رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" ترصد المؤشرات الأولية لانسحاب إسرائيل من غلاف غزة

جريدة الدستور

اتخذ عدد كبير من السكان الإسرائيليين بغلاف غزة خلال الأيام الماضية قرارا بالهجرة والانتقال من غلاف غزة إلى أماكن ومستوطنات أخرى.

جاء قرار سكان غلاف غزة عقب القصف والتصعيد المستمر من قبل المقاومة الفلسطينية من جانب وقوات الاحتلال الإسرائيلى من جانب آخر، مما جعلهم يبحثون عن أماكن أكثر أمانا واستقرارا.

وتعرضت المستوطنات لسلسلة من الهجمات الصاروخية التي أطلقت من القطاع صوب إسرائيل، مما أدى إلى حالة من الهلع والخوف لدى سكان هذه المستوطنات.

ولكن التساؤل هنا هل هجرة بعض سكان الغلاف تأتى كبداية للانسحاب الكامل منه، وهل هى خطوة أولية للاحتلال لتفكيك مستوطناته كما حدث بمستوطنات قطاع غزة سابقا؟

تواصلت "الدستور" مع مجموعة من الباحثين والمختصين فى الشأن الفلسطينى، للإجابة على هذه التسؤلات وكشف أهم المؤشرات التى تشير إلى الانسحاب.

"هروب 10 أسر إسرائيلية"
أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعتى القدس والأقصى الدكتور أيمن الرقب، أن هناك حوالي سبعين ألف مستوطن يعيشون في أكثر من 50 تجمع استيطاني في المنطقة الحدودية لقطاع غزة، حيث كان هناك إقبال كبير في عدد المستوطنين الذين ينتقلون للعيش في تلك المستوطنات خلال السنوات الماضية نتيجة الإغراءات المالية التي تقدمها حكومة الاحتلال لهم.

وأضاف الرقب فى تصريحاته للـ"الدستور"، أنه منذ مارس من العام الماضي، شهدت المنطقة عدة جولات من المعارك المحدودة بين الاحتلال والمقاومة في غزة مما تسبب في إثارة حالة من الخوف لدى المستوطنين والبقاء بالقرب من الملاجئ لأن لديهم عدة ثواني للعثور على مأوى من الصواريخ وقذائف الهاون بسبب قرب المسافة من مصدر القصف. كما أن خوف الإسرائيليين المتواجدين بغلاف غزة تزايد منذ أن بدأ الفلسطينيون تنظيم احتجاجات ومسيرات سلمية على طول حدود القطاع منذ مارس عام 2018 تحت عنوان "مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار.

بالاضافة لحديث كثير من المستوطنين عن سماعهم صوت حفريات تحت منازلهم مما يشعرهم بالرعب ويخشون خروج مقاتلين فلسطينيين داخل مستوطناتهم في اي لحظة".

وأضاف الرقب أن الأيام الأخيرة شهدت هروب أكثر من ١٠ أسر صهيونية، وهذا يعد الهروب الأكبر وحدث كبير لم يحدث في تاريخ هذه المستوطنات ويخشى الاحتلال من زيادة الهاربين من المستوطنات وتحدث عملية إفراغ لهذه المستوطنات مما يرفع معنويات المقاومة.

ولفت الرقب إلى أن هذا لا يعني أن الاحتلال قد ينسحب من هذه المستوطنات التي تعتبر جدار أمني مهم حتى لو هرب المستوطنون من كل هذه التجمعات لأنها بالأصل ثكنات عسكرية للاحتلال رغم أن جزء كبير من أراضي هذه المستوطنات هي جزء من قطاع غزة احتلها الاحتلال عام 1967.

وأكد الرقب أن الأهم في هذا الحدث ساهم في رفع معنويات الشعب الفلسطيني والمقاومة التي تمكنت من إحداث هذه الحالة من الإرباك لدى المستوطنين وتظهر نجاعة المقاومة طويلة الأمد حتى لو كان جزء منها سلمي، مشيرا إلى أن هذا الأمر يجب أن يكون عامل محرك للمقاومة في الضفة الغربية لتغير شكل الصراع والرهان على الشعب الفلسطيني في تغير المعادلة رغم التفوق الكبير العسكري والأمني الصهيوني.

