رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعم 42 مستثمراً بـ«80» ملياراً


نرفض أن ندفع نحن فاتورة غيرنا رغم أننا نعلم أننا انتقلنا بثورة يناير من نظام استغلنا إلى نظام يشارك فى الاستغلال لكن ما يحدث فى مصر من انتفاضة هذا الشعب سوف يجعل المستغلين القدامى والجدد يفكرون ألف مرة فى الاستثمار فى سرقة ثروات البلاد فى «عز الظهر».

الغريب أن يحدث استبدال فيما هو قائم قبل الثورة إلى بعد الثورة أى أن التغيير كله هو سياسى وليس اجتماعياً أو اقتصادياً فيما هو قائم مستمر من استغلال الشريحة العليا بكل طبقات المجتمع والحصول على ثروات البلاد لصالح هذه الشريحة.

إن ما يحدث فى البلاد من النهب والاستيلاء على ثروات البلاد السيادية المملوكة للشعب هو عمل إجرامى يتم وفقا للقانون.. فقد تم توزيع ثروات البلاد على أفراد وليس طبقات ولعل أبرز أعمال هذاالنهب يتمثل فى ثروات البلاد البترولية وكل ما يتعلق بالطاقة.

وهناك 42 مستثمراً يحصلون على 80 مليار جنيه هو الدعم على أسعار ما يحصلون عليه من طاقة.

فقد سمح نظام مبارك بنقل ثروات البلاد إلى عدد من مناصريه وعملائه والذين يعملون تحت مظلته السياسية.

العالم كله يبيع الطاقة بسعر السوق العالمية وأصبح كل الإنتاج فى العالم يخضع لسعر موحد فى الطاقة.

ولكن فى مصر وتحت شعارات زائفة ومدمرة تم بيع الطاقة بأسعار رمزية تقل عن «1/10» تحت شعار «توفير فرص العمل وزيادة الاستثمار» وأصبح المنتج بالأسعار المدعمة يباع بالأسعار العالمية فى الداخل والخارج وتحول فرق السعر إلى أرباح فى جيوب المستثمرين دون أى جهد، أى أن ثروات البلاد السيادية أصبحت حقاً لهؤلاء المستثمرين .. ويهددون بإغلاق المصانع وطرد العمال فى مواجهة أى مطالب بإعادة النظر فى هذا الدعم واستمر ذلك طويلا حيث كان جانب كثير من هؤلاء المستثمرين يعملون تحت المظلة السياسية بنظام مبارك وبعضهم كان يحتل أكبر وأرفع المواقع السياسية والتشريعية حتى التنفيذية.

وأكثر المستثمرين حصولا على هذا الدعم الكبير كانوا أصحاب مصانع الحديد والصلب والأسمنت وكل الصناعات المرتبطة بتدخل الطاقة فى إنتاجها.

مما جعل سعر السلعة فى مصر يتساوى مع سعرها فى العالم فكيف تباع سلعة منتجة بطاقة تبلغ جنيها واحداً مقابل عشرة جنيهات فى الخارج؟ والأغرب من ذلك كله أن نظام مبارك من خلال السيطرة على التشريع قد فرض رسوماً جمركية وإغراقاً على السلع الأجنبية حماية لصناعة هؤلاء المستثمرين، وأبرز مثل لذلك عندما وقف أحمد عز يتلو قرار فرض ضرائب على الحديد المستورد لأن الحديد القادم من تركيا وشرق أوروبا كان يباع بأرخص من الحديد المنتج فى مصر مما جعل النائب المحترم «عادل عيد» - رحمه الله - يطالب رئيس المجلس بوقف هذا العمل، لأنه يخالف الدستور والقانون حيث من يطلب الحماية الجمركية هو نفسه صاحب الصناعة المحلية وهذا يفسر لنا ما حدث فى نهب ثروات البلاد.

إن الإنتاج العالمى أصبح بسعر موحد خاصة السلع التى تحتوى على نسبة كبيرة من الطاقة.

ومن هنا استولى حفنة محدودة ومعدودة على ثروات البلاد، واتجاه نظام مبارك إلى تحميل الطبقات الفقيرة حتى الوسطى كل تكاليف هذا النهب المنظم للطاقة .. فكيف يمكن بيع لتر البنزين بـ1 جنيه مقابل السعر العالمى حوالى 2 دولار، وبهذا تم تسوية ما يحصل عليه هؤلاء المستثمرون من دعم للطاقة والفرق بين السعر المحلى والعالمى هو ما استولى عليه هؤلاء المستثمرون من ثروات الشعب، وهذه القيمة الهائلة التى تتعدى 80 مليار جنيه سنويا أصبحت حقاً لهؤلاء المستثمرين وهى أكبر بكثير من الدعم الموجه للشعب المصرى كله سواء الخبز أو جميع أنواع السلع المدعمة الأخرى حتى الطاقة منها، فكيف يمكن أن يحصل 42 مستثمراً على أكبر مما يحصل عليه الشعب المصرى، واستمرار هذا النهب المنظم، يعنى أن الثورة لم تصل بعد إلى النقطة الأساسية فى الفساد الكبير الذى تسبب فى إفقار الشعب المصرى لتصل نسبة الفقر إلى 40٪ من أبنائه.. إن الاستثمار فى هذا النهب القانونى المنظم يعنى أن الثورة لم تصل بعد إلى الهدف الحقيقى لها وأخطر من ذلك أن يتم استبدال مستثمرى مبارك بمستثمرى النظام الجديد تحت مظلة الإخوان ولكن الموقف يتجه إلى المشاركة بين مستثمرى مبارك ومستثمرى الثورة!! فهل يمكن فى أى بلد فى العالم أن يحدث فيه ما يحدث لنا فى مصر؟ وهل الـ 42 مستثمراً يحصلون على أكثر مما يحصل عليه الشعب كله؟

إن العجز الخطير فى الخزانة العامة يدفع ثمنه الفقراء رغم ازدياد الأرباح غير المشروعة محليا ودوليا لهؤلاء المستثمرين، كما أن العالم كله يرفض دعم الطاقة أمام طاقة غير مدعومة فى كل أركان المعمورة.. إذا كان يتم معالجة العجز الخطير فى الخزانة العامة .. أما ما هو مطروح من زيادة ضرائب المبيعات فهى زيادة موجهة إلى المستهلك أى إلى فقراء مصر وإن زيادة السلع التى يتم إقرارها الآن موجهة إلى الطبقات الأدنى بعيدا عن طبقة الأمراء القدامى والجدد!! وقد وصل العجز إلى حالة خطيرة لم تشهدها مصر من قبل حتى وصل الاحتياطى النقدى من البنك المركزى إلى أقل منسوب وصل إليه من قبل.

وكل هذا يعنى أننا ندخل مرحلة خطيرة جدا لم تشهدها البلاد حتى فى ظل الهزائم والنكسات حيث وصل الأمر إلى أن هناك توقفا فى الصرف على علاج المواطنين وصحتهم والتعليم والبنية الأساسية سواء الطرق ومياه الشرب والصرف الصحى، أى أن البلاد تتجه إلى الجمود الاقتصادى والاجتماعى فى جميع المجالات مما يسبب خطورة شديدة على الوطن كله وأبنائه.

إن استمرار هذه الجريمة المنظمة فى نهب ثروات الشعب المصرى يعنى المزيد من التدهور الشديد اجتماعيا واقتصاديا.

وهناك الجانب الأضعف دائما وهو الطبقات الأدنى حيث تم زيادة أسعار الكهرباء عدة مرات سريا ودون إعلان فى محاولة لأن يدفع الفقراء فاتورة الأغنياء.

ولا يوجد مواطن فى مصر يعلم كم برميلاً ننتج من البترول وكم متراً مكعباً من الغاز؟ فقد أصبحت ثروات البلاد المملوكة للشعب سرية لا يعلم أحد شيئا عنها بسبب توجيه هذه الطاقة الهائلة إلى هؤلاء المستثمرين.

وعندما تتحرك مؤسسات الدولة الجديدة -المملوكة لها الآن الثروة- والثورة تتجه مباشرة إلى أدنى الطبقات فهل يعلم الشعب المصرى أننا خامس دولة فى العالم إنتاجا للغاز.

ونتعرض للتنكيل من أجل الحصول عليه حيث يستمتع مستثمرونا وإسرائيل بما نملك من هذه الثروة الهائلة.

ونملك أيضا تصدير ثلاثة أرباع مليون برميل يوميا وهو إنتاج كبير بالنسبة لدول العالم ورغم هذا كله لا يشعر المواطن بأن وطنه يملك ثروات هائلة مملوكة له ولكنه ملكية نظرية!!

إن استيلاء 42 مستثمراً على 80 مليار جنيه سنويا يجب أن يتوقف حالا بل يجب أيضا استرداد ما تم الاستيلاء عليه ومحاسبة ومحاكمة كل من استولى على ثروات البلاد بالبطش السياسى والأمنى سابقا وحاليا.

إنها أكبر سرقة فى العالم تمت لثروات المصريين جميعا إن السلعة، أى سلعة سوف تستثمر محليا أو عالميا فهى ذات سعر مقارب فكيف نشترى سلعة بهذا السعر وهى مدعومة؟ إننا نريد استرداد هذا الدعم وهو ليس بدعم ولكنها كانت ومازالت سرقة من شريحة عليا فى طبقات المجتمع.

إن الموافقة على شروط صندوق النقد من أجل 4.8 مليار دولار لا يجب أن تقدم الطبقات الفقيرة على طبق صندوق النقد.

بل يجب أن تتوجه إلى الحصول على ثرواتنا داخل الوطن بدلا من التوجه للحصول على قروض من خارجه.

إن الاستيراد المفتوح قد فتح فرص العمل للأجنبى فى بلده ودمر فرص العمل داخل وطننا وهذا يعنى أننا يجب أن نتبع أفكارآً جديدة لإنقاذ الوطن بدلا من عملية الاستبدال التى تتم الآن إلى شريحة أو المشاركين معا فى الاستغلال نفسه.

إننا نطالب بوقف هذا الدعم الحرام لصالح عدد من المستثمرين وإعادته إلى أصحابه من أبناء الوطن كله وهذا هو الحل الوحيد أمام معالجة الأزمة الخطيرة التى نعيشها الآن.

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات