رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

‬لينا مظلوم تكتب: التجربة ‬الإعلامية ‬على ‬موجة ‬الرأى ‬العام

‬لينا مظلوم
‬لينا مظلوم

خلال ‬لقاء ‬جمع ‬الرئيس ‬السيسى ‬بالمثقفين ‬والإعلاميين ‬حرص ‬على إيصال ‬معنى ‬مهم ‬فى ‬تأكيده: «‬لن ‬أحاكم ‬الإعلام..‬ سأترك ‬التجربة ‬تضبط ‬الموضوع‮»، ‬الإشارة ‬هنا ‬واضحة ‬ومباشرة.. ‬حرص ‬الرئيس ‬على ‬استقلالية ‬الإعلام ‬التى ‬ننشدها- ‬رغم ‬كل ‬المآخذ ‬على ‬المهنة- ‬ثم ‬منح ‬الإعلام ‬فرصة ‬التنظيم ‬الذاتى.
‬فى ‬ذات ‬السياق ‬ترتبط ‬جملة ‬وردت ‬ضمن ‬خطاب ‬الرئيس ‬خلال ‬وضع ‬حجر ‬الأساس ‬لتطوير ‬قناة ‬السويس، ‬أعاد ‬تكرارها ‬فى ‬مداخلة ‬أجراها ‬مع ‬أحد مقدمى ‬البرامج، ‬مستعرضًا ‬الواقع ‬الإعلامى ‬الذى ‬ساد، ‬سواء ‬فى ‬عهد ‬الرئيس ‬عبد‬الناصر ‬أو عامى ‬١٩٦٧ ‬و‬١٩٧٣، ‬حين ‬شهد تضافر ‬الإعلام ‬تحت ‬لواء ‬رؤية ‬وطنية ‬فرضها ‬الحدث ‬و‬التوقيت، ‬مقارنة ‬بالصورة ‬الإعلامية ‬بعد ‬٢٠١١.. ‬المعنى ‬هنا ‬دعوة ‬الإعلام ‬للاصطفاف ‬ضد ‬قضايا ‬تبلغ ‬حد ‬تهديدها ‬مصير ‬الوطن، ‬المعنى قطعًا ‬لا ‬يحتمل أى ‬التباس ‬أو ‬إشارة ‬إلى ‬سيادة ‬رأى ‬واحد ‬فى ‬الإعلام.. ‬مثل ‬هذا ‬الإفك ‬الرخيص ‬تتدنى ‬إلى ‬مستواه ‬فقط ‬قنوات ‬‮«‬الإخوان ‬كوميدى‬‮»‬ ‬فى ‬سلسلة ‬أكاذيب ‬وتلفيقات ‬أصبحت ‬مثارًا ‬للسخرية.‬
‬أزمات ‬الإعلام، ‬سواء ‬القنوات ‬الرسمية ‬أو ‬الخاصة، ‬معروفة.. ‬تعرض ‬لها ‬بالتحليل ‬مختصون ‬وكبار ‬أساتذة ‬الإعلام، ‬سواء ‬المطالبة ‬بالتوسع ‬فى ‬الاعتماد ‬على ‬الكفاءات ‬المهنية، أو ‬إعادة ‬الحياة ‬إلى ‬مهنة ‬الإعداد ‬بدلًا ‬من ‬الاعتماد ‬على ‬قائمة ‬أسماء ‬واحدة ‬يتداولها ‬العاملون ‬فى ‬الفضائيات ‬نتيجة ‬آفات ‬‮«‬التكاسل‮»،‬ ‬ما ‬فرض ‬نمطية ‬فى ‬آراء ‬تتكرر ‬بين ‬ماسبيرو ‬ومدينة ‬الإنتاج ‬الإعلامى.. ‬من ‬المؤسف ‬اقتصار ‬أهم ‬أركان ‬الإعلام-‬ ‬الإعداد- ‬على ‬تداول ‬نفس ‬الأسماء ‬دون ‬بذل ‬عناء ‬البحث ‬عن ‬مصادر ‬تُثرى ‬الموضوع ‬بآراء ‬متنوعة، ‬ما ‬يسهم ‬فى ‬توسيع ‬الحرية ‬والاختلاف ‬والشفافية ‬فى ‬تداول ‬المعلومات.. ‬إلى ‬غيرها ‬من ‬‮«‬الأسلحة‮»‬ ‬التى ‬تكشف ‬للمشاهد ‬قنوات ‬ثبت ‬بالأدلة ‬اختراقها ‬من ‬جماعات ‬إرهابية ‬أو ‬أجهزة ‬مخابرات ‬صوّر ‬لها ‬الوهم ‬إمكانية ‬المساس ‬بالنسيج ‬المصرى ‬الواحد.‬
