رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمود محيى الدين: مصر تتعامل بشكل جيد مع أزمة «كورونا».. وظروفنا أفضل من غيرنا بسبب برنامج الإصلاح

محمود محيى الدين
محمود محيى الدين

قال الدكتور محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لأجندة التمويل٢٠٣٠، إن مصر بادرت بالتعامل مع أزمة فيروس «كورونا المستجد» بشكل جيد بما اتخذته من إجراءات خاصة بالتباعد الاجتماعى والوقاية الصحية ورصد حزمة مالية بـ١٠٠ مليار جنيه للتعامل مع التداعيات.

وتوقع «محيى الدين»، فى الجزء الثانى من حواره مع «الدستور»، أن تخرج قطاعات الصحة والتعليم والتكنولوجيا مستفيدة من الأزمة الحالية، بعدما تحوّلت إلى أولوية عالمية، مشيرًا إلى حاجة مصر للاستثمار فى إنتاج السلع التى كانت تستوردها، بالإضافة إلى العمل على توطين التنمية فى المحافظات المختلفة.

وشدد على أن التوقعات الإيجابية عن الاقتصاد المصرى لا يجب أن تقلل من أهمية إجراءات المساندة للقطاعات المتضررة والتحفيز للقطاعات الواعدة، لافتًا إلى أن ضخ دول مجموعة العشرين تريليونات الدولارات فى الاقتصاد العالمى يعد أمرًا جيدًا، وإن كان غير مفيد لكثير من الدول فى ضوء تعطل الاستثمارات والتجارة الدولية.

■ كيف تُقيّم تعامل الدولة المصرية مع أزمة فيروس «كورونا المستجد»؟
- مصر بادرت بالتعامل مع أزمة «كورونا» بشكل جيد، وأقول هذا الكلام مستندًا إلى تقارير الموقع الذى أنشأه «صندوق النقد الدولى» واستعرض فيه خبرات الدول فى التعامل مع «كورونا» فيما يرتبط بالسياسات النقدية والدولية والإجراءات الأخرى للتعامل مع تداعيات الأزمة، وهو موقع يُجرى تحديثه بشكل دورى.
ومصر منذ اليوم الأول بدأت ترتيباتها بالنسبة للحجر الصحى، مع تكثيف الجهود فى مسألة الوقاية، وأخذت إجراءاتها الخاصة بالتباعد الاجتماعى، مع تخصيص وحدات علاجية على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى رصد حزمة مالية وتخصيص ١٠٠ مليار جنيه تم الإعلان عنها تعادل تقريبًا ٢٪ من الدخل المحلى الإجمالى للتعامل مع التداعيات.
وهذه الإجراءات تعد بداية جيدة فى التعامل مع هذا الماراثون، الذى نتمنى أن يكون قصيرًا، لكن فى هذه الأزمات يجب أن نعمل مع الأمل فيما هو أفضل والتحسب لما هو أسوأ، بمعنى أنه لا داعى للإفراط فى التفاؤل ولا داعى للإفراط فى التشاؤم، لأن كليهما لن يفيد فى شىء.
■ كيف ترى التوقعات الإيجابية لـ«صندوق النقد الدولى» بشأن الاقتصاد المصرى؟
- الاقتصاد المصرى قبل أزمة «كورونا» كان يتسم بعدد من المؤشرات الإيجابية، منها ارتفاع معدلات النمو وتحسن الإيرادات الخارجية فى السياحة وتحويلات المقيمين فى الخارج، وإن كانت الإيرادات المرتبطة بالصادرات متواضعة وكذلك تلك الخاصة بالاستثمارات، رغم وجود إشارات لإمكانية تحسنها.
إذن، نحن دخلنا هذه الأزمة فى ظروف أفضل من غيرنا، من ناحية الاستعداد وحالة الموازنة العامة للدولة والانخفاض النسبى فى معدل التضخم وتحقيق معدلات أعلى للنمو، وذلك نتيجة برنامج الإصلاح الاقتصادى فى ٢٠١٦، وكل هذه أمور جيدة، لكننا اليوم فى وضع جديد.
ومن الجيد بالطبع أن تكون هناك توقعات بمعدلات نمو إيجابية، صحيح أن الرقم الصادر عن المؤسسات داخل مصر قد يكون أعلى من ذلك الصادر عن «صندوق النقد الدولى» ومؤسسات أخرى، لكن فى النهاية نحن نتحدث عن أرقام إيجابية فى الاقتصاد الكلى، لكن هذا لا يجب أن يقلل أبدًا من أهمية الإجراءات المساندة وتحفيز الاقتصاد، خاصة فى جانب العرض.
