسقطه»!!!

ويشير الواقع إلى أن ما شهدته مصر من شروخ إبان ثورة يناير يحتاج إلى سنوات طويلة كى يرمم.. وأن العودة إلى الاستقرار بعد الفوضى غالباً ما تأتى متعثرة وبعد أزمات عديدة وربما تحتاج إلى سنوات أطول.. كما يشير إلى أن التغيير الذى حدث بعد الثورة كان للأسوأ.. ففى الوقت الذى توقفت فيه أكثر من 5400 مصنع عن الإنتاج وصل إجمالى إنتاج مصر من السجائر فى 2012م إلى 96.7 مليار سيجارة بزيادة قدرها «4.6 مليار» سيجارة عن عام 2010م.. علماً بأن هناك 30 ألف مصرى يموتون سنوياً بسبب التدخين..!! والغريب فى الأمر أن ارتفاع معدلات التدخين كان فى فترة حكم الإخوان رغم أن هناك فتوى صريحة «بالتحريم».. وفى الفترة التى حكم مصر فيها رئيس «منتخب» تراجعت عائدات قناة السويس فى نهاية حكم مرسى لتصل إلى 407 ملايين دولار فى مارس 2013م بنسبة انخفاض قدرها «408% «عن مارس 2012م..!! وفى نفس الفترة أيضا من حكم الإخوان « المنتخب» تضاعفت حالات السطو المسلح 12 مرة، كما ارتفعت حالات سرقة السيارات 4 أضعاف عن مثيلتها فى 2010م، ووصلت حالات القتل إلى أكثر من ألفى حالة سنوياً، بما فى ذلك الضحايا الذين سقطوا فى التظاهرات.. ولن تنتهى موجة التناقضات فى السلوك الثورى المصرى عند هذه الارقام وحدها. ففى حين رفع الثوريون لافتات يطالبون فيها تارة بإصلاح الداخلية وتارة أخرى بعودة الأمن للشارع، تم حرق أكثر من 35 قسم شرطة أثناء اندلاع ثورة يناير.. وقتل 102 شرطى بين ضابط ومجند وإصابة 686 عقب فض اعتصام رابعة.. فالواقع يشير إلى تباين الأهداف بين ما هو «معلن» وما هو «ممارس» فى الشارع.. فالمعلن من الأهداف هو «إصلاح» الجهاز الأمنى والممارسات الفعلية تؤكد الإصرار على «تقويض» الجهاز الأمنى وهدمه كاملاً لوجود جيوش من المفسدين لا يعيشون ولا يتربحون سوى فى الفوضى وعلى دماء الأبرياء وإرهابهم..!!

وأيضاً لم يقف التناقض عند هذا الحد، ففى حين ترفض الجمعيات الدينية دائماً العلاقة مع إسرائيل وتطالب دائماً بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام التى قتلت إيزائها الرئيس السادات، تنصب اليوم الصواريخ على الحدود المصرية الإسرائيلية وتصوب فوهة المدفع نحو الجنود المصريين..!!! وفى حين كانت الثورة ثورة شعب ضد نظام، أصبح الصراع ثورة شعب ضد شعب.. فاستبدل الإخوان فى مدارسهم النشيد الوطنى «بلادى بلادى» بنشيد «جهادى جهادى» وغنى على الحجار «انتوا شعب وإحنا شعب»..!!

■ أستاذ تنمية وتخطيط وكاتب سياسى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.