رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لولى ومرجان «12»

محمد العسيري يكتب: رمضان في فضاء الأغنية البديلة

جريدة الدستور

فى زمن ليس بقريب ذهبت باحثة غربية إلى صعيد مصر، وعاشت هناك ترصد العادات والتقاليد والطقوس.. لم تنبهر مثل غيرها بحكاوى السحر والعفاريت والمطاريد، لكنها استخدمت «الدم البارد» جسرًا لترصد وتصور وتكشف، ثم كتبت «الفلاحون المصريون المحدثون مغرمون بالقصص بالقدر نفسه الذى كان عليه أسلافهم فى زمن هيرودوت».

«تواشيح» محمد منير وأنغام ومدحت صالح
ما لم تقله «وينيفريد بلاكمان»، هو أننا مغرمون بالقدر نفسه بإعادة حكاياتنا بأكثر من طريقة.. ولكنها نفسها الحكاية.. ألسنا من قال «التاريخ يعيد نفسه»! ورغم أننا نستنكر ذلك، فإننا إن لم يعد التاريخ نفسه بنفسه أعدناه نحن.. نشتاق إليه حتى كأننا نتعبد فيه.. نهرب من حاضرنا دومًا إليه.. نرتاح فى سريره وكأننا لا نصحو أبدًا.. أو لا نريد أن نصحو.. وإذا ما حدث وخرجنا عن «سِلو بلدنا».. أصبح الخارجون عن «النهر وسكونه شوية مجانين».. ومن هؤلاء من سميناهم «جيل الأغنية البديلة».
ظهر هذا الجيل عقب صدام الرئيس السادات مع قطاع كبير من الشباب المصرى بعد كامب ديفيد.. ومع قطاع أكبر من مواطنيه بعد مظاهرة «الخبز».. ولما زادت الفجوة بين «الرسمى والشعبى».. دخل السلفيون ورجال الإخوان المسلمون وتيارات الظلام بسلاحهم إلى أقسام الشرطة، وإلى ساحة العرض العسكرى وقتلوه.

قبل اغتيال الرئيس السادات بأربعة أعوام فقط مات عبدالحليم حافظ.. وأعلن مذيع الحفل الرسمى عن قدوم «الصوت الجديد» على الحجار.. وذهب بليغ حمدى يبحث عن رجال جدد لبلاط دولته الموسيقية، فكان الحجار ومحمد الحلو وتوفيق فريد.. وظهر ما يسمى الأغنية البديلة.

افترش الظلاميون الرصيف بكتب التهديد والوعيد.. فيما أحمد عدوية لا يزال يتوغل فى البلوكات.. وقاعات الفنادق الكبرى معلنًا «أديك تقول ما خدتش.. وإن خدت ما تدينيش».. وأخذ الظلاميون كل المساحات الفارغة فى عقول المصريين وساحاتهم الشعبية، فعرفنا «الأناشيد الإسلامية» فى الأفراح.. عرفنا الأغانى بدون «إيقاع» واختفت إيقاعات الروح المصرية بعمد أحيانًا.. وبدون قصد فى أغلب الأحيان.

فتح نظام حسنى مبارك صفحة جديدة مع معارضى الرئيس السادات.. وفتح المجال لشركات كاسيت جديدة ولرجال أعمال امتلكوا كل شىء.. أراضى وسواحل ومدنًا جديدة وقنوات تليفزيونية أيضًا وفرح «الإخوة المواطنون» بما سموه «هامش التعبير» وهامش الحرية.. واشتد الصراع فى الشارع ما بين قوى الظلام وأغنية بديلة لم تبلغ عنفوانها.. وفى وسط هذا كله «جاء رمضان وراح».. وظلت أغنياته القديمة تسيطر على الشاشات باستثناءات قليلة فرضت طبيعة الصراع بين ذلك الجيل وقوى الظلام التى تحرم الغناء من أصله.. وبين «تجار الكاسيت والقنوات» ودخل الوهابيون على الخط.. خط الغناء مثلما دخلوا إلى شوارع مصر.. بجلابيبهم القصيرة.. وأصوات المقرئين الخالية من أى «تجويد».. وتلاشت دولة «تلاوة القرآن فى مصر» أمام ذلك الزحف الذى صاحبه زحف أكبر لسيطرة خليجية على سوق السينما والموسيقى، ورمضان يعيد نفسه بنفس طريقة المصريين فى الإعادة إفادة.. والتكرار يعلم الشُّطّار.. وانتقلت أى محاولات رمضانية لتطوير أشكال الغناء فيه والتى بدأت بالصور الغنائية الإذاعية فى الخمسينيات.. ثم المسحراتى فى الستينيات وما بعدها.. ثم الفوازير التى عرفناها من خلال الإذاعة ثم من خلال شاشة التليفزيون «الملون».. إلى أن تماهت تمامًا فكرة التعبير مع «الترفيه».. وتقديم منتج استهلاكى يرضى ذوق «السلطة» التى «قررت استهلاك ذلك الهامش» وإرضاء الكفيل من ناحية أخرى.. فى الوقت نفسه الذى منحت فيه الفرص كاملة للتيار الظلامى ليحرم كل شىء.. وكان عنده مبرر طبعًا.. لأننا كنا نقدم له فنًا هابطًا بامتياز!

تلك السنوات الثلاثون هي عمر جيل الأغنية البديلة فى مصر.. الذى ظهر فى لحظة فارقة.. وكافح.. وتعثر.. وانكسر.. لكنه قدم تجربة غنائية سجلت أسماء مبدعيه فى سجلات الغناء المصرى المختلف.. لكنهم فيما قدموه لرمضان لم يكونوا مختلفين على الإطلاق إلا فيما ندر.. وحسب ظروف وذوق وقدرات المتعاونين مع كل مطرب منهم على حدة.

*وسجدنا فى براح السيدة نفيسة
على إبراهيم الحجار المولود فى الرابع من أبريل عام ١٩٥٤.. هو أول من أعلن عن قدومه من أبناء ذلك الجيل.. بداياته مع عبدالرحيم منصور وبليغ حمدى.. وصلاح جاهين وسيد مكاوى من بعدهما فى «الرباعيات» بما فيها من تجليات «إنسانية» ونشأته الشعبية فى حى رمضانى بامتياز هو حى إمبابة.. وتربيته الدينية فى كنف إبراهيم الحجار منحته ميزات إضافية، ليكون الأقرب إلى أجواء صوفية صرفة.. فكان أن قدم بداية مع آخرين «بردة البوصيرى» وجاءته الفرصة طيعة عندما أخبره صديقه الشاعر جمال بخيت، أنه سمع أغنية دينية فذة فى بيت فؤاد حداد من ألحان حسين فوزى فكانت «حرمًا يا سيدى» التى تعارفنا على اسمها الشعبى «صلّينا الفجر فين».

وقد اجتزنا قنا إلى شيخ العرب
فى بحر من ترف أصحاب المولد
حرمًا يا سيدى..
وسجدنا فى براح السيدة نفيسة
إذ قال جدها الأرض مسجدى
وبدمع من سماح..
قربت إلى السماء
الأرض المستغيثة وبلاد مسعد..
حرمًا يا سيدى



الخطوات التى التمسها الحجار من حداد وجاهين.. كانت تصاحبها نزعة صوفية كامنة لدى الرجل الذى ذهب إلى الأزهر الشريف، وحصل على إجازة تسجيل القرآن الكريم بصوته، وهو الأمر الذى أنجزه على فترات متباعدة خلال رحلته التى اقتربت من نصف قرن من الغناء، وخلفت ما يزيد على خمسة آلاف أغنية من بينها عشرات الأدعية والألبومات الدينية الكاملة، والتى أنتجها من جيبه الخاص.. ومن بينها أغنيتان للشهر الكريم إحداهما تدور فى نفس الفلك الموسيقى والشعرى القديم والمعتاد.. ومن كلمات وألحان أسامة الدمسيس غنى «شرفت يا رمضان».

كنافتك حلوة يا عم عزيز
بالجوز واللوز والطعم لذيذ
يا شهر الخير أشكال وألوان
يا ريت السنة كلها رمضان
فى كل حتة نروح فيها
موائد رحمن
يا بخت من فطّر صايم
يوم من رمضان
هنصلى التراويح فى الأزهر
وهنقعد للفجر نكبر


وربما كانت هذه الأغنية العادية، أول أغنية ترصد ظاهرة موائد الرحمن.. التى انتشرت فى القاهرة المباركة بشكل كبير، وكان يقيمها «رجال أعمال عصره» وعدد من الفنانين فى مقدمتهم فيفى عبده وشريهان والتى تلاشت أواخر أيام مبارك.. إلا أن السجل الغنائى الكبير للحجار، لم يكن يسمح بأن تمر السنوات دون أغنية حقيقية اكتملت عناصرها وتواءمت مع التجديد الموسيقى الذى صاحب التمرد الذى تميز به أبناء هذا الجيل، فكانت كلمات ناصر رشوان وموسيقى أمير عبدالمجيد- الأخير يقيم مقرأة سنوية فى شهر رمضان وعرف عنه التزامه الصوفى بعد اقترابه من الشيخ الحبيب الجفرى.. وقدراته الموسيقية واضحة جدًا فى لحن استعرض فيه عضلاته تمامًا مع صوت يعرف هو جيدًا أنه قادر على امتلاك ناصية «جواباته وقراءاته»، مما ساعده على تقديم أغنية «مودرن بروح صوفية شرقية».

رمضان كريم
الله أكرم
ندهة أدان مغربه أرحم
دى النسمة بتهفف وتفوت
برد وسلام على من أسلم..
رمضان كريم.. الله أكرم



ناصر رشوان الذى سبق له التعاون مع الحجار وأمير عبدالمجيد فى أغنيات عاطفية ووطنية، وجدها فرصة لاستعراض عضلاته هو الآخر.. وربما كانت هذه الأغنية الأولى التى تسجل ملامح وأسماء من عصرنا الحديث أصبح وجودها فى رمضان جزءًا منه:

رمضان وحِس الشيخ رفعت
النقشبندى صدى الكروان
يا مصر يا مآمنة برفعة المصطفى
وحافظة القرآن
يامطّمنة بآل البيت
أنا يا حسين زرت وصليت
شاهدت نور النبى وبكيت - أطعمنى أكرم من أكرم

الاستعانة بأولياء الله الصالحين طقس مصرى يومى، لا يقتصر على رمضان فقط وتلك الأجواء التى رصدتها أغنية رمضان كريم للحجار.. صهرت الروح المصرية وطقوس رمضان بآل البيت بالإنسان المصرى الذى يرى رمضان نفسه «إنسان بيدعى للاسم الأعظم».

يا مصر يا مرسى الحيران
يا حتة م الجنة فى رمضان
رمضان كريم ابنك إنسان
بيدعى للاسم الأعظم
رمضان كريم.. الله أكرم

*الكينج فى رحاب أبوالحسن الشاذلى
ينتمى محمد منير إلى إحدى قبائل أسوان التى يعيش أهلها علاقة غرام ممتدة مع التراث الصوفى، ولذلك لم يكن غريبًا أن يقدم بالمشاركة مع الشاعرة كوثر مصطفى ألبومًا كاملًا باسم «مدد» أغنياته وكلماتها على صلتى مصاهرة ونسب واضحتين مع تراث الطريقتين الميرغنية والشاذلية والأغنية الرئيسية فيه «مدد» تعود كلماتها إلى «أبوالحسن الشاذلى».

