رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قوم يا مصرى "٣"

مصر خالية من العشوائيات: 31 مليار جنيه للقضاء على المناطق الخطرة

جريدة الدستور

«يد تبنى.. ويد تحمل السلاح».. هذا ليس شعارًا بل حقيقة أكدتها «دولة ٣٠ يونيو» على مدار سنوات مضت، وستظل متمسكة بها فى سنوات طويلة مقبلة؛ حتى تقف مصر على قدميها. تتحرك الدولة المصرية على مختلف الاتجاهات تقريبًا، تبنى مدنًا جديدة، تقضى على العشوائيات، تحفر أنفاقًا هائلة، تشيد طرقًا جديدة، تعيد بناء البنية التحتية.. هذا وغيره الكثير والكثير. هنا نتوقف أمام «ملحمة البناء»، نعرض لمجموعة من المشروعات القومية؛ حتى يعرف الجميع أين كنا، وإلى أين وصلنا، وما الذى ننوى فعله فى بلدنا.
أشهر قليلة تتبقى على اكتمال تحقيق الحلم بإعلان مصر خالية من أى مناطق عشوائية خطرة، بعد 4 سنوات من العمل والمجهودات الهائلة التى بذلتها الدولة، فى تحويل المساكن الخطرة والمهددة للحياة إلى مجتمعات حضارية خدمية عالية المستوى، توفر لقاطنيها حياة كريمة لائقة.
31 مليار جنيه إجمالى ما أنفقه صندوق تطوير العشوائيات حتى الآن لبناء مجتمعات عمرانية ذات تصميمات حداثية، لنقل سكان المناطق الخطرة إليها، مثل حى «الأسمرات» بالمقطم، الذى صار نموذجًا للمدينة المتكاملة ثقافيًا وصحيًا ورياضيًا وإنتاجيًا.
وقال المهندس خالد صديق، الرئيس التنفيذى للصندوق، إن التحدى الأكبر فى أزمة العشوائيات الخطرة يكمن فى أمرين لم يتمكن أى مسئول من حلهما أو حتى الاقتراب منهما قبل تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية، وهما تمويل عملية التطوير التى تطلبت مليارات الجنيهات، وندرة الأراضى فى المناطق التى تحتوى على عشوائيات خطرة.
وأضاف «صديق»، لـ«الدستور»، أن مصر بحلول 2020 ستكون خالية تمامًا من أى عشوائيات خطرة، موضحًا أن الدولة ستكون قد أنجزت تطوير 357 منطقة يسكن بها 222 ألفًا و436 أسرة، حيث جرى الانتهاء من تطوير 192 منطقة منها، ويجرى العمل حاليًا على إنهاء 165 أخرى، بتكلفة إجمالية 31 مليار جنيه.
وذكر أن العمل على إنهاء ظاهرة العشوائيات فى مصر يقوم على 3 محاور، الأول خاص بالمناطق غير الآمنة، تليه المناطق غير المخططة، وهى على مساحة نحو 152 ألف فدان على مستوى الجمهورية، ويجرى العمل على الانتهاء منها بحلول 2030، وقدّرت لها تكلفة مالية بـ350 مليار جنيه، حيث انتهت أعمال تطوير 52 منطقة منها موزعة على 26 مدينة وحيًا، على مساحة 4350 فدانًا بـ410 آلاف وحدة سكنية، ويجرى حاليًا تطوير 18 منطقة موزعة على 10 مدن بـ150 ألف وحدة.
وأضاف أن عملية تطوير المناطق غير المخططة تحتاج تدخلات كثيرة من جهات مختلفة فى الدولة، فضلًا عن احتياجها لمخصصات مالية ضخمة، حيث تضع الدولة القضاء على المناطق غير الآمنة أولوية لها، لأنها تمثل خطورة على حياة المواطنين.
وتابع «صديق»: «يتمثل المحور الأخير فى القضاء على الأسواق العشوائية، التى تم حصرها على مستوى الجمهورية بواقع 1105 أسواق، تحتاج 44 مليار جنيه، جرى تطوير 18 سوقًا منها، ويجرى حاليًا تطوير 22 أخرى، على أن يتم الانتهاء من البقية خلال عامين».
وعن المناطق غير الآمنة، كشف «صديق» عن الانتهاء من تطوير 192 منطقة، تضم 105 آلاف و672 وحدة، منها 18 منطقة ذات خطورة من الدرجة الأولى، و50 من الدرجة الثانية، و100 من الدرجة الثانية، ومنطقتان من الدرجة الثالثة.
وتابع: «يتبقى 165 منطقة يجرى تطويرها حاليًا بواقع 115 ألفًا و935 وحدة، وكلها بين مناطق الخطورة من الدرجة الأولى التى تشمل 15 منطقة، كما يوجد لدينا 118 منطقة ذات خطورة من الدرجة الثانية، و13 من الدرجة الرابعة».
