رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العمال والفلاحون ... وحملة رن جرس الباب واجرى


أيها المغرر بكم: الدين المعاملة ومن يشق على جاره يشقق الله عليه يوم القيامة ومن ييسر على مسلم حاجته يسر الله عليه يوم القيامة. هداكم الله وعفا عنكم وردكم إلينا سالمين قبل أن ترتكب أياديكم المزيد من الآثام.

فى ظل الاشتراكية الثورية وضعت ثورة 23 يوليو 1952 نظام مشاركة العمال والفلاحين بنسبة لا تقل عن 50% فى البرلمان والمجالس التشريعية مثل مجلس الشورى الذى أعاده الرئيس السادات وبالتالى فكلمة 50% على الأقل تعنى ضمنيا أنه يمكن أن تصل إلى 100% ويكون ممثلو الشعب بمختلف فئاته وقطاعاته من العمال والفلاحين فقط وهذا فيه إجحاف بالفئات الأخرى. وفى الوقت نفسه نجد أن الدستور الذى ينص صراحة أن جميع المواطنين المصريين متساوون فى الحقوق والواجبات يكون هو نفسه الذى يخرق هذ النص فينص على تمييز الفلاحين والعمال فى انتخابات المجالس النيابية. البعض يقول وماذا فى ذلك فهم الأكثر إخلاصا فى العمل فى مصر؟! نقول إن الحياة تعاون فالفلاح والعامل يذهب إلى الطبيب لكى يتعالج ويرسل أبناءه إلى المدرسة والجامعة للتعليم ويستعين بمهندس الرى لتوفير المياه فى الترع وبالمهندس الزراعى لإرشاده عن أساليب الزراعة العلمية فهل يستطيع أن يستغنى عن كل هؤلاء ويمثلهم وحده؟؟! فأمر تخصيص نسبة معينة للعامل والفلاح وهم أحد فئات قوى الشعب العاملة تعنى أيضا تخصيص نسبة للأطباء وأخرى للمعلمين وثالثة للمدرسين ورابعة للمهندسين وأساتذة الجامعة وصولا حتى عمال النظافة وإخصائيى البيئة والمياه طالما أن التمييز بناء على صفة العمل وبذلك نضمن تمثيلا لكل فئات الشعب العاملة. هذا الأمر لن يتوقف عند هذا الحد بل سيأخذنا بعد ذلك إلى الفئات المهمشة بتخصيص نسبة إلى أشقائنا المسيحيين، ثم تنادى المرأة التى هى نصف المجتمع بأن يكون لها الحق فى نصف عدد أعضاء البرلمان لأنها تمثل نصف المجتمع وعماد البيت المصرى وبذلك يستمر باباً مفتوحاً ولا يغلق يصر عليه أصحاب الصوت العالى ممن هم مستفيدون من نسبة العمال والفلاحين والذين يرتدون جلابية الفلاح وعباءته بعد خروجهم إلى المعاش ليظهروا فى الفضائيات على كونهم فلاحين وهم يحملون مؤهلات شبه جامعية ومن ذوى الأملاك ولا يدرون شيئا عن معاناة الفلاحين!؟ ونذكر أن جميع القوانين المجحفة بالفلاحين صدرت فى زمن برلمانات العمال والفلاحين مثل رفع إيجار الأراضى الزراعية من 90 جنيهاً إلى خمسة آلاف، وإلغاء الدعم عن الأسمدة، وتحويل بنك التسليف الزراعى إلى بنك تجارى خالص لا يدعم الأنشطة الزراعية وتلوث المياه وإلغاء العلاج المجانى!. ثم دعونا نقرب المسائل أليس العمال والفلاحون هم من سينتخبون ممثليهم؟! وأليس جميعُنا أبناء عمال وفلاحين وبالتالى فأى منا سيحسن تماما التعبير عن العمال والفلاحين بدعم منهم وباختيارهم وبكامل إرادتهم فالمجالس النيابية للتشريع وهى بحاجة لأصحاب العلم الذين يستطيعون أن يحسنوا التعبير عن مشاكل العمال والفلاحين حرصا على إرضاء ربهم وناخبيهم وحفرا لاسم محترم يعى جيدا أن حب الناس كنزا لا يفنى وهو الذى سيخلد ويبقى ولكننا لا نحتاج أيضا من يذهب لينام فى المجلس ويخشى من الحديث أمام الكاميرات خوفا من الخطأ. نحن ياسادة فى زمن أمية أجهزة الكمبيوتر ولسنا فى زمن أمية الكتابة والقراءة وبالتالى برلمان مصر لا بد أن يكون حضاريا يحسن التعبير عن شعبه، فعودوا إلى تحضرنا العريق ولا تميزوا بين أفراد الشعب الواحد واتركوا الشعب يختار ممثليه دون إجبار ودون فرض نسبة معينة لفئة أو طائفة فى زمن المساواة وعدم التفرقة.

