رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جرائم أموال التأمينات.. لـ «غالى ومعيط»


إن سقوط الآلاف جراء الفقر والمرض بسبب جرائم ارتكبت من الكبار ضد الصغار يستلزم التحقيق الجنائى والمالى والاجتماعى مع من هددوا حياة الملايين الـ9،

بعد ثورة يناير اعتقدنا أن شعاراتها نحو الحرية والعدالة الاجتماعية سوف تعيد لنا أموالنا وهى تحويشة عمرنا.. ولكن استمرت الأوضاع كما هى بل اتجهت إلى الأسوأ لقد عشنا تحت مظلة أربعة أنظمة ومازلنا نعيش فى نفس المأساة.. عشنا زمن مبارك وغالى ومعيط وبعد ذلك استمرينا فى ظل الثورة والمجلس العسكري.. وجاء نظام الإخوان لينخفض مستوانا الاجتماعى إلى الأدني.. وجاء نظام الثورة الوطنية ومازلنا نعيش فيه حتى الآن دون أى تطور إيجابي.. كل هذا شكل ثورة جديدة لأصحاب المعاشات البالغ عددهم 9 ملايين مواطن يشكلون بأسرهم 40٪ من المجتمع المصري.. والسؤال الذى لم يرد عليه أحد حتى الآن: أين ذهبت أموالنا؟ لقد ارتكب نظام «غالى ومعيط» جرائم ضد أموالنا واستمر شبح غالى بوجود «معيط» نفسه من قبل الثورة وحتى الآن ويتعامل مع أموال التأمينات والحقيقة المؤكدة أن أموالنا تحولت على يد «غالى ومعيط» إلى حزمة أوراق بضمان الخزانة العامة.. ولكن لا يوجد جنيه واحد داخلها!

فماذا نفعل بضمانات لا تفيد الفقراء وأصحاب الأمراض إذا كانت أموالهم هى أوراق؟ لقد حاول «غالي» أن يستولى على أموال التأمينات ولكن وقفت أمامه الوزيرة الشجاعة «ميرفت التلاوى» ورفضت أن يستولى «غالي» على أموال التأمينات بل وطلبت أن تشترى أصولاً فى زمن الخصخصة ولكن نظام مبارك رفض.. وأطيح بوزيرة التأمينات مما أتاح لـ «بطرس غالي» أن يعيد تنفيذ أحلامه بالاستيلاء على أموال التأمينات.. وأتى غالى بـ «محمد معيط» من لندن وعينه مستشارا للتأمينات وبعد ذلك نائبا لوزير المالية أيضا ثم استمر فى موقعه مع كل الوزراء بعد الثورة حتى استعانت به حكومة الإخوان وقررت تعيينه نائبا لرئيس هيئةالرقابة المالية حتى يكون مشرفا على تنفيذ قانون 135 لسنة 2010.. وجاءت ثورة 30 يونيو لتطيح بنظام الإخوان والقانون 135 وبقيا «معيط» فى وظيفته الجديدة دون مهمة بعد إسقاط القانون الذى كان سيطيح بأموال التأمينات لدى الخزانة.. وأيضا كان سيسبب كارثة بتهديد كيان الأسرة المصرية عندما نص القانون على حرمان الابنة من معاش والدها فى سن الـ26 عاما بل كان سيتيح خصخصة التأمينات للشركات الخاصة وإلغاء الجانب الاجتماعى عنها.. ولكن ثورة الشعب المصرى منعت ذلك وسقط القانون وبقى «غالي» فى لندن و«معيط» فى هيئة الرقابة المالية.. لقد استولى «غالي» على 220 مليار جنيه بصكين غير قابلين للتداول بفائدة 8٪ مجمدة لعدة سنوات، مع أن الفائدة التى تصدرها الخزانة العامة لـ17٪ إذا كانت إذن خزانة وهذا تم الاستيلاء على 9٪ فائدة منهوبة ومسروقة من حقوق أصحاب المعاشات لصالح الخزانة العامة وبهذه الفائدة كان يمكن إحداث تحول كبير لصالح المعاشات.. والكارثة الكبرى عندما حصلت الخزانة العامة على ما يقرب من 165 مليار جنيه من أموال التأمينات ديونا ودون فائدة على الإطلاق. استمر هذا الوضع لعدة سنوات وحتى الآن جانب من هذا الدين حصلت عليه بعض الشركات الخاصة ورجال أعمال نظام مبارك بتواطؤ وبتسهيل وإخفاء من «غالى ومعيط» ومازالت هذه الثروة ديونا لدى الخزانة العامة وبضمانها وهى عبارة عن أوراق فقط لاغير.. وأيضا هناك ما يقرب من 84 مليار جنيه لدى بنك الاستثمار القومى فوائدها يستفيد منها فقط كبار موظفى البنك من خلال عضويته بمجالس الإدارات المستثمر فيها أموال التأمينات.. والغريب أن مدينة الإنتاج الأعلامى لديها أموال من التأمينات تمثل 17٪ من اسهمها لم يحصل على أرباح لمدة 14 عاما الماضية ويكفى أن «أسماء ثابت» ويقال عنها إنها من أسرة مبارك الحاكمة وأحد قيادات البنك استمروا فى الحصول على مكافآت الأرباح والبدلات كما لو كانوا هم أصحاب رأس المال وليس أصحاب المعاشات؟

