رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قوم يا مصرى ٥

حلم الشقة.. كيف تُنفذ الدولة أضخم مشروع للإسكان الاجتماعى؟

جريدة الدستور

- إنشاء ما يزيد على 280 ألف وحدة فى غضون 4 سنوات فقط.. ومئات الآلاف تقدموا للحجز
«يد تبنى.. ويد تحمل السلاح».. هذا ليس شعارًا بل حقيقة أكدتها «دولة ٣٠ يونيو» على مدار سنوات مضت، وستظل متمسكة بها فى سنوات طويلة مقبلة؛ حتى تقف مصر على قدميها. تتحرك الدولة المصرية على مختلف الاتجاهات تقريبًا، تبنى مدنًا جديدة، تقضى على العشوائيات، تحفر أنفاقًا هائلة، تشيد طرقًا جديدة، تعيد بناء البنية التحتية.. هذا وغيره الكثير والكثير. هنا نتوقف أمام «ملحمة البناء»، نعرض مجموعة من المشروعات القومية؛ حتى يعرف الجميع أين كنا، وإلى أين وصلنا، وما الذى ننوى فعله فى بلدنا.
يعد برنامج الإسكان الاجتماعى واحدًا من أبرز المشروعات القومية التى بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى تنفيذها، ضمن خطة طموحة أطلقها بعد توليه مسئولية البلاد، لتنفيذ مليون وحدة سكنية.
وبدأ المشروع بإعلان مجلس إدارة صندوق الإسكان الاجتماعى ودعم التمويل العقارى عن برنامج لتنفيذ 500 ألف وحدة سكنية لمحدودى الدخل، بمساحة 90 مترًا كاملة التشطيب، ثم رفع الرئيس سقف الطموح ووجه بزيادة عدد الوحدات ليصل إلى مليون وحدة ثم مليون ومائة ألف وحدة.
ويتمثل دعم الدولة لهذه الوحدات فى أشكال عدة، بداية من عدم تحميل سعر الأرض، أو سعر المرافق من طرق ومياه وصرف صحى وكهرباء، على السعر النهائى للوحدة.
وأضافت الدولة دعمًا ماديًا لاستكمال سعر الوحدة لصالح الشركات المنفذة، أى أن سعر الوحدة المطروحة يقل عن ثمن تكلفة البناء، علاوة على التقسيط بفائدة تناقصية تبدأ من 7%.
وتقدم أكثر من 900 ألف مواطن بطلبات للحصول على وحدات فى مشروع الإسكان الاجتماعى، منذ الإعلان عن البرنامج حتى الآن، إذ تقدم نحو 20 ألف مواطن مع الطرح الأول فى يونيو 2014، ثم 15 ألفًا مع الطرح الثانى فى يوليو 2014، ثم كانت المفاجأة بتقدم نحو 77 ألف مواطن دفعة واحدة مع إعلان الطرح الثالث فى أكتوبر من العام ذاته.
وتقدم نحو 40 ألفًا و500 مواطن مع الطرح الرابع فى فبراير 2015، ثم 105 آلاف مواطن مع الطرح الخامس فى يوليو 2015، وتقدم للطرح السادس 916 مواطنًا، ثم تقدم 72 ألف مواطن للطرح السابع.
وخلال الطرح الثامن فى مايو 2016، تقدم نحو 38 ألف مواطن، ومع الإعلان عن الطرح التاسع فى أغسطس 2017 تقدم نحو 82 ألف مواطن.
وكانت المفاجأة الكبرى فى تقدم 230 ألف مواطن لحجز 60 ألف وحدة، طُرحت فى الإعلان العاشر، نهاية العام الماضى 2018، وانطبقت الشروط على 177 ألف مواطن منهم.
وانتهى البرنامج من تنفيذ ما يزيد على 280 ألف وحدة، فى غضون 4 سنوات فقط، ويجرى حاليًا تنفيذ 228 ألف وحدة أخرى، إضافة إلى طرح تنفيذ 82 ألف وحدة جديدة، ليصل إجمالى الوحدات التى يتعامل عليها الصندوق، منذ 2014 وحتى نهاية 2018، إلى نحو 592 ألف وحدة، بتكلفة إجمالية تتجاوز الـ100 مليار جنيه، وبذلك يكون البرنامح انتهى من تنفيذ 47% من مخططه، ومن المقرر الانتهاء من تنفيذ المستهدف الإجمالى بحلول العام 2021.
ولسد الفجوة بين الطلب والوحدات، تكثف وزارة الإسكان من عمليات التخطيط وتخصيص قطع أراضٍ لطرحها على شركات المقاولات للتنفيذ، إضافة إلى تطوير آليات وتشريعات التعامل مع المقاولين، لتسهيل إنجاز أكبر عدد ممكن من الوحدات، وذلك مع تنفيذ البرنامج نحو 80 ألف وحدة سنويًا، وهو ما يعد رقمًا كبيرًا، لا تستطيع أى دولة فى العالم تحقيقه بسهولة، خاصة مع العمل فى ظل إمكانيات اقتصادية صعبة.