‬المطالبة ‬بعلاج ‬أمراض ‬المهنة ‬تفرض ‬من ‬جانب ‬آخر ‬الإشادة ‬بحالة ‬إيجابية ‬أثبتت ‬مؤخرًا ‬نجاح ‬الإعلام ‬فى ‬عدة ‬مسارات.. ‬أولًا: ‬اقتناص ‬حالة ‬تنامى ‬الثقة ‬لدى ‬الشارع بأن ‬الحواجز ‬التى ‬كانت ‬تحول ‬دون ‬وصول ‬صوته ‬إلى ‬مؤسسة ‬الرئاسة ‬قد ‬تقلصت.. ‬نجح ‬الإعلام ‬فى ‬الوصول ‬إلى ‬شرائح ‬اختارت ‬سابقًا ‬الوقوف فى ‬المنطقة ‬الرمادية ‬أو ‬مخاطبة ‬وسائل ‬إعلام ‬خارج ‬مصر.. ‬ثانيًا: ‬اخترقت ‬البرامج- ‬تحديدًا ‬التوك ‬شو- ‬حاجز ‬الرتابة، ‬عبر ‬دعم ‬خطابها ‬بالوثائق ‬والأدلة ‬ومقاطع ‬الفيديو، ‬بعدما ‬ثبت ‬فشل ‬نمط ‬‮«‬المكلمة‮»‬ ‬اليومية، ‬وانصراف ‬المشاهد ‬عن ‬متابعتها.. ‬تحفظ ‬البعض ‬على ‬شكل ‬تقديم ‬هذه ‬الحقائق ‬افتقد ‬الموضوعية.. ‬هى ‬فى ‬النهاية ‬حرب ‬بكل ‬القواعد ‬التى ‬تفرضها، ‬إذا ‬كان ‬طرف ‬يستخدم ‬كل ‬الأكاذيب ‬القذرة ‬ظنًا ‬منه ‬بقدرته ‬على ‬هدم ‬مصر! ‬لا ‬يوجد ‬فى ‬ضوابط ‬مهنة ‬الإعلام ‬ما ‬يجرّم ‬استخدام ‬الطرف ‬الآخر ‬أُطرًا ‬مختلفة ‬طالما ‬التزمت ‬بالهدف ‬الرئيسى ‬للإعلام؛ ‬كشف ‬الحقائق ‬بالأدلة، ‬تحديدًا ‬أمام ‬تحديات ‬الإعلام ‬الحديث ‬الذى ‬أصبح ‬كل ‬شىء ‬فيه ‬عُرضة ‬للتكذيب ‬والاستقصاء.. ‬‮«‬نعيق ‬البوم‮»‬ ‬عن ‬وجود ‬طرف ‬خلف ‬حالة ‬الاستنفار ‬الإعلامى ‬المهنية ‬والموضوعية- ‬فالدافع ‬الوطنى ‬فى ‬مذهبهم ‬رجس ‬من ‬عمل ‬الشيطان ‬يدل ‬على ‬قمة ‬اليأس ‬والفشل.. ‬إذ ‬التزم ‬تاريخ ‬الإعلام ‬فى ‬أعرق ‬ديمقراطيات ‬العالم بالالتفاف ‬حول ‬أزمات ‬بلاده.. ‬الإعلام ‬ليس ‬بحاجة ‬إلى ‬غزل ‬أو محاولات ‬هدم، ‬خصوصًا ‬وهو ‬يعيش ‬حالة ‬اعتمدت ‬الوعى ‬والنهج المهنى، ‬ننتظر ‬منها ‬الصواب ‬والخطأ، ‬طالما ‬هو ‬فى ‬حالة ‬عمل ‬متواصل.. ‬المطلوب ‬فقط ‬إعطاء ‬مساحة ‬أكبر ‬للإعلام ‬وحرية ‬تداول ‬المعلومات ‬بعد ‬عرض ‬الحقائق ‬الموثقة ‬للرأى ‬العام.‬
