رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيد أبوزيد يكتب.. الذكرى الـ٣٧ لتحرير سيناء

سيد أبوزيد
سيد أبوزيد

بحلول ٢٥ أبريل ٢٠٢٠ تحل الذكرى الـ٣٧ لتحرير سيناء بانسحاب آخر جندى إسرائيلى من أرضها الطاهرة، وقيام الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك برفع علم مصر ليرفرف فى سماءها يوم ٢٥ أبريل ١٩٨٢، وصدقت الفنانة شادية الراحلة حينما غنت سيناء رجعت كاملة لينا ومصر اليوم فى عيد. ولكن شاء القدر قبل حلول هذه الذكرى الغالية يخرج علينا أحد الأفاعى من جحره ليبث سمومه ويحاول إفساد فرحتنا بعودتها ويردد ما حاول الحلف الصهيو - أمريكى ترويجه حول «تدويل سيناء» إبان ما كانت ترزج تحت احتلال جيش لها فى ٣١/١٠/١٩٦٨ حيث قامت كافة أبواق الدعاية الجهنمية للصهيونية العالمية بالتحضير لمؤتمر عالى بالحسنة فى قلب سيناء ودعت له كافة وكالات الأنباء والصحف والإذاعات العالمية على مستوى العالم، وارغام مشايخ القبائل السيناوية على إعلان عدم رغبتهم فى العودة لمصر وان الكيان الصهيونى لا أطماع له فى أرض سيناء خاصة جيش المحتل له وأنهم يطلبوا تدويل قضيتهم ورد جهاز المخابرات المصرى على هذا بطريقته الخاصة اعتمادا على ولاء ووطنية مشايخ القبائل السيناوية ما أن انهى الحاكم العسكرى الإسرائيلى كلمته حول هذا المعنى حتى كان معد بمهارة فائقة من قبل مخابراتنا الشيخ سالم ؟؟؟؟ ليتحدث عقبه مباشرة ليعلن للعالم كله «أؤكد أن سيناء مصرية، وستظل مصرية ١٠٠٪ ولا يملك الحديث عنها سوى الزعيم جمال عبدالناصر» ليقوم ديان وزير دفاع الجيش الإسرائيلى الذى كان حاضرا بالإطاحة بالمنصة وهدم المؤتمر ومع الفارق فوجئنا على مدار أربعة أيام متتالية بسلسلة مقالات بجريدة «المصرى اليوم» بتوقيع من يدعى «نيوتن» بعنوانين «استحداث وظيفة.. حاكم سيناء» «سيناء وامكانيات بلا حدود» ويطالب فيها بعزل سيناء عن مصر واختيار حاكم خاص بها لمدة ست سنوات وتكون مهمه أكبر من مهمه المحافظ وله صلاحيات أوسع ليحولها لمنطقة حرة عالمية ولا يخضع للقوانين المصرية ودعوة أكبر بنوك العالم بإنشاء مقر له فى منطقة «نخل» بوسط سيناء بهدف إنشاء وول ستريت مصرية تتمتع بمميزات اقتصادية جازية على غرار مقاطعة بارفايا الألمانية.
الأمر الذى استفز الرأى العام المصرى وردت على السوشيال مديا والصحافة المصرية وفضحت مآربه مما استدعى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بفتح تحقيق فيما نشرته جريدة «المصرى اليوم» وأعدت لجنة الرصد تقرير أكدت فيه أن المقالات المذكورة نشرت على الجريدة الورقية وموقعها الإلكترونى وتحمل مطالبات تحالف الدستور بعزل سيناء عن مصر وتعيين حاكم خاص بها وتهدد الأمن القومى المصرى. كما تضمنت المقالات بحسب قرار المجلس إهانات بالغة للمخالفين لرأيه، حيث وصفت من يعارض رأيه بأنهم «مرجفون» و«كاذبون» يصدرون جعجعة بلا طحين حول أمور الوطنية والسيادة والاستقلال ونجد خير رد ما ذكره الراحل جمال حمدان فى كتابه الأهمية الاستراتيجية لسيناء إذا كان ماء النيل هو الذى يروى الوادى فإن الدم المصرى وبالتحديد دم الجيش المصرى هو الذى روى رمال سيناء وأن سيناء ليست مجرد صندوق من الرمال، كما يتوهم البعض وإنما هى صندوق من الذهب ومعروف عنها منذ أيام الفراعنة أنها منجم مصر من الذهب والمعادن النفسية وأطلق عليها أرضها «أرض الفيروز» بالإضافة إلى أنها يتميز بموقع استراتيجى فريد فى قلب العالم يربط آسيا وإفريقيا الأمر الذى جعلها على مر العصور مطمعا وهدفا للغزاة الطامعين فالمستطيل الشمالى منها بتضاريسه المعتدلة