وأتصور أن مصر بقدر كبير تحتاج إلى الاستثمار فى السلع التى كانت تعتمد فيها بالكامل على الواردات الخارجية، وقد يكون من المناسب العمل على هذه النقطة فى ظل وجود المناطق الاقتصادية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وكذلك المناطق الاستثمارية فى المحافظات، على أن تكون عملية التصنيع التى تلبى الاحتياجات الأساسية واحدة من الأولويات.
وهذا الأمر يحتاج إلى تنسيق عالى المستوى بين الجهات المعنية بالتجارة والاستثمار وكذلك مجتمع الأعمال والإدارات المحلية، حتى يكون لكل محافظة وكل حى نصيب من هذه الاستثمارات الجديدة.
■ هل يعنى ذلك أن الأزمة الصحية العالمية ستعيد ترتيب أولويات الدولة المصرية؟
- بالتأكيد ستكون هناك إعادة ترتيب للأولويات، وتابعنا مؤخرًا فى وسائل الإعلام أن هناك بعض المشروعات المهمة التى تم إرجاء افتتاحها رغم أنها شبه جاهزة، وذلك لأن الأولوية الآن أصبحت فى قطاع الصحة وإخراج الاقتصاد من تراجع الأداء وتراجع النمو.
وما أريد الإشارة إليه هنا هو أن السنة المالية المصرية تبدأ فى شهر يوليو، ما يعنى أن أول ٦ أشهر منها فى ٢٠١٩ كانت جيدة الأداء، وكذلك كان الشهران الأول والثانى من هذا العام، لأنهما كانا يشهدان التدفق المعتاد فى الحركة، وبالتالى سيكون لدينا فى هذه السنة نحو سبعة إلى ثمانية أشهر جيدة، أما الباقى فسيشهد تراجعًا اقتصاديًا بسبب تراجع السياحة والاستثمارات والبورصة وتأثر التحويلات وحركة التجارة الدولية.
ويعنى ذلك أن هناك تأثرًا سلبيًا على المؤشرات الاقتصادية الأساسية، مثل النمو والبطالة وعجز الموازنة وميزان المدفوعات الذى يحتاج حاليًا إلى مراجعة، لأن هناك عوامل كثيرة تدخل فيه، كما أنه يتأثر أيضًا بالتغييرات الحالية لأسعار البترول.
وبالتالى، فالمطلوب أن تجرى مراجعة كل الأرقام التى تم الإعلان عنها من قبل، حتى نستطيع من خلال ضخ الاستثمارات الجديدة والإنفاق العام والخاص أن ندفع النشاط الاقتصادى لما هو أفضل، حتى يستفيد بالعمل الضخم الذى تم فى الإصلاح والبنية الأساسية، خاصة أن هناك عددًا من القطاعات المرشحة للتأثر إيجابًا بهذه الأزمة، إذا ما أحسنا الاستثمار فيها.
■ ما القطاعات الاقتصادية التى يمكن أن تستفيد من الوضع الحالى؟
- على رأس القطاعات الاقتصادية المستفيدة من هذه الأزمة، خاصة أن لدينا بنية أساسية يمكن البناء عليها فى هذا الشأن، قطاع تكنولوجيا المعلومات والتحوّل الرقمى والقواعد الرقمية والشبكات والمنصات الإلكترونية والتحليل الرقمى والذكاء الاصطناعى إلى غير ذلك، وهذا قطاع مهم جدًا، وسيكون عامل النجاح الأكبر فى أنشطة اقتصادية وخدمية عامة وخاصة، ومنها الرعاية الصحية والتعليم.
ففى مجال الرعاية الصحية، هناك وحدات صحية على مستوى الجمهورية بكثافة مناسبة لكنها تحتاج إلى تأهيل وربط تكنولوجى بينها وبين بعضها، وأن تكون هى القاعدة الأساسية فى الرعاية الصحية الأولية، سواء كانت هذه الوحدة فى مدينة أو حى متميز أو قرية أو نجع، فكلها تحتاج للارتباط بذات القواعد والمعايير حتى يمكن الاستفادة منها مستقبلًا.
