رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزارة الزراعة.. وبيع الوهم ورفع الأسعار


ويعتبر وزير الزراعة الحالى هو ناظر المدرسة التى استقى منها مرسى وفريقه فكرة المبالغة فى محصول القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتى منه.

احتجت هذا الأسبوع إلى شراء خروف حى لمناسبة عائلية فمررت على جزار شهير فى ميدان الدقى فقال لى اختر ما تشاء وبسعر 35 جنيها للكيلوجرام، نصحنى زميل كان برفقتى أن نعبر كوبرى ثروت حيث سنجد مزرعة كبيرة للخراف فى منطقة صفط اللبن تبيعه فقط بسعر 32 جنيها للكيلوجرام فذهبنا واشتريناه فعلا من المزرعة بسعر 33 جنيها للكيلوجرام. اكتب هذا بسبب إعلان تسعيرة بيع الدولة للخراف الحية والتى أعلنتها يوم الأول من أكتوبر وقبيل عيد الأضحى بأسبوعين والتى قالت عنها إنها أقل من أسعار الأسواق بنسبة تتراوح بين 15 و 25%! من أجل أن تكون الحكومة قدوة فى خفض الأسعار وتظبيط الأسواق!؟. الحكومة القدوة أعلنت أن أسعار الخراف الحية بوزارة الزراعة سوف تكون 34 جنيهًا، بينما أعلنت الشركة القابضة للصناعات الغذائية بأن أسعارها فى المجمعات التعاونية ستكون بسعر 35 جنيهًا وهم بهذا يكذبون على الشعب ويبيعون له الخراف بغرض المكسب وإشعال أسعار الأسواق بدلا من خفضه ويوهمون المستهلك بأنها أقل من السوق بنسب تصل إلى 25%، بينما هى فى الحقيقة أعلى منه وأقسم بالله العظيم أننى وجدتها عند الجزار القطاعى بخمسة وثلاثين وفى المزرعة لتاجر من القطاع الخاص بثلاثة وثلاثين وتبيعها المزرعة للتجار بثلاثين جنيها فقط ليربحوا من بيعها؟! فعلى أى مواطن تكذبين ياحكومة الببلاوى وعلى أى أساس توهم وزارتا الزراعة والتموين بأنها تقدم تخفيضات غير مسبوقة سواء فى أسعار اللحوم الحية أو المذبوحة؟! أنا أدعو أى مواطن فى مصر لأن يذهب إلى محلات نصف الجملة أو أى سوبر أو هايبر ماركت ويقارن أسعار اللحوم المستوردة سواء السودانية أو الإثيوبية أو البرازيلية أو المبردة أو حتى البلدى بأسعار المجمعات التعاونية التى يشترط عليك البائع وضع 200 جرام دهن صافى لكل كيلو لحمة بلدى تشتريه، أى أنك تدفع ثمن كيلوجرام بينما هو الحقيقة ثلاثة أرباع الكيلوجرام أى «كيلو إلا ربع»!؟ والصفة المشتركة للجميع سواء إثيوبيًا أو سودانيًا أو حتى المصرى فى المجمعات أن أيا منها سيحتاج إلى أسطوانة بوتاجاز كاملة بخمسة عشر جنيها حتى تصل إلى مستوى نصف «تسوية» لتستطيع مضغها وبلعها!؟.

الغريب أيضا أن السيد وزير الزراعة الذى هو جهة منتجة فقط وليس له شأن لا بالتوزيع ولا الرقابة ولا التخزين وهى أمور من شأن وزير التموين والتجارة الداخلية ولكن فى حكومة الببلاوى لا توجد اختصاصات ولا قائد يوجه ويوبخ ويلوم ويذكر بالاختصاصات، فإذا بالسيد وزير الزراعة يتحفنا بأنه سيستورد 50 ألف رأس من الأبقار الحية من الخارج لضبط أسعار الأسواق قبل عيد الأضحى وهو الأمر المنوط بهيئة السلع التموينية ووزارة التموين والذى فى قانون إنشاء الهيئة ينص قرار رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر بمسئولية هيئة السلع التموينية عن تدبير جميع احتياجات السوق المحلية سواء بالشراء من الأسواق المحلية أو الاستيراد، وبالتالى تكون مسئولية وزارة الزراعة هى فقط تربية وتسمين الأبقار الصغيرة البتلو لتبيعها بعد ذلك إلى المجمعات وغيرها من تجار الأسواق المحلية، وليس استيرادها لبيع لحومها والمتاجرة فيها، لأن التجارة الداخلية تتبع وزارة التموين وليس الزراعة فى حكومة «الخلطبيطة»، ثم من يريد أن يضبط أسواق اللحوم الحية والمذبوحة سواء طازجة أو مبردة أو مجمدة فعليه أن يستوردها ويطرحها للأسواق قبل عيد الأضحى بشهرين حتى يعمل على زيادة المطروح منها محليا وبالتالى يضمن على الأقل عدم ارتفاع أسعار اللحوم فى موسم ذروة الطلب الأكبر عليها وهو عيد الأضحى، وليس من أجل أن يطرحها قبل العيد بأسبوع أو عشرة أيام حيث ستكون أسعار اللحوم قد ارتفعت بالفعل ولن يجدى بها طرح الدولة لأى كميات إضافية منها فى الأسواق التى تعطشت لمدة شهرين ولكنه غياب خبراء البورصات العالمية وأصحاب الرؤية عن صناع القرار بسبب المحسوبية والاستعانة بقدرات ضعيفة تسمع وتطيع ولا تجادل ولا تقول للوزير أنت مخطئ. وهنا لا أنسى رئيسا لهيئة السلع التموينية عام 2005 والذى تعاقد على استيراد خراف حية لتصل بعد عيد الأضحى؟! ولا أنسى أنه ووزيره ظلا فى ميناء السويس لثلاثة أيام يتطلعون إلى البحر لعل باخرة الخراف تصل وتنقذهم وهو ما أدى برئيس الوزراء إلى اتخاذ قرار بعدم التمديد لرئيس الهيئة وإنهاء خدمته فورا وتحايل الوزير على القرار لمدة سنة حتى يضعه فى مكان آخر وهو للأسف مازال يرأسه بعد مرور عشر سنوات على هذه الواقعة فنحن فى حكومات تغفر وتنسى كل شىء من أول الوزير الذى احترقت جثث المصريين فى قطاراته إلى الوزير الذى أغرق أكثر من ألف مصرى فى عبارات تبحر تحت رقابته الصورية إلى ثالث جعل من الإسكندرية عزبة وملكية خاصة يكون فيها المحافظ ومجلس التشريع ويفرض الغرامات ويخصص الحضانات لتأديب أصحاب السيارات والنتيجة حرق وهدم مبنى المحافظة إلى سطح الأرض بسبب طاغوته ليعيده رئيس الوزراء الحالى وزيرا مبجلا مكرما على قلب المصريين إلى طولون.

ويعتبر وزير الزراعة الحالى هو ناظر المدرسة التى استقى منها مرسى وفريقه فكرة المبالغة فى محصول القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتى منه، حيث أعلن أبو حديد فى عام 2011 أثناء وجوده فى وزارة أحمد شفيق ثم عصام شرف بأن الوزارة أنتجت أكثر من تسعة ملايين طن من القمح وأنها حققت الاكتفاء الذاتى من القمح اللازم للالتزامات الحكومية لإنتاج الرغيف البلدى المدعم والبالغة تسعة ملايين طن «وكأن احتياجات البلد الواحدة من القمح تقسم إلى خبز حكومى ومكرونة وخبز حر ومخبوزات أفرنجية وحلويات»، وبالتالى فلا عيب على الإخوان وغيرهم عندما يكررون نفس ما أعلنه الوزير الحالى عام 2011 أى قبلهم بعامين، وعندما سألناه أين ذهب قمحك وكل ما ورد لهيئة السلع التموينية المسئولة عن دقيق الرغيف المدعم لم يتجاوز 3 ملايين طن لم نتلق منه أى إجابة وحتى وقتنا الحالى بل وزاد استيراد البلاد للقمح فى عهده.

ثم يخرج علينا نفس الوزير الحالى الذى قرر أن يكون وزيرا للزراعة والتموين معا وعدم الاعتراف بوزير التموين الحالى بأن يتفاوض مع سفير دولة أجنبية على إنشاء صوامع لتخزين القمح وهو -كما ذكرنا- أن تسلم القمح وتجارته وتخزينه يتبع وزارة التموين بشكل أساسى ثم وزارة الاستثمار التى تتبعها الهيئة العامة للصوامع وأن وزير الزراعة مسئول فقط عن إنتاج القمح وتسليمه إلى هيئة السلع التموينية وليس مسئولا مطلقا عن تخزينه ولا تجارته، لأن التجارة الداخلية لا تتبعه وإذا انتهجها يكون مخالفا للقانون، ولكنه يسير وراء فكره الخاص بأن إنتاج وزارته عال من القمح ولا يجد مكانا للتخزين وهو قول خاطئ ومضلل ولا يؤمن به إلا الوزير فقط فلم يذهب فلاح أبدا إلى الشونة أو الصوامع ليورد القمح ورفضته الدولة بدليل ارتفاع محصول القمح من بعده ولعامين إلى 3.7 مليون طن استلمتها الدولة جميعا بل واستوردت عليها 2 مليون طن وتسلمت نصف مليون طن من الأرز؟! أين أنت أيها الخجل!!؟

■ أستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.