رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستشار المفتى: الخلافة فكرة منحرفة.. وأول طريق التطرف

إبراهيم نجم
إبراهيم نجم

إبراهيم نجم أكد أن العنف تحول إلى ظاهرة جماعية منظمة
المواجهة الفكرية للإسلام السياسى تدفع عجلة التنمية والإصلاح الاقتصادى
«دليل المسلمين إلى تفنيد أفكار المتطرفين» موسوعة تتناول بجرأة نقد أفكار التكفير


أكد الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، أن الأفكار الدينية المغلوطة تُعد من أهم الأخطار التى نواجهها على المستويين المحلى والدولى، لأن التطرف لا يقف عند حد الفكر المتشدد المنطوى على نفسه، بل سرعان ما يتطور إلى مرحلة فرض الرأى ثم محاولة تطويع المجتمع بأسره قسرًا لهذا الفكر، ولا سبيل له إلا العنف والإرهاب وسفك الدماء.
وأضاف «نجم»، فى حواره مع «الدستور»، أن الأفكار المنحرفة، مثل إقامة الخلافة والحاكمية وجاهلية المجتمع هى بداية طريق التطرف.
■ بداية.. متى يتحول المتدين إلى متطرف؟
- التطرف يبدأ بفكرة منحرفة كالحاكمية أو جاهلية المجتمع أو وجوب هدم الأنظمة القائمة وإقامة الخلافة، وينتهى بالصدام والقتل والتفجير وتقسيم الدول وتهجير الشعوب، وهذه المتوالية التى نطلق عليها «الإسلام السياسى» تتشابه وتتكرر بل وتزداد ضراوة وتأثيرًا وعنفًا بشكل متزايد.
■ كيف تفاقم التطرف إلى هذه المرحلة المرعبة؟
- المتطرف لم يعد يطمح فى حرق نادى فيديو أو تحطيم ملهى ليلى أو هدم ضريح أو اغتيال مواطن عادى أو مسئول، كما كان يحدث فى السبعينيات وما بعدها، فهذه الخطوات كانت مجرد بدايات، إذ توسعت طموحات الإرهابيين الآن إلى حد تلقى تمويلات وإقامة جيوش وتسليح كتائب وتدريب الأفراد وتوفير الإعاشة ودمجهم فى كيانات منظمة تشبه إلى حد كبير الجيوش النظامية أو على أقل تقدير الميليشيات المنظمة.
التطرف الدينى تفاقم لأنه لا يقف عند حد كونه فكرًا متشددًا منطويًا على نفسه، بل سرعان ما يتطور إلى مرحلة فرض الرأى ثم محاولة إجبار المجتمع لاتباع هذا الفكر، ولا سبيل له إلا العنف والإرهاب وسفك الدماء.
■ ما تفسيرك لانتشار الإرهاب فى بعض دول المنطقة؟
- استفاد الإرهابيون من التكنولوجيا، عبر تصوير مقاطع فيديو وغزو وسائل التواصل الاجتماعى بها، لبث فكرهم المتطرف وجذب المزيد من الشباب المتحمس لدفعهم إلى الحروب والعمليات الانتحارية، لذلك من المفيد أن نعترف بأن التطرف والإرهاب تحولا من ظاهرة فردية عشوائية إلى ظاهرة جماعية منظمة تدخل فى تحالفات دولية لا تراعى البعدين الأخلاقى والإنسانى فضلًا عن الدينى.
وتسبب هذا التطور فى إيجاد حالة من عدم الاستقرار فى العديد من دول المنطقة العربية، وفى هذا الشأن قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى خطابه المهم والتاريخى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إن وجود هذه التنظيمات على هذا النحو سيؤدى إلى استمرار حالة الفوضى وعدم الاستقرار الأمنى والاقتصادى والسياسى فى هذه الدول».
■ كيف نواجه تلك التنظيمات؟
- المواجهة الفكرية هى الأهم، فيجب على المؤسسات العلمية والفكرية أن تخوض مرحلة المواجهة الجادة المؤسسة على رؤية عميقة ودراسات دقيقة بطريقة علمية حديثة، وردود منهجية تتجاوز مرحلة الشجب والخطابة إلى مرحلة الرصد والتحليل ومتابعة تطور هذه الأفكار المتشددة من جذورها التاريخية والاجتماعية حتى وصلت إلى هذا الحد من الشراسة والعنف.
فالمواجهة الفكرية الجادة على حد تعبير الرئيس السيسى فى مؤتمر الشباب، ستقضى على ظاهرة التطرف والإرهاب من جذورها، وستدعم جهود الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى فى جميع دول المنطقة، وستوفر علينا كثيرًا من الخسائر فى الدماء والأرواح التى تزهق فى المواجهات الأمنية أو فى العمليات الإرهابية، إضافة إلى ما ستؤدى إليه من دفع عجلة التنمية والإصلاح الاقتصادى الذى يعود بالرخاء على الشعوب والأفراد.
■ ما الإجراءات التى اتخذتها دار الإفتاء فى تلك المواجهة الفكرية؟
- سارعت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، منذ نشأتها، إلى تلبية نداء الرئيس السيسى بضرورة تجديد الخطاب الدينى ومحاصرة هذه الظاهرة، وكانت سياسة الأمانة العامة تعتمد الأسلوب العلمى والمنهجى كوسيلة فاعلة فى هذه المواجهة الفكرية، ومن ضمن هذه الأساليب أسلوب الرصد والإحصاء العلمى الدقيق الذى يرصد الفتاوى التكفيرية والمتشددة وآثارها فى العالم كله من خلال متابعة ما يدور فى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية.
كما تضمنت المجهودات إطلاق المنصات الإلكترونية المتعددة للرد على شبهات هذه الجماعات بأساليب مختلفة، واعتمدت الأمانة مبدأ العمل المؤسسى الجماعى فانضوى تحت لوائها أكثر من ثمانين عضوًا ومؤسسة عاملة فى مجال الإفتاء وعقدت مؤتمرها العالمى على مدار أربع سنوات برعاية الرئيس السيسى.
من أهم هذه المؤتمرات، مؤتمر بعنوان «دور الفتوى فى استقرار المجتمعات»، وتضمنت نتائجه إطلاق العديد من المبادرات كتقنين الفتوى وإصدار ميثاق الفتوى العالمى ومبادرة تدريس الإفتاء كمادة مستقلة بمنهج مستقل.
وقامت الأمانة بإعداد نماذج كاملة لهذه المناهج، كما سعت الأمانة بخطة علمية منهجية إلى تفكيك مفاصل الفكر المتشدد من جذوره المرجعية، وتبلورت هذه الجهود فى إصدار موسوعة علمية بعنوان «دليل المسلمين إلى تفنيد أفكار المتطرفين»، وهى أول موسوعة تتناول نقد أفكار التكفير التى اعتمدتها معظم هذه التنظيمات وهى تتمحور فى مجملها حول الأفكار التكفيرية لسيد قطب.
■ ماذا عن دور الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى خلق كوادر علمية لمواجهة التطرف؟
- سعت الأمانة العامة إلى إعداد برامج تدريب للعلماء والمفتين والدعاة على مستوى العالم، لكى تؤهل هذه الكوادر لمواجهة هذا الفكر على مستوى العالم، وكان لتخريج هذه الكوادر أثره الفعال فى مواجهة الفكر المتطرف على مستوى العالم.