لم أر فى حياتى فئة من شعب تكره وطنها وتحرض عليه مثلما لمسنا جميعا من تنظيم جماعة الإخوان، ومصطلح إخوان بالمناسبة لم يرد فى القرآن إلا بمعنى سيئ «إخوان لوط» «إخوان الشياطين»، بينما لفظ الإخوة فقط هو الذى ورد بالمعنى الجيد «إنما المؤمنون إخوة» لذلك فقد وفقهم الله فى اختيار اللفظ المناسب لهم بأنهم شىء غير جيد يشعروننا بأنهم تنظيم لا ولاء ولا انتماء ولاعهد ولا ميثاق لهم ولا وطنية وأن مصر ليست فى مخيلتهم ولا فكرهم وإنما هى مجرد وعاء وجزء من أمة وليست وطنا حاضنا له حقوق علينا، لذلك تقر دساتير العالم وأعرافهم بأن الدين للأفراد والهوية للدولة، أو كما نادى الزعيم سعد زغلول بأن الدين لله والوطن للجميع، وأرجوهم بأن يخففوا من التشدد الدينى لأنه ينزع الرحمة والشفقة من القلوب ويجعل القلوب قاسية كالحجارة أو أشد قسوة وانظروا إلى القتل وقطع الرقاب والتمثيل بالجثث وتشويهها ممن يدعون الانتماء إلى الإسلام السمح الرحيم لتعرفوا كيف أن التشدد قد نزع الرحمة والشفقة من قلوب من يفعلون هذا ناسين أن الرسول حث على الرحمة بالحيوان والطير فما بالك بالإنسان؟!. عموما لا يمكن أن يقبل المصريون من أمثالهم بأن يتفننوا فى خنقهم وتضييق الحياة عليهم لأن ولاءهم لأفراد وليس لوطن ومبدأ السمع والطاعة الذى هو لله رب العالمين فقط نمنحه للبشر فى شرك واضح «وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» فيقوم قادتهم بانتزاعه وخص به أنفسهم وإقناع مريديهم بأنهم يتقربون إلى الله بالسمع والطاعة إلى البشر فى تفكير غريب فرضاء الله بطاعة الله وليس البشر أولاد الخطأ والتوبة. فلا أصدق أن من بين المصريين من يدعون إلى احتلال المترو لخلق زحام يخنق أبناء وطنهم، ولا أصدق أن من بينهم من يدعون إلى خلق زحام مصطنع فى محطات الوقود بتموين السيارات أكثر من مرة فى اليوم وتفريغ الحمولة فى جراكن لمضايقة شركاء الوطن من المصريين، أو النداء بتعطيل السيارات واصطناع تعطلها فى الطريق الرئيسية والكبارى لتعطيل أحوال أبناء وطنهم والتضييق على أمور حياتهم رغم أن الرسول أمر مريديه بأن ييسروا ولا يعسروا وما يفعلونه فيه مخالفة صريحة لتعاليم الرسول بالإضافة إلى حضّه إلى رفع الأذى عن طريق المسلمين وليس وضعه والتفنن فيه، ثم أخيرا تأتى حملة رن جرس الباب على جارك واجرى! لمضايقته وكأن من يفكر ويخطط لجماعة الإخوان هو طفل لا يتجاوز السابعة من عمره فهذا لعب عيال ولا يمكن أن يكون تصرفات مسلمين ولا مصريين ولا آدميين فنحن خلقنا بشرا ولنا إنسانيتنا أولا ثم اعتنقنا الدين الذى اخترناه أو توارثناه بعد ذلك وعليه فإن الأصل فى الإنسانية والفرع للتدين وكما قال رسول الله عليه صلوات الله وسلامه «الدين المعاملة» فاجعل الناس تعرفك من معاملتك له ويتخذونك قدوة ومثل وبهذا دخل وانتشر الدين الإسلامى فى الدول الأفريقية والآسيوية دون غزوات ولا سيف. ونذكركم بجار رسول الله وهو رجل يهودى والذى كان يلقى عليه المخلفات يوميا ليؤذيه ولم يفكر الرسول فى رد الإساءة أبدا بل ذهب ليطمئن عليه حين توقف عن أذيته خشيا أن يكون مريضا! وهذا يوضح الفرق بين أتباع الشيطان وأتباع الرسول والإسلام فلأيهم أنتم الآن؟!. وسؤال آخر هل يحتاج الله القوى المتين الذى يقول كن فيكون إلى جنود أم يحتاجهم الشيطان بغوايته وإيهامهم بأنهم جنود الله؟!

أيها المغرر بكم: الدين المعاملة ومن يشق على جاره يشقق الله عليه يوم القيامة ومن ييسر على مسلم حاجته يسر الله عليه يوم القيامة. هداكم الله وعفا عنكم وردكم إلينا سالمين قبل أن ترتكب أياديكم المزيد من الآثام.

■ كلية الزراعة- جامعة القاهرة