رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سلاحها الكارت الذكي.. هل تقضي منظومة الزراعة الجديدة على مافيا الأسمدة؟

الأسمدة
الأسمدة

ترك تعليمه من أجل تحمل مسئولية أسرته عقب وفاة والده، محمد يونس أحمد، 26 عامًا، لم يجد أمامه طريقًا إلا استئجار قطعة أرض لزراعتها لتوفير نفقات الأسرة، لعدم إتقانه أي حرفة سوى الزراعة، فآثر العمل بها.

بات يترقب أي قرارات تخرج بها وزارة الزراعة، من أجل تفعيل منظومة جديدة تعطي الحق للمستأجرين والزارعين للحصول على الأسمدة والكيماويات، باعتبارهم الجزء الأكبر في منظومة الزراعة، إلا أن ذلك لم يحدث ووقع ضحية لأباطرة السوق السوداء للمستلزمات الزراعية.

يقول الشاب إن المستأجر أو المزارع، ضحايا لقرارات رفع الأسعار، حيث إن الفلاح الذي يمتلك أرضًا زراعية، لم يقع عليه الضرر بشكل كبير، خاصة أنه يحصل على حصة الأسمدة والأدوية من الجمعية الزراعية، بموجب حيازته الزراعية، ويقوم ببيعها في السوق حال قيامه بتأجير أرضه لآخر، فيكون المستأجر مطالبًا بشرائها من السوق بأسعار مرتفعة، وأحيانًا يضطر لشرائها من السوق السوداء عقب قيام التجار بحجبها حال سماعهم بنية رفع الأسعار.

يضيف محمد: "استأجرت فدانين من الأرض، ووعدني صاحبهما بالحصول على حصة الأسمدة من الجمعية مقابل سداد ثمنها له بدلًا من شرائها بضعف الأسعار من السوق، لكنني فوجئت بأنه لم ينفذ وعده وباع الأسمدة لأحد التجار بضعف السعر، رغم أنه غير مصرح ببيعها"، حسب وصفه.

أوضحت خطة وزارة الزراعة، تفعيل الحيازة الإلكترونية للفلاحين "الكارت الذكي"، والإعلان عن الانتهاء توزيع 2 مليون استمارة من إجمالي 5 ملايين للفلاحين، ستحدد حجم ومساحات الأراضي المزروعة، وتحديد حجم المحصول وأصنافه قبل حصده.

وأعلنت أن الكارت الذكي للفلاحين، سيوقف التلاعب بالأسمدة والمبيدات بالسوق السوداء، التي يتم صرفها من خلال الحيازات الوهمية للأراضي، كما أن الحيازة الإلكترونية ستعمل على تحديد ملاك الأراضي والمستأجرين والعاملين بها، مؤكدًا أن الكارت الذكي يُعد بداية مبشرة لدعم الفلاحين، وذلك لإحكام الرقابة والإدارة في الجمعيات والمديريات الزراعية، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات عريضة للفلاحين.

"بجيب أسمدة سعرها أكثر من سعر المحصول اللي بيطلع آخر الموسم"، يقولها بهاء علي، 48 عامًا، والذي يقوم بزراعة 6 أفدنة عند أحد الفلاحين، وفي نهاية كل موسم يحصل على نصفه، قائلًا: "الأرض بتاخد مني وقت كتير، فضّلت زراعة الأرض بالنصف بيني وبين صاحبها، وأتحمل نصف تكلفة الإنتاج".

يضيف: "لكنني أضطر لشراء ما يخصني من حصة الأسمدة من السوق، وفي المقابل يحصل عليها صاحب الأرض من الجمعية الزراعية لحيازته، لكنه يولي اهتمامًا بأرضه التي يزرعها وحده، لذلك يرفض إعطائي من حصة الجمعية الزراعية، فالمحاصيل تأخذ أسمدة كثيرة، ولذلك أضطر لشرائها من المحلات التجارية وبأسعار مرتفعة".

يتابع بهاء: "ذهبت ذات يوم لشراء عدد من شكائر السماد، لكني فوجئت بقيام التجار ببيعها بأسعار مرتفعة، ما اضطرني لاستلاف الكمية من أحد جيراني على أن أقوم بردها وقت الإعلان عن الأسعار الجديدة وشرائها".

يطالب بأن يكون هناك تحرك لإنقاذ المزارعين والمستأجرين، وأن تُعد منظومة تشملهم عن طريق حصر الزراعات على الطبيعة بداية كل موسم ومعرفة من يقوم بزرعها، لأن هناك بعض أصحاب الحيازات من يحصلون على كميات الأسمدة ويبيعونها في الخارج لأنهم يقومون بتأجير أراضيهم الزراعية.

يقول مجدي الشراكي، رئيس الجمعية العامة للإصلاح في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إنه يتم توزيع الأسمدة الزراعية على المزارع وليس من يملك حيازة، مشيرًا إلى أن هناك جمعيات تصرف الأسمدة للمالك وليس الزارع، وهذا ما يتسبب في وجود ما يسمي بالسوق السوداء.

يضيف لـ"الدستور"، أن معظم أصحاب الحيازات يؤجرون الأرض الخاصة بهم لمزارعين، ولكن يتم صرف الكميات لهم، مما يجعلهم يبيعونها بالخارج بأسعار مرتفعة، وأن الضحية يكون هو المستأجر لأنه يضطر لشرائها من المحلات بأسعار مرتفعة.

النميري هلال، مدير جمعية زراعية بمحافظة كفر الشيخ، يوضح أن المستأجر يحصل علي الحصة الموزعة من الأسمدة الزراعية، حال قيامة بتقديم عقد إيجار بينه وبين المالك، يدل علي أنه مستأجر بالفعل، حيث يكون العقد موثقًا من الشهر العقاري حتي يستطيع أخذ الحصة الزراعية، والتي تُوضع بمعاير قياسية معيّنة.

أما بالنسبة للمزارع يقول "هلال" لـ"الدستور" تكون معاينة على الطبيعة، حيث يعمل على حصر الأراضي الزراعية في أول كل موسم؛ وذلك للوقوف على مدى التزام المالك والمزارع، وحتى يتبين من هو الذي يقوم بزراعة الأرض، ثم بعد المعاينة يتم توزيع الأسمدة على الأرض المقامة أيًا كان المالك أو المزارع من يقوم بالعمل فيها.

الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة، يقول إن الوزارة تسعى لبناء قاعدة متكاملة، وذلك عن طريق تحويل الحيازة الورقية إلى كارت ممغنط يحمل كل بيانات الحيازة الورقية، ويستطيع المزارعون من خلاله الحصول على كلمستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات تقاوي للفلاح أو غيرها من التي تقررها الدولة لهم.

يضيف: "بجانب الحصول على الدعم المادي أو أي مستحقات مالية مقابل توريد المحاصيل التي يتم زراعتها، ووقف التلاعب بكميات الأسمدة حال ارتباط المنظومة بتوزيع كميات السماد لكل حيازة زراعية، وصرف الأسمدة والوقود للميكنة الزراعية، والمساعدة في رسم السياسة الزراعية، وتحديد الإنتاج وحصر الحيازات الزراعية على مستوى الجمهورية".