رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علي المقري لـ"الدستور": "حُرمة" ظُلمت كثيرًا في قراءتها

جريدة الدستور

علي المقري روائي يمني مقيم في فرنسا، وتم اختيارها روايتيه "طعم أسود.. رائحة سوداء" و"اليهودي الحالي" ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) في دورتي الجائزة 2009 و2011، كما حازت رواية "حرمة" بترجمتها الفرنسية على جائزة التنويه الخاص من جائزة معهد العالم العربي للرواية ومؤسسة جان لوك لاغاردير في باريس 2015 واختيرت رواية "بخور عدني" في القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد 2015.

"الدستور" تواصلت مع الروائي علي المقري يتحدث عن مشواره مع الكتابة، والكتب التي لها تأثير عليه.. وإلى نص الحوار:

- كتبت القصة والمقال والرواية.. إلى أي الفنون يميل المُقري.. وكيف يحافظ على التوازن ما بين الأجناس الأدبية المختلفة التي يكتب فيها؟
-أظن أن كل مجال له طريقته أو فنه الخاص الذي يستدعي الاشتغال عليه وقتما أراد الكاتب، فقد بدأت حياتي في عالم الكتابة بكتابة القصة والمقالة الصحفية، والنصوص النثرية العابرة للنوع أو غير المنمطة، ثم انحرفت نحو الرواية التي أخذت وتأخذ كل وقتي من قراءة وبحث وكتابة.

- عشت في بيئة محافظة.. فمن أين اكتشفت هذه الجرأة في طرح آرائك وأفكارك بكل ثقة؟
- لا أظن أن توصيف البيئة المحافظة دقيق بالنسبة للمجتمعات العربية والإسلامية؛ إذ يمكن القول إن هذه المجتمعات تعيش في ظل سلطات شمولية قمعية تحدد، عبر المؤسسات الدينية التابعة لها، كل شيء من معايير النشاط السياسي إلى تحديد السلوك لأخلاقي الشخصي للفرد، ويتنافى مع الواقع الاجتماعي المتأجج والمتنوع بمصادره الثقافية، فهناك من يتبع هذه التعاليم الأخلاقية السلطوية وهناك من يخرج عنها ويمقتها، ولو ذهبنا إلى أي مقهى عربي واستمعنا إلى أحاديث روّاده لعرفنا أن القول بالمجتمع المحافظ عبارة عن كذبة تشيعها المؤسسات المحافظة القمعية. لهذا فإن الأدب حين يمتحن اشكالياته الإنسانية لا يتقيّد بهذه الأقوال الزائفة التي تحول دون اشتغاله الحرّ.

- متى اكتشفت موهبة الكتابة لديك ومن كان له الفضل في إخراجها إلى النور؟
- كان ذلك في عمر المراهقة، إذ أرسلت بنص نثري إلى برنامج إذاعي كان يقدمه عبدالكريم المرتضى فبثه ولقي الاحتفاء منه، وبعدها اتسعت قراءاتي الأدبية التي أخذتني إلى عوالم لا حدود لها.
- من الكاتب الذي كان بمثابة الشعلة لك إلى عالم الأدب بكل هذا الإصرار؟
- تأثرت في البداية بكتب الحكايات الشعبية كسيرة الملك سيف بن ذي يزن ومؤلفات جبران خليل جبران، ثم بعد ذلك اتسعت قراءتي في عالم الرواية والشعر.

- كيف ترى علاقة المثقف بالسلطة؟
- أنا عادة أفرّق بين مفهوم المثقف والأديب، فالمشتغلين بالسياسة أو في السلطة قد تكون لهم ثقافتهم أيضًا، وهناك سلطويين وجلاّدون وقتلة يتمتعون بثقافة عالية أيضًا ولكن الأديب، الذي هو بالتأكيد من المثقفين، أظن أن من المهم أن تكون هناك مسافة بينه وبين السلطة، أي سلطة، حتى يستطيع أن يمتحن إشكالياته، أو يقرأها ويتفحصها، بكل حرّية.

- أعمال روائية كثيرة كتبتها لماذا تستهدف المرأة ومعاناتها.. هل لأنك ترى المرأة تتعرض للظلم في المجتمع العربي؟
- أظن أن روايتي "حُرمة" ظُلمت كثيرًا في قراءتها، كما تظلم المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية، وإذ أنني أظن أنني حاولت في هذه الرواية اختبار إشكاليات وجودية لا تتعلّق بالمرأة وحدها، وإنما بالإنسان عامة، ومن ذلك إمكانية تحقق رغبات أي فرد في مجتمع صارت له الكثير من الأنماط السلوكية الأخلاقية التي تحوّلت إلى واجبات وقوانين تُحدد كل مسارات الحياة.

- قيل إن المُقري يضع جزءا من سيرته الذاتية في نصوصه.. كيف يرى المُقري هذا الأمر؟
- لا أظن أن هذا القول صحيح في مجمله، مع أنني موجود في كل كتبي.

-اشتهرت رواية "حُرْمَة" وقرأت في معظم البلدان العربية.. إلام ترجع السبب خصوصا إنك رصدت حالة المرأة اليمنية.. ولماذا حرمه بالذات؟
- لا أعرف إذا كانت الرواية ما زالت تقرأ على هذا النحو، إذ لم يعد الناشر يطبعها بعد أن صارت ممنوعة، وأظن أن اقتراب رواية "حُرمة" من اختبار علاقة التطرف بالسلطة، عبر شخصية رجل الدين المتطرف والمكبوت، القامع والمقموع، هو ما أدى إلى قراءتها على نحو واسع، ومن ثم منعها في معظم البلدان العربية.

-هل تخطط لرواية أخرى عن المرأة اليمنية بعد نجاح رواية "حُرْمَة"؟
- كما قلتُ لم تكن المرأة اليمنية وحدها هي من شغلت بالي في هذه الرواية، فلماذا لا تقرأ، مثلًا، إشكاليات التطرف والكبت فيها، وعلاقة ذلك بالسلطات القمعية.

-كيف يرى المُقري الجوائز في العالم العربي؟
- ظاهرة جيدة أدت إلى تحفيز الكثيرين على مواصلة الكتابة بالرغم من كل المآخذ والانتقادات.

- كتبت الشعر صغيرا.. وتأثرت في القصة شعريا.. هل ترى أن تأثرك صغيرا بكتابة الشعر أفضى إلى كتابة القصص بروح الشعر؟
- الشعر، في كثير من هواجسه، لغة مكثفة ورمزية، وقليلون هم الذين استطاعوا أن يحوّلوا لغته إلى مفردات يومية معاشة؛ فيما السرد القصصي أو الروائي يغوص في التفاصيل ويفكك سلطة اللغة الايحائية والرمزية، وإن استخدمها أو استفاد منها.

- مما يلهمك كي تكتب.. أشخاص، مدن، أحداث.. أم ثورتك الداخلية؟
- الأسئلة القلقة والمتأملة، لماذا ولماذا ولماذا، هي من تأخذني إلى عالم الكتابة.