وتعليقًا على الإقبال المتنامى على هذه الوحدات، قالت مى عبدالحميد، رئيس صندوق التمويل العقارى، لـ«الدستور»، إن الإقبال المتنامى يعكس ثقة المواطن فى مؤسسات الدولة، ويعد حافزًا للصندوق لرفع مستوى الخدمة، واستغلال البنية التحتية وقاعدة البيانات التى أسسها لوضع استراتيجية للتطوير، بهدف تيسير جميع الإجراءات للمواطنين المتعاملين مع الصندوق، إضافة إلى التدقيق فى وصول الدعم لمستحقيه.
وأضافت «مى» أن برنامج الإسكان الاجتماعى يعد أول تجربة ناجحة للتحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى المباشر والمشروط، مشيرة إلى أن البرنامج نجح خلال السنوات الخمس الماضية فى تطبيق التجربة على عدة محاور، لتلبية الطلب الحالى للفئات المستهدفة التى لم يسبق لها الحصول على وحدة سكنية مدعومة. وذكرت أن البرنامج يستهدف تمكين المواطنين من ذوى الدخل المنخفض الذين لم تسبق لهم الاستفادة من برامج الإسكان المدعوم من الدولة فى الفترات السابقة، والذين لا يتجاوز الحد الأقصى لصافى دخلهم الشهرى 1750 جنيهًا للأعزب و2500 جنيه شهريًا للأسرة، مشيرة إلى تعديل تلك الحدود تدريجيًا، لتصل إلى 3500 جنيه للأعزب، و4750 جنيهًا شهريًا للأسرة.
وذكرت أن المسكن الملائم الذى يوفره البرنامج لا يقف عند التعريف الضيق لوحدة سكنية فقط، ولكنه يتبنى مفهومًا أكثر رحابة ورفاهية، وهو تأسيس مجتمعات متكاملة، بتوفير وحدات كاملة المرافق، من خدمات صحية وتعليمية، وشبكة طرق ومواصلات، ومحلات تجارية ومهنية بأنشطة مختلفة لخدمة المجتمعات الجديدة خاصة بالمدن.
ويتبنى البرنامج مفهوم توفير مجتمعات سكنية متكاملة المرافق والخدمات، كهدف متكامل له منذ اللحظة الأولى، وبالتوازى مع تنفيذ الوحدات هناك تنسيق مشترك مع الجهات الحكومية المختلفة لتوفير الخدمات للمجتمعات السكنية التى يستهدفها البرنامج، وهى 761 مشروعًا خدميًا، منها 327 مشروعًا تم الانتهاء منها و272 مشروعًا يجرى تنفيذها حاليًا، بخلاف 162 مشروعًا فى مراحل الطرح.
وأشارت رئيس الصندوق إلى العمل على توسيع قاعدة المستفيدين من البرنامج كلما أمكن، إذ يستفيد محدودو الدخل من المشروع حاليًا، من خلال محور التمليك للأقل دخلًا والأعلى دخلًا، كما يستفيد من محور الإيجار من لا يستطيع التملك ودفع المبالغ المقررة لذلك، إضافة إلى المستفيدين من محور النقابات المهنية، ومحور أسر الشهداء والمصابين، ومحور المحافظات، ومحور المصريين العاملين بالخارج.
وشهدت الفترة التى تلت الإعلان عن البرنامج منذ عام 2014 وحتى الآن تحولًا فى فكر المواطنين، ظهر فى الإقبال غير المسبوق على هذه الوحدات. والتقت «الدستور» محمد على، أحد المواطنين المستفيدين من وحدات برنامج صندوق الإسكان الاجتماعى، حيث قال إنه حصل على وحدة بعد عامين من التقدم بطلب إلى البرنامج، مشيرًا إلى أنه سدد نحو 40 ألف جنيه مقدم حجز ومقدم استلام، وتم تقسيط باقى ثمن الوحدة على 20 عامًا بواقع 600 جنيه قسطًا شهريًا. وأضاف: «امتلاك شقة فى منطقة 6 أكتوبر وبهذه الجودة كان حلمًا لم أتوقع تحقيقه بطريقة يسيرة فى يوم من الأيام»، موضحًا أن سعر الوحدة لا يقل عن 450 ألف جنيه فى السوق الحرة.
وتابع: «الدولة ضمنت العيش الكريم لى ولأسرتى، وأوجه الشكر للرئيس والحكومة على هذا البرنامج القومى».