‬نقيب ‬الصحفيين، ‬ورئيس ‬هيئة ‬الاستعلامات، ‬ضياء ‬رشوان، ‬كان ‬محقًا ‬فى ‬انفعاله ‬على ‬الهواء ‬فى ‬أحد ‬البرامج، ‬منبهًا: ‬‮«‬إننا ‬كإعلام ‬لا ‬يمكن ‬أن ‬نترك ‬الدولة ‬فى ‬مواجهة ‬صايع‮»‬.. ‬«رشوان» ‬بحكم ‬رئاسته ‬هيئة ‬تملك ‬عدة ‬مسارات ‬للرد ‬يبذل ‬جهدًا ‬ملحوظًا، ‬لكن ‬خطة ‬عمل ‬الهيئة ‬بحاجة ‬إلى ‬استحداث ‬آليات- ‬تحديدًا ‬فى ‬هذا ‬التوقيت- ‬فبقدر ‬أهمية ‬تكثيف ‬المؤتمرات ‬الصحفية ‬للمراسلين ‬الأجانب ‬و‬العرب، ‬تبقى ‬المهمة ‬الأكثر ‬فاعلية ‬للهيئة ‬فى ‬توضيح ‬الحقائق ‬للرأى ‬العام ‬الدولى، ‬وتوسيع ‬أفق ‬تعاملها ‬معه، ‬عبر ‬إرسال ‬أبرز ‬الكتابات ‬التى ‬تفنّد ‬مغالطات ‬الإعلام ‬الغربى، ‬المرئى ‬والمقروء، ‬وإرسالها ‬إلى ‬جهة ‬النشر ‬عملًا ‬بمبدأ ‬حق ‬الرد.. ‬نماذج ‬لآراء ‬مستقلة ‬تدحض ‬المغالطات ‬بالرد ‬الموضوعى.. ‬حتى ‬إن ‬كان ‬الدور ‬ليس ‬ضمن ‬مهام ‬الهيئة، ‬فالأجدى ‬أن ‬يتم ‬استحداث ‬خلق ‬جسور ‬تواصل ‬تنقل ‬صوت ‬الحقيقة ‬إلى ‬العالم.. ‬السقطات ‬المهنية- ‬للأسف- ‬لم ‬تعد ‬تقتصر ‬على ‬الإعلام ‬الغربى.. ‬بل ‬طالت ‬بعض ‬المواقع ‬الإخبارية ‬العربية، ‬التى ‬كانت ‬تتسم ‬بالمهنية، ‬أبرزها ‬موقع ‬‮«‬إيلاف‮»‬، ‬الذى ‬انضم ‬مؤخرًا ‬إلى ‬قطيع ‬‮«‬دس ‬السم ‬فى ‬العسل‮»‬ ‬عبر ‬تقاريره ‬اليومية ‬من ‬القاهرة.. ‬هذه ‬السقطات ‬و‬المغالطات ‬تعتمد ‬على ‬‮«‬التنظير‮»‬ ‬بدلًا ‬من ‬استقصاء ‬الحقائق ‬المنطقية ‬وافتقادها ‬‬أى ‬طرح ‬يستند ‬إلى ‬أرض ‬الواقع، ‬أو ‬التعبير ‬الحقيقى ‬عن ‬طبيعة ‬وموقع ‬الحدث.. ‬فى ‬المقابل، ‬تواصل ‬الكتّاب ‬والإعلاميين ‬مع ‬هذه ‬المنابر ‬الإعلامية ‬سبق ‬أن ‬قوبل ‬من ‬طرفها ‬بالتجاهل ‬لمبدأ ‬حق ‬الرد ‬على ‬ما ‬يرد ‬فيها ‬من ‬آراء ‬أو ‬ما ‬تزعم ‬أنه ‬معلومات.. ‬الهيئة ‬بحكم ‬موقعها ‬الرسمى ‬تستطيع ‬كسر ‬هذا ‬الحاجز ‬الذى ‬يعوق ‬وصول ‬الحقائق ‬عبر ‬آراء ‬موضوعية ‬مختلفة، ‬عبر ‬فرض ‬التعامل ‬بمبادئ ‬المهنة ‬العامة على ‬هذه ‬المنابر.‬