وأشار إلى توفير الدعم المالى لسرعة إنجاز أعمال الصندوق من خلال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وفقًا لقرار الرئيس السيسى بأن تكون ميزانية الصندوق من فائض الهيئة، ما أثر بشكل كبير فى سرعة الإنجاز، لافتًا إلى أنه يجرى حاليًا تخصيص ميزانية للصندوق من خزينة الدولة، الأمر الذى سيحل الكثير من أزمات التمويل، ويسهل عمل الصندوق.
وقال المهندس إيهاب حنفى، المنسق العام لصندوق تطوير العشوائيات، إن الجانب الاجتماعى جزء أساسى وأصيل فى عملية التطوير بجانب إنشاءات المبانى، إذ تضع استراتيجية الصندوق الأساسية تنمية الإنسان محورًا رئيسيًا فى عملها، بحيث يكون بناؤه ثقافيًا ومعرفيًا واجتماعيًا موازيًا لبناء المبانى السكنية التى سيسكن بها.
وأضاف «حنفى» أن الصندوق يعد خطة مدعومة ببرامج اجتماعية وثقافية واقتصادية قبل البدء فى أى أعمال تطوير، لخلق بيئة ملائمة للسكان تكون مهيأة لتغيير سلوك المواطن، وتوفير فرص عمل له، وتوفير عوامل الاستقرار والأمان المعيشى.
وأشار إلى أن أقرب نموذج جرى تنفيذه بهذه الطريقة هو «الأسمرات»، حيث كان يعمل أغلب سكانه قبل انتقالهم إليه فى مجال فرز وجمع القمامة، وهو العمل الذى يصعب تنفيذه بالمشروع الجديد، لذا جرى توفير أعمال مناسبة ولائقة لهم عبر استخدام «البدرومات» بالعمارات السكنية، بالمرحلتين الأولى والثانية، فى إنشاء مصانع لصناعة ملابس الأطفال والتفصيل وصناعة السجاد اليدوى والسِبَح، وفرت نحو 1500 فرصة عمل، بمعنى أنها فتحت أبواب رزق لعدد مماثل من الأسر، ويجرى حاليًا تصدير منتجات أهالى الحى إلى ألمانيا.
وذكر أن هناك اهتمامًا كبيرًا لدى الصندوق بفتح مساحات حوار واستماع مع السكان، لمعرفة مشكلاتهم وحلها واستكشاف مواهبهم واستغلالها على أكمل ما يكون، سواء كانت رياضية أو إنتاجية، وتجلى ذلك فى اكتشاف مواهب رياضية بالحى حصلت على ميداليات ذهبية عديدة فى إحدى البطولات التى تمت فى لعبة «الجودو»، على سبيل المثال، كما اكتُشفت مواهب فنية، سواء فى مجال التمثيل أو الرسم أو الغناء أو إلقاء الشعر، ونُظم لهم حفل حضره كبار المسئولين، ويستعين بهم حاليًا فنانون مشاهير، سواء فى كتابة الأشعار للأغانى أو فى التمثيل أو معارض المواهب الفنية.
وأشار إلى أن «الأسمرات» كان تجربة مكتملة فى خلق واقع اجتماعى له سمات ثقافية مختلفة، وقادر على الإنتاج والإبداع وتقديم المواهب فى شتى المجالات، لافتًا إلى أن التجربة يجرى تعميمها حاليًا فى كل مشروعات تطوير العشوائيات التى يجرى إنشاؤها لخلق مجتمعات مماثلة تتحلى بنفس الثقافة وروح العمل والإنتاج.
وذكر «حنفى» أنه لدى الصندوق إدارة تسمى «المشاركة المجتمعية» مختصة بالنواحى الاجتماعية والاقتصادية لأهالى المناطق العشوائية، بهدف تنميتها وتعزيزها بالإمكانيات اللازمة، كما يجرى حاليًا التنسيق مع وزارة التضامن لإعداد خطة لتوفير فرص العمل وبرامج تغيير السلوك، والاستفادة من القوى البشرية الهائلة بهذه المناطق، بحيث تصبح قوة اقتصادية لها دور فى تنمية الاقتصاد.
وشدد على أن الصندوق لا ينتهى دوره عند تسكين المنتقلين فى الأماكن الجديدة، بل يمتد إلى متابعة الخدمات التى تقدم، وتهيئة البيئة للثقافة المختلفة، ووضع من أجل ذلك خططًا لتفعيل المشاركة المجتمعية بين السكان، وآليات لاستغلال الموارد البشرية فى الإنتاج.
وقال إن المنهجية التى يتبناها الصندوق تعتمد على دمج كل المواطنين فى المجتمع دون تمييز، إضافة إلى إشراك كل قطاعات السكان فى مسئوليات مجتمعية، مثل الخدمات العامة التى تقدم أو المشروعات، إلى جانب اكتشاف العناصر الجيدة والاستفادة منها فى مجالات الإنتاج المتعددة.