رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«بنسيون الشاميات» مصنع الممثلات السوريات في السينما المصرية

شارع عماد الدين قديما
شارع عماد الدين قديما

كان شارع عماد الدين الذى تحول من مكان لأكبر وأشهر تجمع للمسارح ودور السينما الكبري، إلى محلات للماكينات الزراعية والصناعية، كما تحول شارع الفجالة من مركز إشعاع ثقافى حضارى إلى شارع الأدوات الصحية٬ بمثابة "برودواي" مصري في قلب القاهرة.

وفي آخر كتبه "القاهرة وما فيها" والصادر عن الدار المصرية اللبنانية للنشر٬ يقول مكاوي سعيد عن تاريخ الشارع: أحيط بعشرات المحلات من ألوان التجارة الخاصة بالمأكولات والمشروبات٬ وكل ما يتصل بالفرنج من متطلبات الحياة٬ وحرصت عشرات من مكاتب الصرافة المالية وسماسرة البورصة٬ ومكاتب تجارة القطن المصري٬ السلعة الأساسية الأولي في مصر٬ علي التواجد في الشارع لكن بعيدا عن مراكزه الفنية. وقد حرصت الجاليات المهيمنة علي المكان علي أن تجعل الملكية في هذا الشارع لغير المصريين٬ ولهذا كونت شركات مساهمة محدودة أو بسيطة في شكل مقاصة لا يشارك فيها برأس المال إلا الأجانب فقط.

وفي عام 1922 اكتشف الجميع أن ملاك الشارع عقاريا سبع عائلات إيطالية وفرنسية ويونانية٬ وأنهم جميعا يملكون حتي الحوانيت الملحقة بمبانيه٬ وأن اليهود أقاموا أكبر التجمعات التجارية علي مشارف الشارع ومنهم: عدس وصيدناوي وشلهوب٬ وأصبح الشارع مركزا للموسيقي والتطريب والميلودي الدرامي وتأليف الأوبريت٬ وتمصير الأوبرات الشهيرة٬ وإنتاج المونولوجات والإسكتشات المرحة٬ وفن التمثيل٬ ثم الإستعراض الذي يقلد قدرات الإبهار الأجنبية.

يتابع مكاوي: جمعت مقاهي هذ الشارع كبار أدبائنا ومفكرينا مثل: أحمد شوقي٬ خليل مطران٬ حافظ إبراهيم٬ العقاد٬ المازني٬ محمد تيمور٬ فرح أنطون٬ أمين صدقي٬ نقولا تكلا٬ وغيرهم. وكانت هناك مقاه أخري بالمناطق المحيطة مثل مقهي متاتيا٬ والمقهي التجاري بشارع محمد علي الذي كان بمثابة منتدي للألاتية والمطربين وأعضاء فرقة حسب الله.

ولحق بشارع عماد الدين بعض الأعمال المتممة له٬ فأصبح في دروب الشارع الجانبية ثلاثة مخازن للملابس ٬ كونت حصيلتها من الممثلين الأجانب الذين يحضرون مع الفرق الأجنبية٬ وبعد تقديم عروضهم كانوا يبيعون ملابس العرض بثمن بخس٬ أو من الفرق المصرية التي كانت تتخلص من ملابسها بانتهاء عروضها٬ وكانت هذه المخازن أحيانا تحتفظ بهذه الملابس معتنية بكل قطعة منها٬ فإذا اقتضت الضرورة إعادة عرض هذه المسرحيات٬ عادت الفرق إلي تأجير نفس الملابس من هذه المخازن. وعلي نفس المنوال وجدت محال ضبط الآلات الموسيقية وتأجيرها وبيعها للمحترفين والهواة.

كذلك امتلأ الشارع بالبنسيونات من أجل إقامة الفنانين الصغار بتكلفة بسيطة٬ ومنها بنسيون من أغرب البنسيونات في مصر ومن المحتمل في العالم٬ فقد كانت مهمته استقبال السيدات والآنسات الشاميات الوافدات من (لبنان٬ سوريا٬ وفلسطين) الراغبات في احتراف فن التمثيل للإقامة به بشرط ألا تكون متزوجة٬ ولها أن تدفع إيجار الغرفة بعد اكتمال شروط ثلاثة هي: عندما تجد عملا في المسرح٬ ويتم فتح الستار عن مسرحيتها٬ وأن يتحقق للمسرحية النجاح.