رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أول «مرشدة دينية» فى الصعيد: مارجريت تاتشر ملهمتى.. وأم كلثوم مطربتى المفضلة

جريدة الدستور


حلمت بأن تكون ناشطة سياسية مؤثرة بحجم مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا الملقبة بـ«المرأة الحديدية»، ثم تغيرت رغبتها عندما وصلت للمرحلة الثانوية، لتحلم بأن تكون طبيبة، غير أنها لم تستطع تحقيق حلمها، ولأسباب تتعلق برفض أسرتها فكرة التحاقها بكليات خارج محافظة أسيوط، التحقت بكلية الشريعة الإسلامية، لتجد نفسها أمام تحدٍ صعب بالنسبة لفتاة صعيدية تعيش فى مجتمع شديد التحفظ خاصة فيما يتعلق بعمل المرأة، فما بالك بممارستها نشاط الإرشاد الدينى.

هى منال عبدالهادى، أول مرشدة دينية تخرج من محافظة أسيوط، التى التقتها «الدستور»، حيث أكدت أنها لا ترى أى غضاضة فى إعلان حبها لسماع الموسيقى وقراءة الكتب خارج الفقه والدين، وهى فخورة كونها تحمل على عاتقها مهمة النصح والإرشاد لقريناتها من النساء اللاتى يحتجن لمن تجيب عن أسئلتهن فى المسائل الدينية والحياتية دون أى حرج.



■ بدايًة.. ما الدور الذى لعبته أسرتك فى إثراء تكوينك الفكرى والثقافى؟

- نشأت فى أسرة دينية، الدين لدينا كان أساس الحياة والمعاملات اليومية، فوالدى كان إمام مسجد، وقارئًا للقرآن منذ زمن، وتعليمه أزهريًا، وأنا أشعر بأنه يشبه طه حسين فى رحلته وأفتخر به. ووالدتى كانت ربة منزل، وكانت امرأة عظيمة ومثقفة، وهذا ظهر فى التربية التى نشأنا عليها، فكانت والدتى مثالًا للزوجة الصالحة، وهذا ما تعلمناه منها، ومن ثم فقد نشأت فى جو مفعم بالمودة والرحمة، نشأة إسلامية على أعلى مستوى.

■ لماذا فضلتِ هذا المجال دون غيره؟

- فى سن المراهقة كنت أود أن أصبح من نجمات عالم السياسة مثل مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، وعند انتقالى للمرحلة الثانوية تغيرت رغبتى وأردت أن أكون طبيبة، لكن لم أستطع فعل هذا، لأننى كنت ضمن طالبات الشعبة الأدبية، وبعد المرحلة الثانوية التحقت بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، لكن والدى رفض أن أقيم فى القاهرة بعيدًا عنه، واقترح علىّ الالتحاق بكلية الشريعة الإسلامية، وعلى الرغم من أننى دخلت هذا المجال بناءً على رغبة أهلى، فإننى اكتشفت بعد فترة أنه مجال رائع، وأن الله وضعنى فى أحسن مكان.

■ كيف حدثت النقلة الكبرى فى مسيرتك، بانضمامك لوزارة الأوقاف، خاصة أنك أول سيدة فى تاريخ محافظة أسيوط تعمل داعية؟

- لم أتوقع هذا مطلقًا، فالهدف الذى وضعته أمامى بناءً على خبرة من سبقونى هو أن أصبح مدرسة بكلية الشريعة جامعة الأزهر، وخطوة أن أكون المرشدة الدينية الوحيدة فى أسيوط، وأول مرشدة على مستوى الجمهورية، جاءت من عند الله، دون تخطيط مسبق نهائيًا، فعندما طلبت وزارة الأوقاف، فى عام ٢٠٠٠، تعيين مرشدات دينيات فى المساجد على سبيل التجربة تقدمت على الفور، وشاءت الأقدار أن تُقبل أوراقى لأصبح مرشدة دينية.

■ من واقع خبرتك فى المجال.. ما الفرق بين المرشدة الدينية والواعظة الدينية؟

- فى عام ٢٠٠٥، فتحت وزارة الأوقاف المجال أمام الواعظات الدينيات وهن كثيرات فى الوقت الحالى. الواعظة تملك وظيفة أخرى بعيدة كل البعد عن الأعمال الدينية وتتخذ من العمل الدينى هدفًا لمساعدة الغير كمتطوعة، أما المرشدة الدينية فهى متخصصة بحكم دراستها أصول الدين، ولديها أوقات عمل رسمية فى المساجد تبدأ مع صلاة العصر وتنتهى بعد صلاة العشاء، براتب ثابت تتقاضاه من وزارة الأوقاف.

■ ما شعورك كونك المرشدة الدينية الوحيدة فى محافظة أسيوط؟

- أشعر بالحزن الشديد، لأننى كنت أتمنى أن يكون عددنا أكبر حتى يتسنى لنا الحصول على دورات تدريبية من قِبل وزارة الأوقاف، ولنتساوى مع الرجال الأئمة فى كل شىء، لأننى على مستوى عملى منذ أن عينت لم أحصل إلا على دورة تدريبية واحدة. فمديرية الأوقاف تشترط وجود عدد كبير لتنظم دورة تدريبية، فكيف لنا أن نتساوى مع الرجال فى العمل ولا نتساوى معهم فى المميزات التى يحصلون عليها، حتى الرواتب، أنا أتقاضى ١٧٠٠ جنيه فقط.

■ كيف بدأتِ دورك كمرشدة دينية؟

- بدأت فى أحد مساجد نزلة عبداللاه بمدينة أسيوط، وكان الأمر فى غاية الصعوبة وقتها، كونى سيدة تؤدى دور الإمام سواء فى الوعظ أو الدعوة، أو حتى فى الدروس الدينية، إلا أن السيدات تقبلن الأمر بسرعة كبيرة بصدر رحب وتوافدن بأعداد كبيرة جدًا من القرى والمراكز البعيدة بالمحافظة، ليطرحن علىّ الأسئلة التى تتعلق بالشئون الأسرية ومعرفة رأى الدين.

■ فى بداية الأمر.. هل كنتِ تشعرين بالحرج فى أداء دورك كمرشدة دينية؟

- لا، أنا لم أشعر بالحرج نهائيًا، فقد وضعنى الله فى مكانة عظيمة وكبيرة، وأنا أقدرها، ولم أر حرجًا فى كونى سيدة تؤدى نفس عمل الإمام، إذ ينصب دور المرشدة على توصيل المعلومة الدينية للسيدات مثلما أبلغ الرسول، عليه الصلاة والسلام.

أنا أساعد النساء والفتيات فى الإجابة عن كل ما يجول فى خاطرهن سواء فى الشرع أو المعاملات أو مشاكلهن، والفتيات بالطبع هن أكثر فئة تريد الحديث فى الدين بسبب حرجهن من الرجال.

■ ما المساجد التى تترددين عليها لإلقاء الدروس الدينية؟

- حددت لى مديرية الأوقاف فى محافظة أسيوط مسجد الرجاء بوسط المدينة لإلقاء الدروس فيه يوم الجمعة، ومسجد على بن أبى طالب بنزلة عبداللاه يوم الإثنين، ومسجد التواب يوم الأربعاء من كل أسبوع.

■ هل واجهت أى صعوبات فى الإجابة عن الأسئلة التى تتلقينها؟

- لا، لم أشعر يومًا بأنه ليست لدىّ قدرة الرد على سؤال ما، حتى وإن كنت لا أعرف الإجابة، وعلى الفور أبلغ السائلة بالتوجه لدار الإفتاء، لأن بها متخصصين فى الفتوى، وستجد عندهم إجابة أفضل بكثير.

أنا أعطى المعلومة إن كنت أعرفها فقط، وبناءً على دراستى، أو ما قرأته ومررت به طوال سنوات عملى، وأنا لا أرى أى صعوبة فى التعامل مع السيدات.

فى البداية أبلغنى بعض السيدات عن منع أزواجهن أو إخوانهن لهن من النزول لتلقى الدرس فى المسجد، إلا أننى تمكنت من تجاوز هذا الأمر، والحمد لله فى الوقت الحالى تقبل الناس فكرة وجود سيدة تعطى دروسًا دينية للسيدات، وأصبحوا يعاملوننى مثلما يعاملون الدعاة الرجال.

■ ما أبرز النصائح التى توجهينها للفتيات؟

- أنصح الفتيات دائمًا بحسن الاختيار، والتأنى فى اختيار الزوج ليكون الاختيار سليمًا، كما أننى أعلم السيدات كيفية اختيار شركاء الحياة والأسس اللازمة لذلك من الناحية الدينية، والقواعد التى علمنا إياها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن الأسرة التى يقوم أساسها على خلق ودين تنتج عنها حياة صالحة وترزق بالذرية الصالحة ويكون المنزل حينها مفعمًا بالهدوء والسكينة، والدين يملأ أرجاءه، فالتعليم الدينى للأولاد يفرق كل أسرة عن الأخرى، فالرجوع للقرآن يجعل الأمر مختلفًا كثيرًا.

■ «أول مرشدة أم المرشدة الوحيدة».. أى اللقبين أقرب لقلبك؟

- أنا أحب لقب الإمام، لكن مرشدة دينية تطلق منعًا للأحاديث الكثيرة.

■ ما الذى تمثله الموسيقى فى حياة منال عبدالهادى؟

- أنا لست متزمتة إطلاقًا، فأنا عاشقة الموسيقى والأغانى، وأفضل المغنين القدامى، والأقرب منهم لقلبى «نجاة، وأم كلثوم، وصباح» ومن المغنين الأحدث مدحت صالح.

■.. وبالنسبة للقراءة خارج مجال الفقه؟

- أنا أحب القراءة كثيرًا، حتى لو فى مجال البحار والفضاء، ومعجبة جدًا بأعمال عدة كُتّاب مصريين.

■ ماذا عن خططك المستقبلية؟

- أتمنى فى الوقت الحالى أن أكون قدوة حسنة للفتيات من مدينة أسيوط والقرى المجاورة اللاتى أعلمهن فى المسجد وأعطيهن دروسًا دينية، وأن أحببهن فى الدين.