رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الاختبار الأول".. كيف يستفيد البدرى من مواجهتى كينيا وجزر القمر؟

البدرى
البدرى

فى ١٥ و١٩ نوفمبر المقبلين سيكون حسام البدرى، المدير الفنى لمنتخب مصر، مع أول اختبارين رسميين له عندما يصطدم بكل من كينيا بالقاهرة، ثم يحل ضيفًا على جزر القمر فى إطار التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا ٢٠٢١ بالكاميرون.

ومبكرًا، وقبل أن يستقر على اختياراته كاملة، بدأت الانقسامات والخلافات حول قائمة المحترفين التى أعلن عنها مؤخرًا بسبب وجود محمود عبدالمنعم «كهربا».

كيف يتعامل حسام البدرى مع هذه الانتقادات؟، وماذا يحتاج من المباراتين المقبلتين؟، وكيف يصوب خطايا المنتخب فى عهد أجيرى قبل فوات الأوان؟.. هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» فى هذا التقرير.


تفكيك مثلث السعيد والننى وحامد.. واستبدال طريقة أجيرى وكوبر قبل فوات الأوان
منذ اللحظة الأولى أكد حسام البدرى رغبته فى منتخب يجمع بين اللاعبين أصحاب الخبرات والتجارب مع عناصر جديدة وأخرى شابة واعدة من أجل تكوين جيل جديد يضم خليطًا وتنوعًا ويستطيع تحقيق الأهداف، سواء القريبة أو الاستراتيجية، ومؤكد أن هذا الفكر هو الصواب، وهو الطريق الأفضل لاستبدال جيل بآخر دون إحداث فجوة.
لكن «البدرى» سيصطدم بخطر كبير، إذا كان مؤمنًا بأن عناصر الخبرة الذين يراهن عليهم هم العمود الأساسى، وإذا كانت لديه النية فى أن يكونوا مشروعه مثلما راهن «أجيرى» عليهم ولم يستفد من درس هيكتور كوبر.
مؤكد أن المنتخب و«البدرى» فى حاجة لكل عناصر الخبرة، لكن بأدوار ثانوية مساعدة، فمن اليسير أن يبدأ بهم المشوار ويتفوق على منتخبات متواضعة مثل كينيا وجزر القمر، ويتوهم، مثلما توهم سابقوه، بأن الفريق الوطنى يسير على الطريق السليم، ثم يصطدم فى المحطات الجادة بمنتخبات قوية تكشف شيخوخة هؤلاء وعدم صلاحيتهم ليكونوا القوام الرئيسى للمنتخب.
لم يعد خفيًا على أحد أن منتخب مصر يمتلك متوسط ميدان شاخ، ويفتقد مقومات الوسط المعاصر فى كل المنتخبات التى تواجهنا، فلم تعد ثلاثية طارق حامد ومحمد الننى وعبدالله السعيد الأمثل.
ربما يكون أحدهم ضلعًا فى مثلث جديد يقود عملية تغيير وتطوير وسط ملعب الفراعنة، كى تستفيد العناصر الجديدة من أفكاره وخبراته ومواقفه فى هذه المباريات السهلة فى البداية، على أن ينتهى دوره بعد تلك المرحلة أيضًا، بينما سيكون تواجد أكثر من لاعب بينهم فى التشكيلة الأساسية خطرًا مستمرًا سنعانى بسببه، وسيكون الانتحار حاضرًا إذا ما أصر على الثلاثية ذاتها منذ بداية المباراة.
إذن سيكون أول تحديات حسام البدرى المطالب بتحقيقها من المواجهة الأولى أمام كينيا هو استبدال عقم وسط ملعب الفراعنة، وإطلاق مرحلة جديدة من شأنها التخلص من البطء الشديد الذى عشناه فى وجود تلك الثلاثية، وتحقيق النقل والطفرة من خلال عناصر قادرة على الابتكار وتقديم جهود أكبر.
فى بداية المشوار ربما يكون مقبولًا وجود طارق حامد كلاعب ارتكاز مع أى من عمرو السولية أو حمدى فتحى وليس محمد الننى، على أن يكون دخول محمد مجدى «أفشة» من البداية بدلًا من عبدالله السعيد أمرًا لا غنى عنه، وسنشرح لماذا «البدرى» فى حاجة لذلك.
مبدئيًا سيمثل دخول حمدى فتحى أو عمرو السولية طفرة فى الوسط لأمور عدة، على رأسها إجادتهما التقدم ولعب الأدوار الهجومية والتوغل من العمق واقتحام منطقة جزاء الخصم، وهى أمور يفتقدها بشدة محمد الننى الذى لا يقوم بأى أدوار سوى التسلم والبناء بين وأمام قلبى دفاع المنتخب.
يحتاج «البدرى» لابتكار فى الوسط وفى عملية البناء، فطارق حامد والننى ممران تقليديان لا يستطيع أى منهما إخراج الكرة سوى لأقرب لاعب، ولا يستطيعان كسر الخطوط بالكرات البينية الخاطفة.
سيكون مقبولًا فى البداية الاستعانة بطارق حامد للأمور الدفاعية ولمساندة العنصر الجديد الذى سيدخل معه، وسيكون حصن أمان له، وسيتيح له حرية الابتكار والتقدم ومساندة لاعبى الخط الأمامى. حمدى فتحى وعمرو السولية كلاهما نجح فى تقديم أدوار هجومية رائعة وكبيرة، سواءً مع «فايلر» أو حتى سابقه «لاسارتى»، وأثبتا للجميع أن لاعب الوسط التقليدى ولى عهده، وأننا فى حاجة ملحة للاعتماد على أمثالهما مثلما تلعب كل منتخبات إفريقيا الكبيرة، فلك أن تتخيل أن أفضل لاعب فى إفريقيا هو إسماعيل بن ناصر.
«بن ناصر» مهمته الأولى مفسد هجمات، فهو المحور الدفاعى للجزائر، ورغم ذلك فهو مهاجم وممرر وصانع ألعاب ومراوغ، لذا «مرحلة الننى- حامد» انتهت وقبول وجود أحدهما مؤقت ولحين تجهيز الثنائى «السولية» و«فتحى» مع «دونجا» وغيرهم من لاعبى الوسط المبتكرين فى الدورى المصرى.
هذا ما يجب أن يؤمن به «البدرى» من الآن، أن يحدث ثورة فى طريقة لعب الفراعنة بالوسط، وأن يؤمن بأننا لا بد أن نلعب كرة قدم عبر لاعبين قادرين على امتلاك قدرات متنوعة ما بين التحكم والاستحواذ والتمرير الطولى والتقدم بالكرة والمراوغة، نحن فى حاجة للاعب وسط شامل، لم تعد النمطية طريقة تناسب المرحلة، ولا منهجًا للكبار الساعين للألقاب والإنجازات.
أما عن مركز صانع اللعب المتقدم فى مركز العشرة والذى شغله على مدار السنوات الأخيرة عبدالله السعيد، فنحن أصبحنا فى حاجة لتسليمه لعنصر جديد يمتلك مقومات هذا المركز وقادر على تقديم الأدوار دون نقص، لذلك قلنا مجدى «أفشة» أولًا.
طبيعة مركز العشرة تتطلب جهدًا بدنيًا جبارًا، فاللاعب الذى يشغل هذا المركز مطالب بأن يكون المثلث لكل ثنائية فى الجهة اليمنى واليسرى، وثنائية الارتكاز، بالإضافة إلى ازدواجية أدوار ما بين الدفاع والهجوم.
تلك الفكرة تتطلب جهودًا بدنية كبيرة جدًا لم يعد عبدالله السعيد قادرًا على تقديمها بالشكل المثالى بفعل السن والزمن، ومثلما يقول ليونيل ميسى مع مرور الزمن الجسد لا يرحم، وهذا ما يجب أن يعيه حسام البدرى بدلًا من مواصلة العناد بالإصرار على «السعيد».
صانع ألعاب بيراميدز ربما يفلح فى مباراة سهلة وسيستعيد «البدرى» أسطوانة «لاعب ملوش بديل»، وربما يكون ورقة بديلة جيدة، لكن الارتكان عليه كعمود رئيسى فى هذا المركز طريق نهايته صدمة، وبدلًا من تكرار الخطايا، يمكننا الآن تجهيز «أفشة» فى مباراتين سهلتين يكتسب فيهما الخبرات، ثم يتطور مع الوقت دوليًا، حتى عندما نصل إلى اللقاءات القوية يكون جاهزًا لتلك المرحلة.
«أفشة» كان الورقة التى صنع بها «فايلر» الفارق مع الأهلى فى بداية استثنائية عرف من خلال صناعة المرونة الخططية، وتتحول طريقة اللعب داخل الملعب بفضله دائمًا، والآن يعيش أفضل فتراته، والصبر عليه أكثر من ذلك تضييع للوقت.

منح الثقة لـ«كهربا» والشحات لصناعة أوراق بديلة.. وتجريب بكار فى الجهة اليمنى
استبدال وسط مطلب الفراعنة سيصحبه تغيير جذرى فى الشكل والطريقة، وهذا أول التحديات التى يجب أن يسعى «البدرى» لتحقيقها، بينما ستكون ثانى المكاسب التى يمكن تحقيقها هى صناعة أوراق ودكة بدلاء قوية للغاية.
أولى الأوراق التى يمكن لـ«البدرى» تجهيزها من الآن هى حسين الشحات الذى يعيش فترات رائعة، وسيكون وجوده مع المنتخب فى الفترات المقبلة إضافة كبيرة، حيث عانت دكة بدلاء الفراعنة من غياب اللاعبين أصحاب الأدوار الهجومية القادرين على الابتكار وإعطاء الإضافة الكبيرة.
ومع تطور «الشحات» وصحوته الكبيرة، وفى ظل غياب رمضان صبحى عن مباراتى المنتخب بسبب مشاركته مع المنتخب الأوليمبى، فإن وجود «الشحات» وحصوله على عدد دقائق مناسب فى المباراتين المقبلتين مهم لإعداده للمرحلة المقبلة.
سيكون «الشحات» التبديلة الأولى لـ«البدرى»، والورقة الأكثر قوة على الدكة، ويمكن استخدامه بتحويل «صلاح» لمركز المهاجم والدفع به فى مركز الجناح، خاصة أن المنتخب يفتقد وجود مهاجم صريح جاهز للمرحلة المقبلة، فلا يزال مصطفى محمد صغيرًا ويحتاج لوقت طويل، كما أن «كوكا» ليس اختيار «البدرى» الأمثل ولا اللاعب الذى نعول عليه.
كما يمكن لـ«البدرى» استخدام «الشحات» فى الجهة اليمنى إذا تطلب الأمر ذلك، وسيكون بمقدور «الشحات» فى هاتين المباراتين أن يسجل مبكرًا ويكتسب الثقة كى يكون أحد أهم الأسلحة والأدوات التى ستعين المدرب فى المرحلة المقبلة.
وبين الأوراق البديلة أيضًا سيبرز محمود عبدالمنعم «كهربا»، فالمنتخب فى أمس الحاجة إليه، ومن الأمور العجيبة وجود اعتراضات كبيرة واستغراب من ضمه، رغم أن الحسابات الفنية تقول إن وجوده فى هاتين المباراتين لا غنى عنه. أولًا يلعب فى مركز الجناح الأيسر الذى يشغله «كهربا» بالتشكيل الأساسى محمود حسن «تريزيجيه» ورمضان صبحى بديله غير موجود لانشغاله مع المنتخب الأوليمبى، فمَن أهم من «كهربا» لشغل هذا المركز، سواء فى هذا التوقيت أو مستقبلًا؟
هل نضم أحمد مدبولى مثلًا؟، هل يرى أى مشجع مصرى أن هناك لاعبًا فى مركز الجناح يمكنه أن يكون أفضل من اختيار «كهربا» فى هذا التوقيت؟
كما أن «كهربا» بمرونته يستطيع اللعب فى مركز المهاجم الصريح، و«البدرى» يفكر بشكل استراتيجى وهو يضع «كهربا» أمام عينيه كإحدى أهم الركائز، ويعرف أن المستقبل سيكون فى حاجة إلى اللاعب.
بالإضافة لتلك المكاسب سيكون «البدرى» ساعيَا لحل أزمة الظهيرين، فالمنتخب المصرى عانى بالسنوات الأخيرة من غياب ظهير أيسر متكامل منذ تراجع وسقوط «عبدالشافى».
وفى الجهة اليمنى أحمد فتحى يستفيق فترات ويهدأ فى أخرى بفعل تقدم عمره، ومع مرور الوقت لن يكون متواجدًا حتى مونديال ٢٠٢٢، لذلك «البدرى» مطالب بالابتكار فى هذين المركزين واللجوء لاختيارات جديدة.
يرى حسام البدرى منذ فترة أن رجب بكار هو بديل جيد فى الجهة اليمنى لأحمد فتحى لذلك يمكنه تجريبه فى هاتين المباراتين السهلتين، وإن كانت استمراريته صعبة إذا ما قورن بعمر جابر ومحمد هانى فى الفترة المقبلة، لكنها فرصة لاختبار عناصر جدد.