"أربعون ألف مستوطن تحت القصف"
من جانبه، قال الباحث السياسي والقيادى بحركة فتح الدكتور ماهر صافى إن غلاف غزة يتكون من ثلاثة مجالس إقليمية إسرائيلية وهي، مجلس أشكول على مساحة 380 كيلومترًا مربعًا، ويسكنه أكثر من 13 ألف مستوطن، يعيشون في 32 مستوطنة، والثاني مجلس أشكلون ويقع على 168 دونمًا، ويعيش فيه حوالى 17 ألف إسرائيلي على أربع مستوطنات، والثالث مجلس شاعر هنيغف، ويمتد لمساحة 180 دونمًا، وفيه 11 مستوطنة، يعيش فيها أكثر من سبعة آلاف مستوطن.

وأكد صافى أن انعدام الأمن الشخصي في مناطق الغلاف سوف يفتح باب هجرة المزيد من العائلات الإسرائيلية إلى مناطق أكثر أمنًا في داخل فلسطين المحتلة أو ربما مغادرتها بشكل كامل.

وفى السياق ذاته، قال أكد الباحث السياسي الدكتور عماد عمر، أن هروب عائلات المستوطنين من مستوطنات غلاف غزة هو خوف من عمليات استهداف المقاومة الفلسطينية لمستوطنات غلاف غزة أمام أي تصعيد، فعادة مع بداية كل تصعيد يكون المستهدف بالدرجة الأولى مستوطنات غلاف غزة وهو ما شكل عليهم حالة خوف وضغط وخاصة في ظل تهديدات المقاومة الفلسطينية بأنها سوف ترد على أي استهداف لها في غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

"احتمالات ضئيلة للانسحاب"
وحول احتمالية انسحاب الاحتلال من الحدود الشرقية للقطاع، قال عمر إن هذا لا يمكن أن يحدث لأن الاحتلال الإسرائيلي ينظر إلى تلك الحدود على أنها محط خطر قد تؤدي إلى دخول شباب المقاومة الفلسطينية إلى تلك المدن واستهداف المواقع العسكرية إلى جانب أن إسرائيل تنظر إلى تلك الحدود أنها الحدود الشرقية الفاصلة بين قطاع غزة وما يدعون أنها أراضي دولة إسرائيل.

وأشار عمر إلى أن الاحتلال ربما يكثف من تواجده وتكثيف قواته على تلك الحدود وخاصة لحماية المدن والمستوطنات التي سوف تصبح فارغة من المستوطنين القاطنين فيها خلال المرحلة القادمة.

فيما قال القيادى بحركة فتح الدكتور جهاد الحرازين إن قضية الانسحاب من مستوطنات غلاف غزة أمر أعتقد بأنه لن يكون ولذلك وجدنا بأن حالة الهروب من قبل المستوطنين تأتى فى سياق الأوضاع النفسية والحفاظ على أنفسهم ولكن فى ظل هدوء الأوضاع تعود الأمور لطبيعتها المعتادة ويبقوا متواجدين بأماكنهم لذلك قضية الهروب أو الترك أو الابتعاد مرهونة بفعل أو حدث مؤقت ومن ثم تعود الأمور إلى طبيعتها.

وأضاف الحرازين فى تصريحات خاصة للـ"الدستور"، أنه لن يكون هناك إخلاء أو انسحابا الإ فى سياق اتفاق موقع بين فلسطين وإسرائيل وحكومة الاحتلال تعمل ليل نهار على مواصلة الاستيطان وبناء الوحدات الإستيطانية الجديدة والتوسع الاستيطانى.

وأوضح الحرازين أن إسرائيل تعمل على استغلال هذه الأحداث سياسيا وإعلاميا لدى العالم مستغلة نزوح وهروب بعض العائلات الإسرائيلية أثناء الأحداث لتصور للعالم بأن المستهدف هم أناس مدنيين يعيشون فى حالة رعب وخوف ولا أمن لديهم والحكومة الاسرائيلية بصواريخها وطائراتها ودباباتها تعمل على محاولة الدفاع عنهم وتحقيق الامن لديهم وهى محاولة رخيصة من قبلهم.

وكان المحلل والكاتب السياسي إبراهيم المدهون، قال فى تصريحات سابقة لـ"الدستور"، إن هناك استعداد نفسي إسرائيلي للتخلي عن غلاف قطاع غزة، لافتا إلى أن الانسحاب الكامل منه قد يتحقق خلال عامين أو ثلاثة.

"استعداد نفسي إسرائيلي للتخلي عن الغلاف"
وكشف المدهون المؤشرات التى تمهد لذلك، ومنها هروب عائلات إسرائيلية كاملة من غلاف القطاع وبات فارغا بجانب أنه لا أحد يستثمر به، مشيرًا إلى أن هذه مقدمة الاحتلال لتفكيك مستوطناته كما حدث بمستوطنات غزة سابقا، وقبل اخلائها تم هروب العائلات منها وهجران الاستثمار فيها.