الشىء الآخر المهم هو التعجيل بالتأمين الصحى الشامل، لأن القواعد الخاصة بالرعاية الصحية الأولية ستحتاج حتمًا إلى نظام تأمين صحى يختلف عما نحن عليه الآن، من حيث قدرة الناس على الاستفادة من الخدمة الصحية اللائقة بتكلفة فى المتناول، على النحو الذى نراه فى العالم.
لذا فهذا القطاع سيكون من القطاعات المستفيدة من التكنولوجيا وأيضًا من الأزمة، ومن المعروف أن مصر كانت تولى اهتمامًا بالتأمين الصحى الشامل، لكن مع هذه التكنولوجيا ستزداد وتيرة هذا الاهتمام وسيكون بشكل أشمل.
■ ماذا عن قطاع التعليم والقطاعات الأخرى؟
- أتصور أن قطاع التعليم سيكون من القطاعات المستفيدة فى هذا المجال الجديد الخاص بالتدريب والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة للاستفادة من الخبرات التكنولوجية حول العالم، فانتشار «التابلت» فى بعض مراحل التعليم سيكون أساسيًا فى إطار تكنولوجيا المعلومات والتعليم الجديد، الأمر الذى سيؤثر فى كثافة الفصول.
كما أن الأمر سينعكس على الاهتمام بالبنية الأساسية وتقوية القدرات التكنولوجية المساندة بشكل أكبر بكثير من المتاح حاليًا، وذلك رغم الطفرة التى تحققت فى هذا المجال.
وأتصور أيضًا أن هذه الأزمة سيكون لها تأثير إيجابى كبير فى الاهتمام بمسألة توطين التنمية، بمعنى أن كل محافظة مكلفة بأن تكون لديها منطقة استثمارية ومنطقة صناعية تتبع القواعد والمعايير المحلية والعالمية، بمعنى أنه سيكون هناك استثمار فى الخدمات والصناعات والزراعة على مستوى كل مركز وكل محافظة.
كما أتصور أن نظام الضمان الاجتماعى فى حالة بلد مثل مصر ستجرى مراجعته لما هو أفضل، ليس على سبيل إيجاد بديل أوفر لكن بديلًا أكثر كفاءة وإفادة للناس.
إذن فهناك تغييرات مهمة سنراها مستقبلًا، والعبرة هنا بمدى إجادتنا الاستثمار فى البشر والتعليم والرعاية الصحة والبنية الأساسية الجديدة، خاصة تكنولوجيا المعلومات، وكذلك الاستثمار فى سبل الوقاية من الصدمات المختلفة.
■ ما رأيك فى مطالبات بعض رجال الأعمال المصريين بعودة النشاط الاقتصادى إلى طبيعته واعتراض آخرين بسبب تبعات ذلك إنسانيًا؟
- لا يوجد تناقض بين الموقفين، فى ظل حجم التكلفة الإنسانية والاقتصادية التى يتحملها الناس التى تعطلت مصالحها وتأثر دخلها سلبًا، لكننا فى فترة شدة ونرجو من الله تعالى أن يزيلها سريعًا كى تعود الحياة إلى طبيعتها.
صحيح أن الاعتبارات الصحية مقدمة على كل الاعتبارات الأخرى حاليًا مع أولوية الحفاظ على الحياة، إلا أن الأمور أسهل فى الحديث منها فى التطبيق، لكن لاعتبارات خاصة بالتباعد الاجتماعى علينا الالتزام بالحظر والبقاء فى المنازل، على أن تظل القطاعات الرئيسية تعمل، وهذا هو المعمول به الآن فى أمريكا.
ففى المنطقة التى أعيش بها فى واشنطن تظل الأماكن الخاصة بالإمداد الغذائى والمعاونة الصحية تعمل، بما فيها محلات الخضروات والبقالة والتسوق مع وضع ضوابط محددة، خاصة أن التباعد هنا إلزامى، والتزاحم غير مسموح به حتى لو طالت الطوابير مسافات، كما أن الصيدليات ما زالت تعمل، أما غير ذلك من الوجود غير المبرر فالأمر يواجه بالمساءلة القانونية والغرامات والعقوبات التى قد تصل إلى الحبس لو ترتب على الخروج تعريض السلامة الصحية للآخرين للضرر.
■ فى تقديرك.. كيف ستعيد هذه الأزمة رسم أولويات الاهتمامات فى العالم؟
- كما أذكر دائمًا، الأزمات على عمومها لها ٣ عوامل، عامل كاشف وعامل معجل وآخر منشئ، وهذا فى أى أزمة، حتى لو تحدثنا على الأزمات السابقة والبسيطة نسبيًا مقارنة بهذه الأزمة الكبيرة.