ارحم محبينك
ماتوا على دينك
محلى سواد عينك
حبى رسول الله
رأيته فى النوم
نزلت دموعى عوم
يا ناس أنا المغرم
فى حب رسول الله

كلمات أغنيات الألبوم لم تكن وحدها التى تنتسب إلى الميرغنية والشاذلية، بل والموسيقى أيضًا تلك التى استدعت استعانة منير بفريق منشدى الطريقة الميرغنية فى إحدى أغنيات الألبوم، وإضافة «لوبز غربى» لها من خيال فريق «شاليك» الألمانى.

مدد.. مدد.. مدد
مدد يا رسول الله..
أقسمت بالقرآن
وبسورة الإنسان
العدل فى الميزان
لكل خلق الله



رسالة محمد منير كانت واضحة.. «العدل» وأيضًا حرمة الدم الذى سال لاختلاف الحضارات.
أقسمت بالإسراء
وببراءة العذراء
الدم كله سواء
حرام بأمر الله
من يملك تلك الرؤية وتلك العلاقة الصوفية، من الطبيعى أن تجده فى أحد التجليات الرمضانية التى كتبها نبيل خلف، ولحنها وليد سعد الذى عاد لاستعارة الجملة الفلكلورية القديمة «وحوى يا وحوى»، ولكن فى صورة عصرية تناسب الأيام الأخيرة من السنوات العشر الأولى من الألفية الجديدة.

رمضان جنة
جات من الرحمن
شمعة بتكبر
فى فانوس أخضر..
رمضان فرحة
شجرة وطارحة..
إدينى بلحة..
بيتك عمران بياميش رمضان



*سينا كولا فى الغناء الرمضانى
تجاوز مطربو جيل الثمانينيات، فكرة الصورة الغنائية التى قدمتها الإذاعة.. والمسحراتى.. والفوازير.. إلى شكل غنائى جديد «مدفوع الثمن» من أصحاب الشركات الكبرى فى مصر.. حيث حل «الإعلان الرمضانى» بديلًا لتلك الأشكال الغنائية القديمة.. فشارك محمد منير فى إحداها.. وكذلك فعل الحجار.. ثم مدحت صالح الذى قدم أغنية كاملة لشركة مشروبات غازية من الدرجة الثانية أذاعت أغنيتها- إعلانها فى محطات بير السلم- فلم تجد الأغنية طريقها للذيوع مثل الإعلانات الأخرى.. إلا أنها تظل واحدة من الأغنيات الرمضانية التى رصدت طقسًا شعبيًا مصريًا رائعًا يعرفه شباب الحارات الشعبية.

كان يا ما كان
كان بيت صغير
وابن الجيران عمّال يطير
حبّة حمام طايرين فوقيا
وحشتنى الأيام دى هيه
وألاقى كورة خبطت فى رجلى
ما دريتش بيا ولقيتنى بجرى
ساعة الفطار فى المغربية
رمضان كريم فى اللمة ديّه



كلمات أغنية مدحت صالح ابن جيل الأغنية البديلة، استفادت كثيرًا من تجارب شعر العامية المصرى لدى جيل الثمانينيات والتسعينيات.. فالأغنية تجاوزت الشكل القديم فى المذاهب والكوبليهات.. وتجاوزت المعانى المباشرة للتعبير عن طقوس الشهر الكريم.. كما تجاوزت شكل الإيقاعات القديمة وبلغت ذروة التجاوز باستخدام «الإعلان» داخل الأغنية ذاتها.

حُبِّك يا بلدى فى الحتة ديّه
وسينا كولا برضه فى إيديا
أكُلّى لقمة.. وأشرب شوية

ذلك الأمر هو نفسه الذى قدمته دنيا سمير غانم فى إعلانها فى السنة التالية لأغنية مدحت صالح وأسهمت الموسيقى الملطوشة من فيلم «شمس الزناتى» فى نجاح مبهر للأغنية.

