«خلف التلال».. الهجمات الإسرائيلية على سوريا.. الاستراتيجية والأهداف
استمرار مهاجمة سلاح الجو الإسرائيلي أهدافاً عسكرية متعددة في مناطق واسعة في سوريا، أصبح أحد العناوين الرئيسية المعتادة ولكن بتفاصيل تختلف قليلاً كل مرة، بين مخازن سلاح، مواقع لإنتاج وسائل قتالية، بطاريات صواريخ أرض - جو، ومواقع مراقبة على طول الحدود.
الهجمات الإسرائيلية التي تكررت بشكل لافت خلال الشهرين الآخيرين يمكن تفسيرها في عدة نقاط:
بدأت هجمات سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا في عام 2012، في مرحلة متقدمة من الحرب الأهلية السورية، بعد أن اختارت إسرائيل عدم التورط في الأزمة السورية منذ بدايتها، فيما ازدادت الهجمات كثيراً في السنوات الخمس الأخيرة.
في البداية كانت الهجمات الإسرائيلية ضد قوافل تهريب السلاح الإيراني عبر الأراضي السورية إلى حزب الله في لبنان، ومنذ عام 2018، بدأت إسرائيل الهجوم على قواعد الحرس الثوري والميليشيات الشيعية.
إسرائيل وضعت نصب أعينها جميع ميليشيات المحور الشيعي الذي تقوده إيران، فالحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الشيعية الأجنبية، حزب الله، والوحدات التابعة للجيش السوري كلهم مستهدفون من قبل إسرائيل، تحقيقاً للخط الأحمر الذي وضعته تل أبيب وهو عدم السماح بالتموضع الإيراني بالقرب من إسرائيل بشكل ترى أنه يهددها.
بعد أن كانت العمليات تنفذ فيما يسمى بسياسة الغموض، بدأت إسرائيل في العامين الأخيرين بنشر تلميحات مكثفة عن عملياتها في الأراضي السورية، وأعلن سياسيون إسرائيليون عن بعض الهجمات بشكل مُعلن.
عندما بدأت أزمة كورونا، لم يكن واضحاً هل ستتوقف إسرائيل أم ستستمر في هجماتها، وبدا أن حجم العمليات العسكرية المنسوبة إلى إسرائيل ضد عدة أهداف في سوريا انخفض بعد أول أسبوعين من تفشي الوباء في الشرق الأوسط، ولكن في الشهر الأخير ازداد بشكل ملحوظ، والذي يمكن تفسيره بأن إسرائيل تحاول استغلال أزمة كورونا في ايران وما سببته من ضائقة اقتصادية لتحقيق إنجاز عسكري لصالحها.
أصبحت أهداف هجمات سلاح الجو الإسرائيلي واسعة ومتنوعة، ولا تركّز فقط على أهداف تابعة للحرس الثوري الإيراني والميليشيات العاملة تحت رعايته، بل تمتد للهجوم على حزب الله وهجمات على مواقع مراقبة تابعة للبنية التحتية لـ"ملف الجولان" التي يقوم بتشغيلها حزب الله.
تتبع إسرائيل سياسة السير على الحبل في هجماتها على سوريا، فتقوم بالهجمات كل عدة أسابيع، كأنها تختبر رد فعل الخصم ومدى قوته وتحسباً لأي تصعيد مفاجيء يؤدي على نشوب مواجهة، فكأنما تدرس رد فعل الأسد أو الإيرانيين أو حتى الروس.