رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

30 عاما على رحيل صاحب "في انتظار جودو"

صموئيل بيكيت
صموئيل بيكيت

لا يمكن إغفال اسم صموئيل بيكيت صاحب الرائعة المسرحية "في انتظار جودو" في قائمة تضم أبرز 10 أدباء في القرن العشرين.

ويعد بيكيت واحدا من أهم الكتاب المسرحيين في القرن العشرين، وأحد أبرز الكتاب الذين ينتمون للحركة التجريبية الأدبية في القرن العشرين ولحركة حداثة الانجلو، وكان رمزا من رموز مسرح العبث وأحد أكثر الكتاب تأثيرا في عهده.

ولد بيكيت فى فوكس روك دبلن في 13 أبريل عام 1906 _ توفى في باريس في 22 ديسمبر 1989، واعتبر النقاد مسرحية بيكيت "في انتظار جودو" أفضل مسرحية كتبت في القرن العشرين.

المسرحية التي كتبها الكاتب الإيرلندي ونشرت عام 1949، تدور حول رجلين يدعيان فلاديمير واستراجون ينتظران شخصا يدعى جودو لكنه لا يأتي، وأثارت هذه الشخصية مع الحبكة القصصية الكثير من التحليل والجدل حول المعنى المبطن لأحداثها.

وحازت المسرحية على تقييم أهم عمل مسرحي في القرن العشرين باللغة الإنجليزية وكان بيكيت قد ترجم النسخة الإنجليزية بنفسه بعد أن كان قد كتبها باللغة الفرنسية، وسمى العنوان الفرعي للنسخة الإنجليزية بـ"تراجيديا مضحكة من فصلين"، وكتب النسخة الفرنسية ما بين 9 أكتوبر 1948 و29 يناير 1949 وكان افتتاح أول عرض في 5 يناير 1953 في مسرح بابلون من إخراج روجر بلين والذي قام بدور بوزو.

وإن بدا لكثير من النقاد أن عمل بيكيت الأدبي أضفى تأثيره على آداب البشرية لـ60 عاما، أعاد تأمل دراما بيكيت القصيرة النظرة العبثية لما يشهده العالم من تسارع في مجالات التسلح والأمن الإلكتروني وحروب الفضاء.

يستنتج الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو أن السأم، هو محصلة لفعل الانتظار، وكلاهما نتاج واحد لانهيار العقل والجسد معا سببه الروتين والعادة، ما يدفع بالمرء إلى أن يفكر ويتأمل هويته الذاتية بشكل جاد.

هذا السأم الذي تفرضه وسائل التواصل الاجتماعي في واقعنا المعاصر، وما تتسم به تفاصيل حياتنا، يبلوره بيكيت في مسرحيته الخالدة التي تعتبر إعادة قراءتها بمثابة التدقيق الفكري في أزمة عصرية ممتدة من عهد ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا.

والانتظار (السمة الأساسية في مسرحية بيكيت) هو تهكم صارخ لفعل وجودي غير مبرر أو مجد ولن يأتي بشيء، إذ أنه بدل جودو المنتظر يأت بوزو الأعمى يقوده عبده الأخرس.

كذلك تأتي سمة "العبث" معبرة وذات دلالة قوية عما يمر به الفكر البشري في حقبة لم تظهر معالمها واضحة بعد، وإن كانت نذر التغيير غير خافية على المدقق.

أقام بيكيت في عام 1928 في باريس، ومن خلال إقامته هناك تعرف على الأديب الأيرلندي الأشهر جيمس جويس (صاحب رواية عوليس) فلازمه بيكيت وأصبح تلميذا عنده ومساعدا له، وقد تأثرت كتابات بيكيت بأسلوب جويس من خلال صحبته له.

ولاقى أول كتاب ينشره بيكيت والذي هو "مالوي" إعجاب النقاد الفرنسيين على الرغم من عدم تحقيقه الكثير من المبيعات، أما مسرحية "في انتظار جودو" فقد حققت نجاحا سريعا حين تم عرضها في مسرح “بابيلون” ولاقت استحسان الكثير من النقاد مما أكسب بيكيت شهرة عالمية.

في أواخر الثمانينيات تراجعت حالة بيكيت الصحية واضطر للانتقال إلى دار تمريض ليتلقى العناية الطبية اللازمة، وبعد أشهر من وفاة زوجته سوزان توفى صمويل بيكيت في 22 ديسمبر 1989 في المستشفى نتيجةً لمشاكل في جهازه التنفسي.