وأيضا هناك استثمارات متفرقة لدى عدد من الشركات الكبرى كانت «ثريا فتوح عبدالحميد» هى ممثلة أموال التأمينات وحصلت على كل مكافآت الأرباح لنفسها، مع أن الأموال ليست ملكها بل هى ملك الأرامل والأيتام من أصحاب المعاشات.. ولم يتم استرداد ما حصلت عليه حتى الآن! الغريب أن تقرير الجهاز المركزى لسنة 2012 تحدث عن استيلاء قيادات من المالية والتأمينات بينهم «محمد معيط» و«ثريا فتوح» على 27 مليون جنيه مكافآت للجان وهمية ولم يتم استعادة هذه الأموال حتى الآن! هكذا فقدنا أموالنا وتحويشة عمرنا وهى أموال خاصة ملك لنا نحن أصحاب المعاشات.. وهناك أيضا 22 مليون مواطن مؤمن عليهم يعملون الآن فى كل مؤسسات الدولة.. وتقدر هذه الأموال بأكثر من 600 مليار جنيه أغلبها بدون فوائد.. وتعلن الحكومة رسميا أن الأموال 485 مليارا بدون أى فوائد، أى أن الأرقام كلها حقيقية.. وفى حالة احتساب هذه الأموال بالفوائد وهى لمدة عدة سنوات تقترب هذه الأموال من الـ «تريليون» أى ألف مليار جنيه!

إن الجرائم التى ارتكبت ضد أموال التأمينات التى دفع ثمنها الملايين من أصحاب المعاشات، حيث أصيبت هذه الملايين بالفقر والمرض بل سقطت الآلاف وهى تبحث عن قيمة العلاج فلم تجده بعد أن تم تهميشهم والاستيلاء على أموالهم.. لقد دفع أصحاب المعاشات الثمن غاليا وفادحا ولم يسأل عنهم أحد واستمروا فى هذا المصاب الأليم منذ عصر «غالى ومعيط» وحتى الآن.. إن الفوائد فقط لأموال التأمينات كان يمكن أن تحقق العدالة الاجتماعية للملايين بل وتجعلهم يعيشون حياة كريمة.. ولكن حزمة أوراق «غالى ومعيط» لا يمكن أن تشبع البطون الجائعة وأصحاب الأمراض المزمنة.. أليست هذه جرائم ضد الإنسانية؟

إن هناك خمسة ملايين مواطن يعيشون بأقل من 500 جنيه شهريا وهؤلاء لا يمكن أن يستمروا فى الحياة فى ظل هذه المعاشات المتدنية ولا يمكن أن يقبل بها حتى المتسولين! لقد حددت المنظمات العالمية أن المواطن الذى يتقاضى 2 دولار يوميا هو تحت خط الفقر.. ولكن كيف يمكن للمواطن المصرى أن يحصل على ربع دولار يوميا ونسمى ذلك معاشاً؟ والحقيقة أن ذلك يمثل خط الموت بعد أن تخطينا خط الفقر! كنا نحلم بأيام عكس ما نعيش اليوم.. إن كل الحكومات قبل الثورة وبعدها حتى الآن لم تستطع فتح ملف أموال التأمينات بل كل ما صدر عنها هو عبارة واحدة «أن أموال التأمينات آمنة» إننا نعلم حقا كذلك ولكن أين الأموال نفسها؟ ولكن كل ما هو موجود هو حزمة الأوراق بضمان الخزانة العامة!

إن جريمة القرن الـ21 هى ما حدث لأموال التأمينات والذين ساهموا فى إبادتها وتحويلها إلى أوراق مازالوا بعيدين عن يد العدالة لم يتم التحقيق مع من ارتكبوا الجرائم ضد أموال التأمينات.. إن العقوبة الوحيدة التى تمت هو ما وقع على أصحاب المعاشات فقد تم تهميشهم وإهدار حقوقهم وغابت عنهم تحويشة عمرهم ولم ينج من ذلك الكبير أو الصغير، فقد أطيح بأحلام الملايين التسعة لصالح بعض الأفراد، حيث تمت حمايتهم قبل الثورة وبعدها.. لقد خاض شعبنا ثورتين وأسقط نظامين وسجن رئيسين.. ولكن الوصول إلى العدالة الاجتماعية كان المستحيل ومازال حتى الآن هو المستحيل نفسه!

إننا نطالب كل مؤسسات الدولة المعنية باحترام ثورة الشعب المصرى وشعارها المجيد بالعدالة الاجتماعية، وأن تطبيق أيضا العدالة القانونية والتحقيق مع من ارتكبوا الجرائم الاجتماعية والمالية ضد الملايين الـ9 من أصحاب المعاشات.. والمهم أن تكون هناك لجنة محايدة ومستقلة بعيدا عمن تورطوا فى جرائم أموال التأمينات تعلن اللجنة حقيقة الجرائم التى تمت حيال أموال التأمينات ومن هم المجرمون الذين ارتكبوا هذه الجرائم.

إن ما نطالب به هو حقوق الملايين من المصريين يعيشون الآن حياة لم يعيشوها من قبل تحت أى نظام قبل أن تبدأ الحياة مع «بطرس غالى ومعيط»، إن صرخاتهم الآن تدوى فى عنان السماء تطلب الرحمة والعدالة فهل يسمعها هؤلاء المسئولون الذين يعتبرون أن الملايين التسعة التى قامت ببناء هذا الوطن عبئا على الخزانة العامة، مع أن هذه الخزانة نفسها هى التى أصبحت عبئا علينا، إننا لا نصرف معاشاتنا من هذه الخزانة ولسنا مدرجين فى الموازنة العامة بل نحصل على ما يصرف لنا من عائد إيرادات التأمينات، ولكن أين فوائد أموالنا؟ وأين أموالنا بالضبط دون أن ترفعوا فى وجوهنا حزمة الأوراق التى منحها لنا «غالى ومعيط» مقابل تحويشة عمرنا؟

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات