رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قناة السويس.. تواجه المؤامرة


منذ أن عبرت القوات الإنجليزية قناة السويس فى 1882 وهزمت جيش عرابى فى التل الكبير كان هذا أول الحروب بعد افتتاح القناة، واستمر احتلال مصر بما فيها القناة حتى عام 1951، حيث اشتعلت المقاومة الشعبية أمام القوات الإنجليزية على ضفاف القناة وأصدرت حكومة الوفد قرارًا للعمال المصريين بعدم العمل مع القوات الإنجليزية على ضفاف القناة.

وأغلقت القناة إبان حربى 1956 و1967، وهنا تنبه العالم لخطورة استمرار القناة منفردة فى الربط التجارى بين قارات العالم، وبدأوا فى البحث عن بدائل وطرق أخرى لقناة السويس.

وكانت إسرائيل هى البديل حيث قامت بإنشاء الطريق البرى بين أشدود وإيلات أى ربط البحر المتوسط بالأحمر، وقدمت أول استجواب حول إهمال الحكومة للقناة مما ترتب عليه إقامة هذا الخط الإسرائيلى وكان ذلك منذ عشرين عامًا تقريبًا.

وحاولت تقديم مشروعات بالبرلمان السابقة من أجل تعمير ضفاف القناة حتى يمكن حمايتها وتطويرها، ولكن نظام مبارك رفض ذلك تمامًا، رغم أن شركات بحرية عملاقة كانت تريد المشاركة وتحدث معى سمو الأمير طلال بن عبد العزيز الذى طالب بضرورة موافقة الحكومة على هذا المشروع وإنه مستعد أن يستثمر أمواله فى أهم منطقة فى العالم، ولكن كل ذلك رفضته حكومات مباراة، حيث كان النظام نفسه مستفيدًا من إيرادات القناة ولا يهمه تطويرها!!

وفى برلمان 2012 قدمت أول مشروع بقانون لتطوير ضفاف القناة وفى حيثياته كتبت: إن هذا هو المشروع القومى للشعب المصرى، وللأسف استولت جماعة الإخوان على نص المشروع الموجود بأمانة المجلس وغيرته تمامًا وحولته إلى مشروع إخوانى!!

وبعد أن أتى مرسى رئيسًا للبلاد قدمت جماعة الإخوان المشروع بعد أن غيرته تمامًا وجعلت من قطر وتركيا هما المحتل الجديد وصاحب الامتياز، وتم دفع عربون احتلال القناة من قبل الدولتين حيث كانت هناك مصالح اقتصادية وسياسية لهما من تحقيق ذلك.. ولكن المقاومة الباسلة لمدن القناة حاصرت مشروع إعادة احتلال القناة وأسقط الشعب المؤامرة الإخوانية بثورة 30 يونيه والآن نطرح من جديد المشروع القومى للشعب المصرى والذى يحقق ملايين من فرص العمل وإيرادات فوق الخيال حيث تصل إلى مائة مليار دولار سنويًا إذا كانت الشفافية والوطنية والإرادة السياسية قائدة لتنفيذ المشروع.

لقد حدد المؤرخ المصرى جمال حمدان أن هذه المنطقة هى التى تسمى بـ«عبقرية المكان».

لقد قامت حضارة فى دبى وأخرى فى البحر الأحمر وأخرى على الجانب الأوروبى فى المتوسط بسبب خدمة 18 ألف سفينة تعبر القناة سنويًا من وإلى البحرين، والغريب والذى يصل إلى حد التآمر والتخريب أن منطقة القناة تحولت إلى أراض قاحلة جرداء دون أى خدمات خاصة أن ثلثى تجارة العالم تمر عبر القناة من يصدق أنه فى العشرين عامًا الماضية أصبحت القناة لا تملك خدمات حقيقية لخدمة هذا العدد الهائل من السفن حتى الأحواض العائمة التى تتعامل مع السفن المتوسطة والعملاقة لا يوجد منها على الإطلاق حوض واحد فى منطقة القناة.. وأصبحت الدول القريبة من القناة هى المستفيد الأول منها والدولة صاحبة القناة نفسها غير مستفيدة على الإطلاق سوى برسوم العبور وهى لا تزيد عما يقوم به «الكمسرى» فى الحصول على هذا الرسم!!

إن سياسة الجمود والتخلف التى سادت القناة فى السنوات الماضية جعلتنا فى هذا الموقف، حيث دفع الشعب المصرى ثمن ذلك خاصة مدن القناة حيث كان الثمن باهظًا من بطالة قاتلة وفقر لم تتعود عليه هذه المدن من قبل إننا نطالب بتعمير ضفاف القناة بمشروعات العالم التجارية والبحرية حيث توجد أهم ممراته التجارية فى هذه المنطقة.

إن الشركات العالمية تبحث عن موقع لها على ضفاف القناة حيث توجد جميع أنواع البنية الأساسية حيث يبدأ أى مشروع فى العمل خلال شهور ويحقق أرباحه قبل أن يمر العام!

إن هذه المنطقة مؤهلة لأهم مشروعات العالم التجارية منها إقامة مصانع التجميع لجميع الأنواع الصناعية.. وإقامة مخازن الترانزيت العالمى حيث تنتظر أسواق العالم هذه السلع المخزنة والأهم هو الصناعات البحرية حيث تقدم الخدمات لإصلاح وصيانة السفن العابرة وأيضًا بناءً مخازن السلع الغذائية الصب من زيوت ومواد تموينية حيث تقام مصانع التعبئة.

وهناك أيضًا سوف تنشأ مدن جديدة وتتسع المدن الحالية، وهذا كله يمثل أهم مقومات الأمن القومى للبلاد، وهنا يمكن الدفاع عن الوطن والشعب المصرى من خلال كتائب المدن المتقدمة حول القناة بدلاً من تركها هكذا طمعًا لأى قوات غازية تطمع فى الاحتلال.. بل سندفع هذه الصناعات العملاقة إلى العمق نحو سيناء..

إذا نحن أمام مشروع تتضاءل أمامه كل المشروعات القومية السابقة.. إن هذا المشروع هو مفتاح سعادة الشعب المصرى.. إن نجاح هذا المشروع يتطلب الشفافية المطلقة والإرادة السياسية القوية غير المرتعشة والأهم من ذلك كله، الروح الوطنية هى التى يمكن لها أن تجعل من هذه المنطقة المنطقة الأولى فى العالم الجاذبة لكل أنواع الاستثمار، حيث تتمركز الأيدى العاملة الرخيصة وتكاليف النقل الأرخص فى العالم حتى بناء السفن سوف تنتشر على ضفاف القناة وتبقى منطقة البحيرات المرة هى من أروع الأماكن السياحية حيث سيرى السائح الأجنبى العالم كله يمر من أمامه حيث المناخ الذى تبحث عنه الإنسانية وهو يمثل كل فصول العام فى فصل الربيع الواحد!

إن الفساد وحده هو القاتل لأى مشروع أو فكرة، لذلك نطرح هذا المشروع على مثقفى وخبراء الشعب الوطنيين من أجل أن نبعث حضارة جديدة على ضفاف القناة.

اللهم بلغت اللهم فاشهد

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات