رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يسرى عبيد يكتب: هل سيحقق الإنجليز مكاسب من «البريكست»

جريدة الدستور



عند الساعة الثانية عشرة صباح غد السبت تصبح بريطانيا رسميا خارج الاتحاد الأوروبى بعد تصديق البرلمان البريطانى على اتفاق الخروج، الذى أبرمه رئيس الوزراء بوريس جونسون مع الاتحاد الأوروبى، وصدق البرلمان الأوروبى أيضا على الاتفاق، وبداية من الغد، ستبدأ بريطانيا محادثات بشأن صياغة علاقة تجارية جديدة مع الاتحاد الأوروبى بعدما قال إن هذه المفاوضات لن تمتد إلى ما بعد نهاية 2020.
جونسون سيخوض مفاوضات صعبة مع الاتحاد الأوروبى للخروج باتفاق ينقذ الاقتصاد البريطانى من تبعات الانفصال عن أهم تكتل اقتصادى فى العالم.
وكالة «بلومبرج» الاقتصادية قدرت حجم الخسارة التى تكبدها الاقتصاد البريطانى منذ بدء مسار البريكست سنة 2016، بوصولها إلى 170 مليار دولار، وتتوقع أنه فى حال عدم التوصل لاتفاق خلال هذه السنة سترتفع خسائر اقتصاد المملكة المتحدة إلى مائتى مليار دولار.
رئيس الوزراء البريطانى يعول كثيرا على الولايات المتحدة لتوقيع اتفاق تجارة حرة معها يكون بديلا فى حال عدم التوصل لاتفاق تجارى مع الاتحاد الأوروبى بعد الخروج، لذلك ذهب فى زيارة إلى الرئيس الأمريكى للتباحث معه فى هذه المسألة.
المسئولون الأوروبيون يؤكدون أنهم لن يتعجلوا فى إجراء مفاوضات مع لندن وسيتعاملون مع بريطانيا على أساس الحصول على أفضل اتفاق ممكن منصف ومتوازن لضمان أن تتمكن بريطانيا والاتحاد الأوروبى من التعامل كأصدقاء فى المستقبل. فهل يستطيع الاقتصاد البريطانى تحمل تبعات الخروج سواء باتفاق أو بدون؟.
إذا نظرنا إلى الإيجابيات التى ستعود على البريطانيين من مغادرة الاتحاد الأوروبى «Brexit»؟، فسنجد أنها كبيرة، وتبناها المويدون للخروج من الاتحاد الأوروبى، فى حملاتهم الدعائية خلال استفتاء ٢٠١٦، فهؤلاء يقولون إن عضوية بريطانيا فى الاتحاد تكلف حوالى 11% من إجمالى الناتج المحلى السنوى، الذى يبلغ قرابة 200 مليار جنيه إسترلينى، ما يعادل 295 مليار دولار أمريكى، ويشيرون إلى أن هذا المال ستكون له منفعة أكبر إن تم صرفه على المصانع والأبحاث العلمية.
يضاف إلى هذا أن موقع بريطانيا كمركز مالى عالمى لن يتأثر بالخروج لوجود عدة عوامل، مثل اللغة والكفاءات المالية، التى لن تغادر بريطانيا كما يشاع، وكذلك القوانين والضمانات التى تعطى للمستثمرين الطمأنينة للعمل فى بريطانيا.
كما أنه يمكن للبريطانيين السعى بشكل منفرد لإبرام اتفاقيات تجارية أخرى مع الصين والهند غير الولايات المتحدة.
المملكة المتحدة تعد من الثلاثة الكبار المساهمين فى ميزانية الاتحاد الأوروبى. وبالتالى يعتبر رئيس الوزراء البريطانى وأعضاء حكومته أن الأموال التى تدفعها بريطانيا للاتحاد يمكن استخدامها فى الداخل البريطانى على الصحة والتعليم وغيرهما.
كما أن الخروج سيوفر لبريطانيا القدرة على السيطرة على حدودها وتنظيم عملية الهجرة بما يعكس الاحتياجات المحلية للعمالة، مثل نظام النقاط الذى تتبعه أستراليا. فحرية التنقل يجب أن يتم ضبطها ووضع قيود عليها لتحقيق نمو اقتصادى من جانب والحفاظ على الأمن من جانب آخر، بحسب مؤيدى الخروج.
كما أن الاتحاد الأوروبى يشكل عبئًا كبيرًا على المواطنين بسبب التنظيم البيروقراطى المعقّد، بحسب رئيس الوزراء بوريس جونسون. وإن خرجت بريطانيا، فستتمكن الحكومة والسلطات المالية من تصميم هيكلية تنظيمية ملائمة أكثر للحاجات البريطانية.
ويعتبر الأمر من أكثر الملفات التى تمت مناقشتها. إذ إنه من أحد الأسس التى يقوم عليها الاتحاد الأوروبى حرية تحرك وعبور الأشخاص، بالإضافة إلى حرية نقل الخدمات والأموال والبضائع، لهذا السبب، لا تتحكم بريطانيا بتدفق المهاجرين من الدول المنضوية فى الاتحاد.
كما أن خروج بريطانيا سيحد من الهجرة إليها بسبب المنافع التى بإمكان مواطنى الدول الأخرى الحصول عليها من بريطانيا، فى قطاعات الصحة والزراعة وغيرها، التى تعد الأفضل بين الدول الأوروبية، وهو ما سعى إليه الذين أيدوا الخروج من الاتحاد الأوروبى.
كما يرى المراقبون أنه فى حال توقيع اتفاق تجارة حرة بين بريطانيا والولايات المتحدة سترتفع المبادلات التجارية إلى ضعفين وثلاثة أضعاف، وهو ما يعنى وصولها إلى ستمائة مليار دولار، وهو الرقم الذى يمكن أن يقلص حجم خسائر الاقتصاد البريطانى فى حال فشل جونسون فى الوصول إلى اتفاق مع الأوروبيين.
سماح الحكومة البريطانية لعملاق الهواتف المحمولة الصينى شركة هواوى بإنشاء شبكات للجيل الخامس يعطى مؤشرا بأن الحكومة البريطانية تريد بناء علاقات اقتصادية مع الكثير من الدول، وما قمة الاستثمار فى إفريقيا التى عقدت فى بريطانيا الأسبوع الماضى ببعيدة.
بريطانيا إذن دخلت فى مرحلة ما بعد البريكست.. فهل تستطيع النجاح والتأكيد أنها كانت على حق عندما أصرت على الخروج من التكتل الاقتصادى الأقوى؟.