رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تفاصيل مفاوضات تركيا وداعش للإفراج عن المتطرفين

داعش
داعش

كشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي عن أن تركيا أفرجت عن مئات من سجناء تنظيم "داعش" الإرهابي، الموجودين داخل سجونها، خلال العام ونصف العام الماضيين، وذلك عبر رصد كافة الأرقام التي أعلنها مختلف الشخصيات الرسمية داخل أنقرة.

الإفراج عن المئات من عناصر داعش

وقال عبدالحميد جول، وزير العدل التركي، ومسئول عن عدة سجون ومراكز احتجاز، في 24 أكتوبر الماضي، إن الرقم الأخير لسجناء داعش، سواء المدانين أو من كانوا رهن الاحتجاز للمحاكمة، بلغ 1163 شخصا، وذلك خلال مؤتمر صحفي في إحدى البلدات المحازية للحدود السورية، بينما أوضح، في فبراير 2018، أن هناك 1354 شخصًا من داعش مسجونين في تركيا، وهو ما يعني أن حوالي 200 سجين من داعش قد أطلق سراحهم منذ ذلك الحين.

وأكد الموقع السويدي أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن، في 10 أكتوبر الماضي، أن هناك حوالي 5500 من عناصر داعش داخل سجون بلاده، ونصفهم من الأجانب، وأن هناك 851 ينتظرون الترحيل إلى أراضيهم، فيما قال "نورديك مونيتور": "إذا كان هذا صحيحًا، فيعين أنه تم إطلاق سراح الآلاف من سجناء داعش في الفترة ما بين 10 و24 أكتوبر- وقت تصريح جول".

تناقض الأرقام التركية حول سجناء داعش

وأدلى المسئولون الأتراك ببيانات متناقضة مماثلة، خلال العام الماضي، وذلك خلال محاولاتهم مواجهة الانتقادات الدولية الشديدية ضد تركيا، ومساعدتها الجماعات المتطرفة، بما فيها "داعش"، إذ قال أردوغان، في خطاب له أمام "العدالة والتنمية"، بتاريخ 6 نوفمبر 2018، إن العدد الكلي لعناصر داعش في السجون بلغ ألفي شخصًا، بينما أكد بن علي يلدريم، رئيس الوزراء التركي السابق، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، في فبراير 2018، أن هناك 10 آلاف من مقاتلي داعش داخل السجون التركية، ورغم ذلك، في الشهر ذاته، قال وزير العدل حينها إن هناك 1354 شخصًا فقط.

وتابع "نورديك مونيتور": "لا يقتصر التباين التركي حول أرقام أعضاء داعش المسجونين فقط، بل ذكر أردوغان في خطابه أمام حزبه أن بلاده اعتقلت نحو 17 ألف مشتبها فيهم بالانتماء للتنظيم، منذ عام 2016، بينما قالت وكالة الأنباء الرسمية (الأناضول) في 29 أكتوبر الماضي، إنه تم اعتقال 13696 شخصًا في الفترة الزمنية ذاتها، ويبدو أن هذا الرقم استند إلى دراسة أو إحصاءات رسمية غير متاحة للمواطنين، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما المصادر التي يستخدمها كاتبو خطاب أردوغان بالنظر إلى الفرق الكبير في الأرقام؟".

أسباب تعمد تركيا حجب عدد مقاتلي داعش المدانين

وأوضح الموقع السويدي أنه في حال كان النظام التركي يضخم الأرقام لإقناع المواطنين بأنهم يحاربون الإرهاب، فمن الواضح أن 10% من المشتبه بهم أو المعتقلين من داعش هم المحتجزون حاليًا في السجن.

وقال: "التباين يعني أنه إما قوات الأمن التركية تحتجز عددا كبيرا من الأشخاص لكي يقال إنهم يشنون حربا في معركة قوية مع داعش، أو أن معظم المشتبه بهم من داعش يتم إطلاق سراحهم، وينتظرون محاكمتهم أو تبرئتهم، خاصةً أن قانون العقوبات التركي ينص على أن أدنى عقوبة هي خمس سنوات في حالة الإدانة بالانتماء لمنظمة إرهابية، ويبدو أن المحاكم تتصرف كباب متجدد للمتطرفين، مما يسمح لهم بالرحيل بعد الوقت الذي يقضونه في الاحتجاز الاحتياطي، الذي يكون قبل المحاكمة".

وأكد أن الحكومة التركية تتعمد حجب عدد مقاتلي داعش، الذين أدينوا بالفعل، نظرًا لأنه يمثل نسبة صغيرة، مشيرًا إلى أنه قبل مؤتمرات القمة الدولية أو زيارات أردوغان لأمريكا، تنشر وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة عددًا من القصص التي توضح كيفية قيام الشرطة بتنفيذ عمليات ضد داعش، وهو ما يحدث الآن قبل الزيارة المقرر أن يجريها أردوغان لواشنطن في 13 نوفمبر الجاري للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأشار الموقع السويدي إلى أن وزارة الداخلية التركية نشرت، في عام 2018، وبشكل شهري، عدد الأشخاص المحتجزين في عمليات مكافحة الإرهاب، فيما توقف بعدها، وتحديدا منذ 1 يناير الماضي، لأسباب غير معلنة.

العلاقات بين الاستخبارات التركية وداعش

وكشف عن أن هناك تباينا آخر في عدد مقاتلي "داعش" الذين تقول الحكومة التركية إنه تم تحييدهم في سوريا، إذ تقول الأناضول إن العدد لا يتجاوز 1018 شخصًا، وإن السلطات التركية غالبا ما تستخدم مصطلح "تحييد" في التصريحات للإيحاء بأن الإرهابيين المعنيين إما استسلموا أو قتلوا أو أسروا، ورغم ذلك، فإن خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، قال مرارا إنه تم تحييد أكثر من 3 آلاف من مقاتلي داعش شمال سوريا وحدها، منذ أن بدأت أنقرة عمليات عسكرية عبر الحدود في عام 2018.

وتابع "نورديك مونيتور": "قضية مقاتلي داعش الأجانب الذين أسرتهم تركيا مثيرة للجدل، إذ سمح مرسوم رئاسي معفي من التدقيق البرلماني أو الفصل القضائي لجهاز الاستخبارات الوطنية التركية (MİT) باستخدام السجناء غير الأتراك في صفقات التبادل أثناء العمليات الدولية في أعقاب حالة الطوارئ التي أعلن عنها نظام أردوغان عقب محاولة الانقلاب ضده في يوليو 2016، وذلك رغم إلغاء إحدى المحاكم في يناير 2016 اللائحة التي تسمح للجهاز باستخدام السجناء الأجانب تحت أي ظرف".

"تبادل أسرى" بين أنقرة والإرهابيين

وأكد أنه في عام 2014، تعرضت القنصلية التركية العامة في مدينة الموصل بالعراق لهجوم من قبل داعش، ضد 46 من الموظفين، بمن فيهم القنصل العام، وتم التعامل معهم كرهائن، واحتجز "داعش" المسئولين الأتراك لأكثر من 100 يوم، ويعتقد أن عددًا من سجناء داعش في تركيا قد تم تبادلهم مع الرهائن الأتراك، إذ قال أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء التركي آنذاك، إن إطلاق سراح المسئولين الأتراك كان نتيجة الأساليب الخاصة لوكالة الاستخبارات التركية، مشيرًا إلى أنه يمكن تفسير المرسوم الرئاسي لعام 2017 على أنه محاولة لإضفاء الشرعية على ما كان يفعله MIT بالتعامل مع داعش.

وقال الموقع السويدي إنه خلال اجتماع سري في مايو 2014، طلب داعش من الحكومة التركية إطلاق سراح مقاتليه من السجن وتسهيل سفرهم إلى سوريا في مقابل التخلص من الصعوبات التي واجهها الجيش التركي في إرسال بدائل وإمدادات لوجستية إلى حوالي 40 جنديًا تركيًا يحرسون ضريح سليمان شاه- جد عثمان الأول، مؤسس الإمبراطورية العثمانية- الموجود في الأراضي السورية، تحديدا على بعد نحو 30 كم من الحدود التركية.

وأشار إلى أن تركيا تفتقر للشفافية في الحرب ضد داعش، وهو ما يؤجج المخاوف من أن التنظيم الإرهابي قد يظهر بشكل أكبر مرة أخرى في المنطقة، خاصة بعد العملية العسكرية التركية التي أعقبت انسحاب القوات الأمريكية، وهروب عدد من سجناء داعش الذين كانوا يخضعون للحراسة من قبل القوات الكردية.