رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يخسر ماسبيرو؟


مبنى الإذاعة والتليفزيون الكائن فى منطقة ماسبيرو ليس مجرد مبنى من الطوب والرمل والأسمنت بل هو قلعة الإعلام الذى تُبث منه أقدم إذاعة فى المنطقة وثانى أقدم إذاعة فى العالم وأيضا يُبث منه أول تليفزيون فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا،

بل هو منصة الصواريخ التى انطلقت منها أول قناة فضائية فى المنطقة وساهمت فى إنشاء القنوات الفضائية الخاصة المصرية وكذلك القنوات التليفزيونية والشبكات الإذاعية فى الوطن العربى والعالم الإسلامى بما فى ذلك قناة «الجزيرة» التى تبث سمومها على مصر الآن، وهنا أتذكر الإذاعى القدير أحمد سعيد أشهر من تولوا رئاسة إذاعة صوت العرب فى فترة الحلم القومى فى عهد الزعيم جمال عبدالناصر قال لى الأستاذ سعيد إنه هو الذى أنشأ إذاعة وتليفزيون ماليزيا بتكليف من منظمة المؤتمر الإسلامى عام 1985 وكثير من عمالقة الإعلام المصرى أبناء مبنى ماسبيرو أنشأوا المؤسسات الإعلامية العربية والإسلامية، حتى اليوم وماسبيرو يعيش أضعف أوقاته فإنه مازال الجامعة التى يتخرج منها معظم العاملين فى القنوات الفضائية الخاصة ويحملون هذه القنوات على أكتافهم ويحققون لها الانتشار والنجاح بداية من عمال الإضاءة حتى مقدمى البرامج الجماهيرية الكبيرة، والسؤال المهم الآن هو كيف يخسر ماسبيرو؟ هذا المبنى العملاق الذى يضم عشرات الشبكات الإذاعية والقنوات الفضائية والمحلية ومجلة أسبوعية ووكالة إعلان وعشرات الاستوديوهات ومعهداً للإذاعة والتليفزيون وقطاعات للإنتاج الدرامى والسينمائى وهو بحكم القانون صاحب إشارة البث ونقل الأحداث الجارية داخل الجمهورية ولديه إمكانيات بشرية وهندسية وتقنية هائلة، إذن كيف يخسر فى حين أن من يملك قناة فضائية خاصة أو شركة إنتاج إعلامى يحقق أرباحا كثيرة؟ صحيح أن الإعلام الرسمى غير هادف للربح لأنه يقدم خدمة عامة وميزانيته من الدولة، ولكن هذا لا يمنع من أن يحقق أرباحا لكى يطور من نفسه ويتحمل نفقاته حتى لا يضطر للاقتراض أو بيع أصوله وكان الأمر كذلك قبل انتشار الفضائيات حيث كان يحتكر سوق الإعلانات، أعتقد أن السبب الرئيسى هو الإدارة فالنجاح والفشل مرهونان بالإدارة.

وقيادات ماسبيرو الآن معظمها جديدة الوزيرة ورئيس الاتحاد ورؤساء القطاعات لابد أن يكون هناك فكر مختلف شكلاً ومضموناً لإدارة هذا المبنى العملاق والاستفادة بإمكانياته الهائلة وأبنائه سواء العاملون فيه أو طيوره المهاجرة، بحيث يقدم خدمة إعلامية متميزة ويحقق أرباحا وأنا أتصور أنه يجب على ماسبيرو أن يقدم للمُعلن عرضا مخفضا يشمل الإعلان على كل قنواته التليفزيونية الإذاعية الفضائية والمحلية ومجلته الأسبوعية، وأن يقوم بعمل دورات بمقابل مادى للراغبين فى العمل الإعلامى، صحيح أن المبنى به ما يقرب من 43 ألف عامل 20% منهم فقط يقوم بعمل حقيقى والـ 80% معظمهم يوجد فى المبنى فقط للحصول على مستحقاتهم المالية ولكن من غير المنطقى أن يتساوى الجميع فى الحقوق والواجبات، من مصلحة مصر أن يظل مبنى ماسبيرو شامخا وأمام المسئولين فيه فرصة ذهبية فمصر فى مرحلة انتقالية والنظام الحاكم فيها مؤقت ولا يريد الاستمرار فى الحكم وبالتالى لا يريد إعلاما ينافقه بل يريده للصالح العام، كما أنه لا يوجد فى مصر أغلبية ومعارضة بل دولة تحارب الإرهاب أى أننا أمام دولة ولا دولة فلا مجال للحياد وعرض وجهة النظر الأخرى.

■ مذيع بإذاعة الشرق الأوسط