فالأزمة المالية مثلًا، كانت كاشفة للقدرات الرقابية ومدى كفاءة الأسواق والالتزام بالقواعد الرقابية والقانونية وقدرة المؤسسات المالية والرقابية عالميًا على التعامل معها، كما كانت كاشفة لأن بعض الدول أبلت بلاءً حسنًا ودولًا أخرى كان أداؤها غاية فى السوء.
كما كانت كذلك أزمة منشئة، بمعنى أنها تنشئ أوضاعًا جديدة، مثل القوانين الجديدة والقواعد والمؤسسات المالية الجديدة أو تلك التى تضاف إلى السوق فى إطار جديد.
أما الأمر الثالث فهو أنها تكون معجلة، كما رأينا عالميًا فى موضوع الشمول المالى واستخدام التكنولوجيا فى التعامل المالى على مستوى العالم، فقد كانت للأمر بوادر قبل ٢٠٠٨، لكن الأزمة سمحت بتعجيل الأمر.
ولو أخذنا بنفس المعايير الثلاثة، نجد أن الأزمة الحالية فى أبعادها الصحية والاقتصادية والاجتماعية كانت كاشفة للقدرات الخاصة للدول، فهناك دول أفضل نسبيًا فى التعامل، ودول أخرى أكثر سوءًا.
وبما أن الأزمة منشئة، فسيكون هناك اهتمام أكبر بالأبعاد الصحية والاستعدادات المناسبة مع تقديرات وأولويات مختلفة فى الدول التى لم تُحسن التعامل مع هذه الأزمات.
ولأنها أزمة معجلة، فهناك أشياء كنا نهتم بها لكنها لم تكن تأخذ حقها بالشكل الكافى، مثل موضوع استخدام تكنولوجيا المعلومات فى التعليم عن بُعد، والرعاية الصحية والعمل والتدريب وإجراء الاجتماعات والمقابلات، والناس كانت تتحدث عن هذه الأمور وترى أنها ستأخذ وقتًا طويلًا يصل إلى ما بين ٥ و١٠ سنوات فى بعض البلدان، لكن ما رأيناه على مدار الأسابيع الماضية يقول إن الحلول التكنولوجية والتحوّل الرقمى سيكون واقعًا جديدًا.
وبالتالى هناك أهمية كبيرة جدًا لإدراك التأثير الإيجابى فى هذه القطاعات، وكذلك الاهتمام بالرعاية الصحية الأولية، وأتصور أن المستقبل ستكون به نظم أكثر شمولًا للرعاية الصحية، فى إطار الدروس المستفادة من الأزمة.
■ ما الدول التى تعاملت مع الأزمة بشكل أفضل من غيرها؟
- رغم أن هناك مشاكل اعترضت القطاعات الصحية على مستوى العالم، وكذلك مشاكل خاصة بالإغلاق الكلى والجزئى للقطاعات الاقتصادية المنتجة، فإن هناك دولًا استطاعت التعامل مع الأزمة حتى الآن.
ففى ضوء ما كشفته الأزمة من أوضاع اقتصادية واجتماعية وجدنا دولًا مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية واليابان وغيرها من دول جنوب شرق آسيا استطاعت التعامل بشكل أفضل نسبيًا، فى الوقت الذى وجدنا فيه ارتباكًا نسبيًا فى بعض الدول المتقدمة اقتصاديًا، أو تفاوتًا فى القدرة على التعامل.
■ أعلن زعماء «مجموعة العشرين» عن ضخ 5 تريليونات دولار لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية لفيروس «كورونا».. فما تقييمكم لهذه الخطوة؟
- أتصور أنها خطوة جيدة فى الاتجاه الصحيح، فمبلغ ٥ تريليونات دولار يمثل ٦٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، ويمثل نسبًا أكبر فى بعض دول المجموعة.
ففى حالة الولايات المتحدة فإن هذه النسبة تصل إلى حوالى ١٠٪ من الدخل لو وضعنا حزمة ٢.٣ تريليون دولار الذى يتم ضخها فى الاقتصاد الأمريكى، ومن خلال مساندة البنك الفيدرالى الأمريكى وقدرته على إيجاد وخلق الائتمان فقد تصل الأرقام إلى أضعاف ذلك، وقد يقترب الرقم النهائى من ٦ تريليونات دولار.
ويعنى ذلك أن حوالى ٣٠٪ من الاقتصاد الأمريكى سيشهد ضخ حزم مالية فيه وهذا شىء جيد مستقبلًا، وسيؤثر إيجابًا فى الوضع الاقتصادى بعد التعافى من الأزمة الصحية التى تمثل الأولوية حاليًا.
أما فى باقى دول المجموعة، فهناك أرقام مهمة ستُضخ لمساندة الاقتصاد تتراوح بين ٥٪ و٦٪، وفى بعض الأحيان ١٠٪.
والمشكلة أنه فى الأحوال العادية لو قلنا إن هناك ٦٪ إضافة للدخل المحلى الإجمالى على شكل ضخ لتريليونات الدولارات فى ٨٥٪ من الاقتصاد العالمى، الذى تمثله «مجموعة العشرين»، فهذا شىء جيد لهذه الدول وللدول الأخرى أيضًا، لكن فى الوضع الحالى علينا هنا أن نلاحظ أن الدول الأخرى لن تستفيد من هذا الضخ، لأن قنوات الاستثمار والتجارة وحركة العاملين معطلة.
وبالتالى سيكون على كل دولة على حدة أن تقوم فورًا، وكما يحدث الآن، بالاعتماد بشدة على ضخ تمويل واستثمارات فى أراضيها فى القطاعات التى تأثرت سلبًا لحمايتها، وفى القطاعات الواعدة لتنطلق.
■ تنبأت إدارة البحوث بـ«صندوق النقد الدولى» بأسوأ ركود عالمى.. فكيف ترى ذلك؟
- هذه التوقعات تأتى فى ظل وضع عالمى شديد التغير، وتستند إلى نماذج افتراضية وتوقعات، وبالتالى يجب استخدامها فى إطار كونها اتجاهات عامة، لأن التوقع بطبيعته احتمالى ويفتقر إلى الدقة.
بمعنى أن الصندوق إذا ذكر فى توقعاته أن مؤشر النمو فى دولة ما سالب فهو احتمال أقرب إلى الواقع، والعكس صحيح، لكن الرقم نفسه محل خلاف، لأنه يأتى وفقًا لقاعدة البيانات التى يستند إليها والافتراضات المستخدمة.
لذا نحتاج للأخذ بهذه التوقعات على سبيل الاسترشاد، خاصة أننا نتحدث عن توقعات لعدة شهور أو لسنة، فالصندوق يتحدث عن توقعات لعامى ٢٠٢٠ و٢٠٢١ والمسألة كلها مبنية على افتراض ما الذى سيحدث بالاقتصاد العالمى فى المناطق المختلفة والقطاعات المتنوعة، لكن بالطبع سيكون البعض أفضل والآخر أسوأ، لذا تجب مراجعة هذه التوقعات بشكل دورى.
وفى ظروف الأزمة بشكل عام يفضل أن نتحرك وفقًا للقاعدة الذهبية التى تأمل فى الأفضل لكنها تتحسب للأسوأ، فإذا جاء الأفضل تكون الأمور جيدة، وإذا جاءت غير ذلك نكون قد اتخذنا الاحتياطات الواجبة.
والأفضل حاليًا أن نأخذ بالتدابير المناسبة التى تجعلنا أفضل فى معدلات النمو فى المقام الأول، وأكثر احتواء للناس من الناحية الاجتماعية، على أن يكون هذا النمو شاملًا ومتوازنًا ويأخذ معه كل قطاعات الاقتصاد دون انحياز، كما يجب أن يكون مرتكزًا أكثر على قواعد ترتبط بالاستثمار والتوجه التصديرى إن أمكن فى ظل الظروف الحالية.

هل تتوقع تجاوز الأزمة الصحية فى وقت قريب؟
- لدينا صعوبة فى التعامل مع الأزمة الصحية، لأنها ما زالت خارجة عن قدرات البشر العلمية والتجهيزية، وحتى الآن لم نجد اللقاح الذى يستطيع الوقاية من هذا الفيروس، كما لم تتفق الأوساط العلمية على العلاج.
لكن، رغم ذلك، هناك أزمات أخرى نستطيع التعامل معها، مثل الأزمة المالية وأزمة الوقود لأننا نعلم أدواتها، ورغم أنها تأخذ وقتًا فى العلاج فإن الروشتة معروفة، ولدينا خبرات فى هذا الشأن حتى لو اختلفت الخبرة بين دولة وأخرى.