رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فوبيا الزواج.. حكايات خاصة عن الهروب من الارتباط قبل ليلة العمر

جريدة الدستور

رغم أنه حلم فتيات كثيرة، في أن يأتي يوم زفافها وأن تصبح عروسة يحكي عنها الجميع، إلا أن ذلك اليوم مثل فزاعة لدى آخرين، أدى بهم إلى الهرب قبل ساعات من إتمام اليوم، بدون تفسير واضح لهذه الرغبة في الهروب من الارتباط، وترك شريك العمر بلا أي تفسيرات واضحة للهروب.

«الدستور».. رصدت حكايات خاصة لفتيات هربن في تلك الليلة

آية طارق، فتاة عشرينية من محافظة الإسكندرية، تقول: "قبل عامين من الآن كان عمري 17 سنة، أعلم أني لم أكن على قدر كافٍ من الوعي، ولكن كان لدى إحساسي الذي لطالما أثق به، لم يكن تعارفنا صدفة وإنما كانت هناك قصة حب بيني وبين هذا الشاب حتى أنه قرر أن تأخذ علاقتنا شكل جدي أكثر؛ ليأتي إلينا لمقابلة والدي واتفقنا على قراءة الفاتحة".

"بمرور الأشهر، وبطبيعة الحال تعرفنا على بعضنا أكثر فكنا نتقابل كثيرًا ونخرج للتنزه والجولات أكثر وأكثر"، آية تستكمل تفاصيل قصتها، قائلة: "وعلى قدر ما مر من وقت على قدر العيوب التي بدأت تظهر ولكني لم أكن أوليها اهتمامًا، واعتقدت أن في استطاعتي ومقدوري أن أغير الكثير من شخصيته للأحسن فلا يوجد أي إنسان خالي من العيوب".

تابعت أيه: "ثماني أشهر بالتمام والكمال مروا، لم أشعر بمرور الوقت نهائي، حتى لقيت أنه لا يفصلني بين وبين حفل الخطوبة سوى أسبوع واحد فقط، بدأت أفكر كثيرًا في هذه الخطوة وأسأل نفسي هل أنا على استعداد لاتخاذ مثل هذه الخطوة الجدية في هذا الوقت، ولكني لم استطع أن أجد تفسير لحيرتي تلك، أم هل أنا خائفة من هذه الخطوة، أم أي ليست لدي القناعة الكافية للارتباط بهذا الشخص، ولكن إذا كانت عيوب هذا الشاب هي السبب فلماذا أنا أتراجع الآن بعد مرور أكثر من 10 أشهر".

"بعد تفكير عميق وجاد قررت الانسحاب، قررت أن انفصل عن هذا الشاب، أعلم أني تأخرت كثيرًا لاتخاذ مثل هذا القرار ولكني بالأخير اتخذته، وعلى كل حال لم أندم عليه بل شعرت بكثيرًا من الراحة"، بحسب رواية آية.

الطريقة التي انسحبت بها آية لم تختلف كثيرًا عن هروب شيماء التي قررت الانسحاب في قبل ليلة العمر بأسبوعين فقط.

شيماء حلمي، عشرينية وتخرجت من كلية الآداب، تحكي لـ "الدستور"، انسحابها قبل العرس بأسبوعين، قائلة: "لم يكن حبا عابرًا، فقد دامت قصة حبنا 6 سنوات، اتفقنا على أن نكلل هذا الحب بالخطوبة ومن ثم الزواج".

اتفقنا على الخطوبة ومن بعدها الزواج، فكان شاب ذو مركز اجتماعي جيد، ويعمل كمهندس فمعظم البنات تهتم بهذه الظواهر، فضلًا عن حبنا لبعض فكان اختياري، ولم يكن زواجًا تقليديًا.

تابعت شيماء: "دائمًا تكون الرؤية أوضح عندما نقترب أي ما أقصده هو أن الإنسان لا يستطيع أن يخفي عيوبه كثيرًا وسرعان ما تظهر معادن الناس في المواقف وبالتحديد في الشدائد، وعلى كل حال، كنت أحبه كثيرًا وكلما أقترب موعد الزفاف كنت أخاف كثيرًا أيضًا، لم أعلم لماذا كان ينتابني الشعور بالخوف والريبة منه أو من خطوة الزفاف نفسها، لم أستطع أن أقرر لأي سبب ينبع كل هذا الخوف، ومع ذلك الجميع أوهمني بأن هذه المشاعر طبيعية وكل البنات تمر بها نظرًا للخوف من المسئولية والخوف من قرار الدخول عش الزوجية نفسه".

بضعة أسابيع تفصلني عن ليلة العمر التي تتمناها جميع الفتيات، انشغلت أنا وهو في الترتيبات الشاقة للزواج وتجهيزات عش الزوجية، وكنا يوميًا ننزل لإنجاز كل هذه الأمور قبل حفل العرس، وفي إحدى المرات وبينما نحن نتجول في المحلات لشراء الموبيليا وجدتني أخلع الخاتم من بين أصابعي وأعطيه إياه مغلفًا باعتذاري له وأنسحب في هدوء تام وأتركه.

محمود شاب ثلاثيني ويعمل موظف لدى إحدى الجهات الحكومية، مثله مثل معظم الشباب والفتيات الذين يهربون من فكرة الزواج.