جارى يا جاري
يا حتة سكرة
خُلقك ضيق
قايسينه بمسطرة
لكن دمك خفيف والضحكة منورة
رمضان عايزك لطيف ما تبطل زمجرة



حلب تستدعى هانى شاكر
لم يكن هانى شاكر من جيل الأغنية البديلة.. فقد ظهر قبلهم بسنوات.. لكنه استمر بشكله الغنائى الكلاسيكى إلى جوارهم.. وكان من الطبيعى أن يشارك فى «زفة أغانى رمضان»، لكنه قدم أغنية مختلفة عما قدمه محمد الحلو وسوزان عطية وإيهاب توفيق من أغنيات كلاسيكية تمامًا.. قدم هانى شاكر شكلًا كلاسيكيًا قبلهم من ألحان محمد ضياء الدين.. لكن الموضوع الذى ناقشته أغنيته، جاء فى سياق مختلف متناولًا بارتباك شديد ما يحدث فى سوريا.. ولأن معظم متابعى المشهد السياسى اختلط عليهم الأمر ما بين فكرة «المؤامرة» و«الغرابة» فيمن يحارب على تلك الأرض، اختلط الأمر على المطربين وأهل الفن أيضًا.. وظهر ذلك الارتباك فى أغنية هانى شاكر جليًا.

رمضان كريم يا حَلب
ما تقولش مين السبب
أو مين بيظلم
سوريا اللى كان مجدها
يبنى ويعلى..
بيضيع وضاع مجدها
طب مين حيسلًّم..
لو ع السحور فى الأكل
أنوى ع الصيام
لو ع الفطور..
منين هتاكل أو بكام
الجوع حليفك
بس مخلص ليك
والدنيا تدفن راسها بيك
زى النعام



لا يوجد موقف سياسى أو صوفى واضح فيما كتبه محمد صلاح عطية لهانى شاكر.. وربما لهذا السبب لم تعش رغم إنتاجها فى وقت متأخر من «سنوات الربيع العربى» الذى لم يعد ربيعًا على الإطلاق.

*كوتشينة أنغام.. وقهوة حكيم
حتى الساعات الأولى من أول أيام رمضان ٢٠١٩.. كانت أنغام تجرى بروفات أغنيتها الأولى عن رمضان.. تلك التى كتبها أمير طعيمة ولحنها خالد عز.. والتى حاولت فيها «نجمة المصريين» فى السنوات الأخيرة أن تحجز مقعدًا فى «قطار الأغنية الرمضانية»، لكن صانعى أغنياتها الناجحة فى تجاربها العاطفية والقومية.. لم يقدروا حجم تجربة أنغام فى التمرد وكسر المألوف فى كلمات وموسيقى أغنياتها، وقدموا شكلًا عاديًا للغناء الرمضانى لا جديد فيه سوى رصد أمير طعيمة لحالة مصرية خالصة وهى «لعب الكوتشينة والدومينو على المقاهى» فى رمضان.

فوانيس متعلقة على الشبابيك
وخيوط الزينة على العمارات
والأكل اللى يزغلل فى عينك
وكنافة بيسقيها الشربات
كوتشينة ودمينو على القهوة
ويّا صحابنا..


ومثلما فعلت أنغام، فعل هشام عباس من سنوات فى أغنيته هل هلاله.. لكنه كان يستعيد ذكريات طفولته الرمضانية.. ولا يرصد جديدًا.

