رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استعادة هيبة الدولة أولاً!!


لا شك أن اقتحام قرى دلجا بالمنيا وكرداسة وناهيا بالجيزة من قبل الشرطة والقوات المسلحة وتطهيرها من بؤر الإرهاب كان خطوة على الطريق الصحيح نحو استعادة هيبة الدولة، وهو أمر حيوى لكى يعود الاستقرار إلى الشارع المصرى، لكن يجب أن نضع فى الاعتبار حقيقة مهمة وهى أن هيبة الدولة لا تعنى الجانب الأمنى فقط فهذا مفهوم مرتبط بمفهوم آخر هو «السيادة» التى تعد ركنا أساسياً لمكونات أى دولة وبدونها نكون أمام لا دولة حتى ولو توافر عنصرا الأرض والشعب.

وعندما نكون أمام حكومة قوية تمتلك أدواتها وتفرض النظام بقوة القانون فإننا نصبح نمتلك القدرة على استعادة هيبة الدولة، والمقصود بالنظام هنا انتظام دولاب الحياة اليومية وعودة عجلة الإنتاج إلى الدوران من جديد وإيجاد حلول عملية وسريعة وناجزة لمشكلات مزمنة تجذرت فى نسيج المجتمع وتغولت نتائجها لدرجة أن المواطن المصرى أصبح عاجزاً عن التعامل مع هذه المشكلات ولا تجرؤ أى حكومة على اتخاذ قرارات لاقتلاعها واستئصالها من جذورها.

ومن هذه المشكلات التكدس المرورى بالعاصمة والعشوائيات والبطالة والقمامة والبلطجة والانفلات بجميع صوره فى المجتمع وقصور التنمية المجتمعية والاقتصادية خارج القاهرة الكبرى خاصة فى الصعيد وسيناء والمناطق النائية.

وعندما نكون أمام اقتصاد قوى ومناخ استثمار صحى فإننا نصبح قادرين على الحفاظ على هيبة الدولة لأن الاستقرار السياسى والأداء الاقتصادى الإيجابى وجهان لعملة واحدة هى الدولة القوية ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالفصل بين الاحتجاج والتظاهر والاعتصام من جهة والعمل والإنتاج من جهة أخرى ولا بديل عن عودة المصريين إلى مواقع العمل.

وهيبة السلطة القضائية جزء لا يتجزأ من هيبة الدولة ولا هيبة لدولة لا يجل أو يحترم فيها قضاؤها ورغم كل مساوئ نظام مبارك فإن القضاء كان خطاً أحمر وأن ما حدث للقضاء من إهانة فى عهد الإخوان سابقة لم يسجلها التاريخ من قبل فى حقبه المختلفة.

وهيبة الدولة لا تتحقق فى ظل انفلات إعلامى أو عدم الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية المتوافق عليها أو من خلال ما نسميه الأمانة المهنية بل يجب أن تؤكد الرسالة الإعلامية بكل أشكالها سواء كانت سمعية أم مرئية أم إليكترونية هيبة الدولة وتعمل الأفكار البرامجية على تكريسها وتنتقد أى سلوك أو فعل يتعارض مع هذا المفهوم.

أعتقد أن ما تقدم يقودنا إلى القول بأنه يجب إعطاء الأولوية لفكرة استعادة هيبة الدولة فى كل المجالات وذلك حتى نستطيع تنفيذ خارطة المستقبل خاصة أننا مقبلون على مرحلة دقيقة وحرجة من إقرار دستور للبلاد وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ولا يمكن إنجاز ذلك إلا فى ظل أجواء مستقرة.