بدايًة، يقول محمود لـ "الدستور": "دائمًا ما أجد إصرار من أسرتي على ضرورة الزواج أعلم جيدًا أنهم يريدون أن يفرحوا بي خاصًة وأني ولدهم الوحيد، ولكن فعلًا فكرة الزواج لم تشغلني كثيرًا ولم أعطي لها اهتماما".

يتابع: "محاولات كثيرة من أهلي للضغط عليّ لأقابل إحداهن أو حتى أراها لمجرد أن نتعارف على بعضنا باءت بالفشل ولكن كادت أن تصيب هذه المرة".

"بنت مهذبة، تعمل مدرسة، وعلى قدر من الجمال، ليس هناك أي حجة لي حتى أهرب هذه المرة، انصعت لرغبة أهلي وبالفعل حددنا موعد زيارة لأهل هذه البنت، رأيت البنت وتحدثنا سويًا وباعتباره زواجًا روتينيًا، فكانت المقابلة قد رتبها الأهل".

يضيف: "أنا لم أنكر إعجابي بها وبتفكيرها خاصة أنها كانت لديها من الثقافة ما يجعل أي أحد أن ينجذب لها ولحديثها"، ليس هناك مجال للمفر هذه المرة، واللقاء الثاني بعد أيام، فماذا عساي أن أفعل، حتى أن البنت وافقت بشكل مبدأي، والأهل من الطرفين مرحبين، وبالنسبة لي لم أكن أريد أن أكسر هذه الفرحة التي رُسمت على وجوههم"، بحسب رواية محمود.

"الأيام تمر والموعد يقترب، حتى أن ميعاد المقابلة الثانية غدًا، ولكن على أي حال أن يحزنوا ساعة أفضل لي من أن أشعر أنا بعدم الراحة بقية حياتي، كان هذه قراري، وأبلغت أسرتي بألا ينتظروني لأن اليوم لدي عمل كثير ولم أستطع أن أذهب معهم لهذا المشوار وطلبت منهم أن يعتذروا لأهل هذه الفتاة المهذبة، وأعلم أن العمر يمر دون أن نشعر وأن الزواج هو سنة الحياة ولكن ثمة أمر ما يجعلني دائمًا انسحب في اللحظات الأخير"، هكذا اختتم محمود حديثه.

الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أكدت أن عدد عقود الزواج بلغ نحو 913 ألف حالة في 2017، بلغ عدد حالات الطلاق 198 ألف حالة، وهو ما يعني أن مصر شهدت 21.7 حالة طلاق أمام كل 100 حالة زواج في 2017، وهو من أقل المعدلات على مستوى العالم وعلى مستوى الدول العربية أيضًا.

وأشار إلى أن إجمالي عدد المطلقات في مصر في 2017 بلغ نحو 460 ألف سيدة، بحسب تعداد السكان لعام 2017.

فيما يتعلق بحالات الطلاق، بلغ عدد حالات الطلاق التي وقعت لسيدات تقل أعمارهن عن 20 سنة نحو 10 آلاف حالة، تمثل 5% من حالات الطلاق التي وقعت في 2017.

الوسواس القهري أحد أساب هروب هؤلاء الشباب والبنات من فكرة الزواج والارتباط الجاد، بحسب دكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، فيقول لـ"الدستور" أن هروب الشباب والفتيات قبل لحظات من الزواج مرجوعه النفسي أسباب عدة منها الوسواس القهري وهو أحد هذه الأسباب والتي تتلخص أعراضه في صعوبة اتخاذ القرارات الحاسمة.

يضيف: "ظاهرة الهروب من الزواج بين الفئات العشرينية والثلاثينية تتزايد، وكل حالة تختلف أسبابها ومخاوفها من هذه الخطوة بحسسب ما مرت به من تجارب حياتية، فهناك من يخاف من فكرة الارتباط الرسمي وليس لديه أي مانع في الدخول في نزوات وعلاقات غرامية كثيرة بشكل غير رسمي ولكن بمجرد أن تعرض عليه فكرة الزواج الرسمي سرعان ما تجده يتهرب منها".

يتابع: "هناك أيضًا من هم يتفننون في إفساد العلاقة بأي طريقة ممكنة حتى وإن كانوا يكنون بعض المشاعر للطرف الآخر ومع ذلك يسلكون طرق عدة حتى يتنسحبوا من هذه العلاقة، وهناك من هم يخافون من المسئولية التي تقع على عاتقهم بعد الدخول في عش الزوجية".

وعن التعافي والعلاج من كل هذه الوساوس، يوضح "فرويز"، أنه لا يحدث التعافي إلا إذا كان الشخص نفسه لديه رغبة في التعافي من هذه الأعراض، كما أن للذكريات السيئة أثرها السلبي في نفسية الشخص، فالبعض دخل علاقات لم تنجح وقام بتعميم هذا الفشل على بقية التجارب، أو كفشل زواج الأبوين، فبجانب الرغبة الداخلية للشخص للتعافي من هذه الوساوس القهرية هناك جلسات نفسية وفقًا للعلاج المعرفي وهو أحد الطرق المتبعة في الطب النفسي، وما إذا تطلب الأمر هناك أدوية طبية ننصح بها وقت الحاجة.