جات على بالى
ابتسامة الشعراوى قبل المغرب وهو بيفسر القرآن
صوت المنشاوى..
قراية الطبلاوى والشيخ محمد رفعت
وحلاوة الأدان..
والجامع اللى جنب بيتنا
وهوه مليان بناس كتيرة بره وجوه
ولمة العيلة.. وعيلة العيلة
وسحورنا مع بعض كل ليلة


هشام عباس نفسه استعاد طقسًا غنائيًا مهمًا من طقوس الغناء الرمضانى عندما أعاد توزيع وغناء أسماء الله الحسنى التى قدمها سيد مكاوى بأصوات الشيخ سيد النقشبندى والشيخ محمد الفيومى وآخرين فى ستينيات القرن الماضى.. ونجح إلى حد كبير فى غنائها، فيما فشل آخرون منهم جورج وسوف وصباح فخرى كونهما قدما ألحانًا لأسماء الله لم تكتشف سر هذه الأسماء موسيقيًا كما فعل المخضرم سيد مكاوى.
رصد التفاصيل الصغيرة فى رمضان الألفية الجديدة.. جاء فى أفضل حالاته مع صوت «حكيم» الشعبى.. وهو رجل أزهرى وبالأساس يحفظ تراث الغناء الصوفى الصعيدى كاملًا، وصاحب تجربة فى توظيف الموسيقى الشعبية بشكل حديث صنعه له واحد من قادة التمرد الموسيقى فى جيل الأغنية البديلة هو حميد الشاعرى.

تجربة حكيم هذه المرة، جاءت من خلال شكل رمضانى غنائى مختلف هو «التتر التليفزيونى» لمسلسل درامى تصادف أن جاءت أحداثه الدرامية أو اختار المؤلف أحمد عبدالله لها ذلك السياق فى ثلاثين ليلة رمضانية، حيث تبدأ أحداث مسلسله مع أول يوم فى حارة مصرية شعبية وتستمر حتى صلاة العيد.. ذلك الإطار فرض نفسه على أغنية المسلسل التى كتبها إسلام خليل وهو شاعر شعبى اشتهر بكتابة أغنيات شعبان عبدالرحيم.. إسلام لم يفعل شيئًا سوى أنه «لم» التيمات الشعبية الشهيرة التى ارتبطت برمضان، وصاغها فى شكل «كوبليهات» ثلاثة لم يجد هانى فاروق صعوبة فى تلحينها باستدعاء نفس التيمات المصاحبة من ألحان رمضانية أصبحت فى حد ذاتها عنوانًا له.

رمضان كريم..
فتاح يا عليم
تلاتين يوم فى هنا وسعادة..
قعدة رمضان.. حلوة يا جدعان
شهر الإحسان كله عبادة
فوانيس والعة
لمبة وشمعة
رمضان كريم زى العادة
من ده على ده
وكل يوم عندنا فيه جديد
رمضان كريم والله يوماتى
وخدى وهاتى
وكل إيد بتناول إيد
وحوى يا وحوى


لحن هانى فاروق الذى استخدم «مقامات موسيقية» شعبية وتيمات «لازقة» فى الأذن المصرية.. استخدم نقلات مرنة سمح صوت حكيم «الواسع» بأن تمر بسلاسة فى انتقالاتها ما بينه وبين «كورس الأطفال».

زينة فى الشوارع وفانوس على كل بيت
والنور مالى الجوامع.. لو رحت ولا جيت
والقهوة اللى فى حارتنا تفتح بعد الفطار
وبياع الكنافة عنده زباين كتار
واسمع فى الراديو عندى
تواشيح النقشبندى
والناس قوام تطير
نسّحر بدرى بدرى
والحارة بحالها تجرى..
ع الجامع الكبير
نجاح مسلسل «رمضان كريم» بنجومه سيد رجب وريهام عبدالغفور وصبرى فواز وغيرهم.. وتصوير الأغنية بحكيم نفسه داخل الحارة التى جرت فيها أحداث المسلسل وبتقنيات سينمائية أجاد المخرج سامح عبدالعزيز توظيفها.. قطعًا ستمنح الأغنية ميزة إضافية تسمح بإعاشتها سنوات طويلة قادمة.. كواحدة من أفضل الأغنيات الرمضانية التى صاغها الجيل الجديد فى مصر.