وبموارده المائية كان طريقا للحرب والتجارة على مر التاريخ ومع تطور تقنيات الحروب الحديثة كما يقول الراحل جمال حمدان أصبح المثلث الجنوبى فى سيناء نقطة ارتكاز للوثوب على ساحل البحر الأحمر بالسلاح البحرى أو الطيران وتهديد عمق الصعيد المصرى بالطيران كما تعد شرم الشيخ بمثابة المفتاح لهذا المثلث الجنوبى وأدى تطور الحروب الحديثة فى تحويل سيناء من طريق أو جسر للمعارك إلى ميدان حرب من عازل استراتيجية إلى موصل للخطر فمن يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء ومن يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير وهو ما دفع جمال حمدان إلى قوله بإنه ينبغى بعد انتصار أكتوبر أن يكون انسحاب يونيو ١٩٦٧ آخر انسحاب مصرى فى سيناء فى التاريخ كما أن خروج إسرائيل بعد هزيمتها فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ ينبغى أن يكون آخر خروج من مصر منذ يوسف وموسى وهو ما يدلل على أهمية سيناء للأمن القومى ونبه إلى أن الفراغ العمرانى فى سيناء يجعلها أرضا جاهزة لمعركة العدوان ونهبا ومطمعا للمستعمرين الذين حاولوا نزع الهوية المصرية عنها، حيث حاول الاحتلال البريطانى الزعم بأن سكان سيناء آسيويين وأنها جزء من قارة آسيا وبعد هزيمة يونيه ١٩٦٧ حاولت إسرائيل أن تثير مصرية سيناء وعقب انتصار قواتنا المسلحة فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ ودحر جيش الكيان الصهيونى فى رمالها ظهرت أصوات فى الغرب تدعو إلى تدويل سيناء مرة أخرى أو تأجيرها أو شرائها كحل جذرى ولعل مقالات المدعو «نيوتن» بجريدة المصرية اليوم تصب فى هذا الإطار ومحاولة إحيائه مرة أخرى ونطمئنه بأن قيادتنا الوطنية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى وزملائه من قادة عظام فاطنة لهذا الأمر وقامت بتحقيق أمنه الراحل جمال حمدان بتعميرها، حيث إقامة خمس أنفاق أسفل القناة وخمس كبارى عائمة فوقها لزيادة نقاط الاتصال التى تربط سيناء بجسد الوطن أى بالوادى وأصبح الوصول لسيناء لا يستغرق سوى ١٥ دقيقة بل وتعد أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد من أضخم مشروعات الأنفاق على مستوى العالم وتم إنجازها فى وقت قياسى خلال ٣ سنوات ووصل عدد المشروعات المنفذة خلال الست سنوات من عام ٢٠١٤ حتى ٢٠٢٠ حوالى ٩٩٤ مشروعًا بتكلفة ٧٩٥ مليار جنيه من بينها محطة توليد كهرباء «شرم الشيخ» بقدرة ٢٨٨ ميجاوات ومحطة السويس الحرارية بقدرة ٦٥٠ ميجاوات ومحطة توليد كهرباء عتاقة بعدد ٤ وحدات قدرة الواحدة ١٦٠ ميجاوات بخلاف محطات التحلية والمجمعات الصناعية ونقول لينوتن وفر كلامك المسموم فسيناء عادت لجسم الوطن بعد أن روت كل حبه رمل منها بدماء الجيش المصرى فى مارس ١٩٦٨ بعد أيام قليلة من هزيمة ٥ يونيه ١٩٦٧ حتى ٨ أغسطس ١٩٧٠ تكبد فيها جيش الكيان الصهيونى خسائر فادحة فى الأرواح والمعدات وأصبحت عمليات العبور للقوات المصرية تكاد تكون بشكل يومى مما اضطر الكيان الصهيونى إلى الإيعاز لوزير خارجية أمريكا روجز للسعى لوقف القتال فتقدم مبادرته التى أطلق عليها مبادرة «روجز» وقبلتها مصر من باب التكتيك من أجل استكمال حائط صواريخ الدفاع الجوى تمهيدا ليوم العبور فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ وتلحق القوات المصرية بجيش الكيان الصهيونى هزيمة منكرة الذى أخذ يردد بأنه «جيش لا يقهر» أنها بحق ملحمة.. يجب أن تروى للأجيال الحالية التى لم تعيشها حتى يعرفوا مدى التضحيات الجسام التى قدمتها قواتنا المسلحة وخير رد على نيوتن «سيناء رجعت كاملة لينا.. ومصر اليوم فى عيد».